الإبتزاز الإلكتروني وجه آخر لإنهيار أخلاق المجتمع والفرد

  • منذ سنة - Thursday 03 November 2022

رشا كافي
صحافية يمنية وناشطة سياسية-محررة  في AF

الإبتزاز الإلكتروني وجه آخر لإنهيار أخلاق المجتمع والفرد

AF


إنتشر مؤخراً بشكل لافت ظاهرة إلابتزاز الإلكتروني للفتيات، ومع تقدم التكنولوجيا وتزايد الإنفتاح الرقمي وفي ظل عدم وجود قوانين صارمة تحد من جرائم التحرش والابتزاز الإلكتروني وعدم قيام الأجهزة الأمنية بدورها ،تزداد توسع الظاهرة في اليمن أكثر من السابق، بالإضافة إلى عدم وجود ثقافة مجتمعية تحتوي ضحية الإبتزاز بل تلقي اللوم على الضحية وتحملها أعباء نفسية فوق الضغوطات النفسية والخوف التي تتلاقها الضحية من المبتز نفسه.

 

 وكل ذلك ضمن أنماط ثقافية تحيط بجسد المرأة كرستها الثقافة الذكورية المتراكمة، فجسد المرأة بحسب هذه الثقافة ملك لعائلتها وقبيلتها والعادات والتقاليد التي غُلف بها، وليس ملكها وحدها وهذه النقطة التي يشتغل عليها المبتز فبحسب الأعراف الإجتماعية الدخيلة في معظم مناطق اليمن وجه المرأة عيب وعار كبير أن ينشر وجه صورة فتاة محتشمة، بحسب أيضاً معنى الإحتشام الذي حدده الدين الإسلامي والمجتمع المتدين، فما بالك بنشر صورة لجسد المرأة كاشفة.


 لذلك عندما يتم إبتزاز فتاة بصورة لها تشعر الضحية بالخوف الذي قد يوصلها إلى الإنتحار خصوصاً مع خوف الضحية من مصارحة عائلتها والخوف من أن يتم لومها أو حتى قتلها فإنتشار صورتها ضمن جلب العار للعائلة، والمسؤول الأول بحسب هذا اللوم المرضي هي المرأة حتى وإن كان قد تم سرقة صورتها او تم تهكير هاتفها يتم التشكيك بأخلاقها، وأنها هي من أرسلت تلك الصور وعلى علاقة مع المبتز مما يشكل ضغط نفسي أكبر عليها فتضطر الضحية أما لمساومة المبتز وأعطائه ما يرد، وإما تقرر الانتحار خصوصاً عندما ترفض الرضوخ لشروطه والتي في الأغلب تكون شروط لا أخلاقية.

 

فكثير من القصص التي يتم تداولها بشكل شبه يومي حول إنتحار أو محاولة إنتحار ضحايا الإبتزاز وليست سارة علوان إلا جزء من هذه الحالات التي تفقد القدرة على الإستمرار في مواجهة الإبتزاز.


علينا كسر تابو العار الذي أحيط بجسد المرأة وليس الضغط على نسائنا بعدم إلتقاط صور شخصية لهن بهواتفهن فنحن نعيش في عالم مفتوح ومنفتح على التكنولوجية، وأصبحت الكاميرات متواجدة في كل مكان بدأ من الأقمار الصناعية وليس إنتهاء بالمحلات التجارية والشوارع، فنحن مكشوفون أمام هذا الكم الهائل من عدسات الكاميرا وماعلينا إلا أن نحرر ربط جسد المرأة بالشرف لأن معالجة المشكلة تبدأ بكيفية تغيير نظرة المجتمع إلى أجسادنا كنساء.

 

وبتغيير مفهوم الشرف نفسه، الذي تم تجريده تماماً من المكانة العظيمة التي يحملها، وتم إعطائه دور وظيفي يعلي من سلطة الرجل ويمنحه حق السيطرة والتحكم بالمرأة ملقياً عليها كل الأخطاء التي يرتكبها هو، ذلك المبدأ بحسب الإمتياز الذكوري يمنحه حصانة الوقوع في الأخطاء كيفما شاء، بينما تم حصره في جسد المرأة وطريقة تعاملها وجميع سلوكياتها. 


فالمفهوم الحقيقي للشرف هو الصدق، الوفاء، العدل، المساواة، الحرية،  الدفاع عن الوطن هذا هو الشرف وليس جسد المرأة.

لذلك إذا أردنا مكافحة هذه الظاهرة  فعلى العائلة ثم المجتمع أن تساند ضحية الإبتزاز وتدعمه وتعمل بشكل جاد على وصم المبتز بوصمة العار وليس العكس، كما يجب أن نضغط بشكل أكبر على سن قوانين رادعة تكافح الجرائم الإلكترونية حتى يتم معاقبة الجناة بشكل قانوني يحد من إنتشار الظاهرة أكثر من ذلك، مجدداً العائلة قبل الجميع هي من يجب أن يدعم ضحية الإبتزاز لأن الخوف من العائلة هو ما يلعب عليه المبتز.