سننجوا بحياتنا قبل أن تلتهمنا القذائف المدمرة؛

  • قصص انسانيةAF
  • منذ سنة - Wednesday 21 September 2022

سننجوا بحياتنا قبل أن تلتهمنا القذائف المدمرة؛

الحرب صناعة بشرية لقتل الإنسان وتشريده.

أسامة عبد الرقيب

 


سننجوا بحياتنا قبل أن تلتهمنا القذائف المدمرة؛ كلمات يخالطها الخوف والرعب، اطلقها أهالي "قرية العنب" التابعة لمديرية حيس محافظة الحديدة في بداية منتصف الليل، بعد سماع الإشتباكات في القروى المجاورة بين جماعة "أنصار الله" الحوثيين، وقوات طارق.


حامد قديره (42 عامًا) أحد القاطنين في "قرية العنب" بعد أن وصلت الإشتباكات إلى القرية المجاورة، قرر الخروج من القرية لينجي بحايته وحياة أسرته، خوفًا أن تسرق القذائف أولاده وزوجته، تاركًا مزرعته ومواشية، وقريته التي  لم يفارقها طوال عمره، ويردد قائلاً حياتنا أهم من القرية والأرض، فالقذائف تفتك بالأرواح ولا تفتك بالأرض.


لا يختلف الحال لدى فارس(45 عامًا) القاطن في جنوب القرية الذي قرر الذهاب مع أبناء قريته، ولا يدري إلى أين يتجه كل ما يعرفه أنه سيغادر، ولا يعلم أنه يسعود أو سيظل نازحًا طوال الأبد.


الجبال تحولت إلى ملاجئ.


تشتدوا الإشتباكات فتشدوا قلوب أهالي العنب خوفًا من القذائف التي قد تسرق أرواحهم في أية لحظة، إن لم يغادورا القرية فلم يجدوا لأنفسهم مكان يختبئوا فيه سوى الذهاب إلى الجبال التي تقع في شرق القرية، لكي يحموا أنفسهم من راجع القذائف، وفي الصباح سيتجهون نحو مديرية "فرع العدين" التابعة لمحافظة إب، لسيتقروا هناك الى أن تهدأ الحرب في منطقتهم.


قضى الأهالي ليلتهم مشردين في الجبال يبحثون عن مأوى لكنهم لم يجدوا سوى أشجارًا واحجارًا كثيفه، وأصوات مخيفة، ففكروا بالمشي لكي يتخلصون من طلقات المدافع التي ظلت تلاحقهم، فمشوا متنقلين بين الجبال حتى تقطعت أحذيتهم ولا يشعرون، وكل تفكريهم كيف سيتركون منازلهم ومزارعهم وحيوناتهم وحياتهم  التي قضوها في قراهم، ويتمتمون اللعنة على الحرب وما بها من مصائب وويلات، ويتسألون هل ستسلم مزارعنا من الألغام، ومنازلنا من التفجير، وكيف سيكون مصيرنا بعد النزوح.


القذائف تقتل العائدين


نعمة إسم مستعار (40 عامًا) خرجت مع زوجها وأطفالها في ليلة الإشتباكات إلى منزل عمها الذي يبعد عن قريتهم ب 7  كيلو ليمكثوا هناك إلى الصباح،  وفي صباح اليوم التالي قررت العودة مع زوجها إلى قريتهم، فعاد على دراجته النارية وحمل معه أطفاله خالد ومحمد، بينما هي مشية على قدميها مع طفلتها هديل ولا تعلم أنه سيكون اللقاء الأخير،
وتضيف عندما أقترب خالد من مشارف "قرية الأخدوع" ويفكر في نفسه بأنه سيفتح بقالته كما يفعل ذلك كل صباح لكن أطراف الصراع لم يريدون له كذلك، فاطلقوا عليه القذائف من كل الإتجاهات لتحوله إلى أشلاء مع أطفاله، وبعد نصف ساعة وصلت فصعقت من هول ما رأت، أطفالها وزوجها قد حولتهم القذائف إلى أشلاء متطايره، صاحت ولكن لا أحد بالجوار سوى أصوات المدافع، فجمعت أشلاءهم إلى تحت شجرة وتصرخ وبعد مدة زمنية سمعها بعض من الفارين وأتوا لمساعدتها وأخذوا أشلاءهم وذهبوا إلى أن ابتعدوا عن منطقة الخطر حتى وصلوا إلى القرية المجاورة التي تبعد  عن قريتهم ب 10  كيلو  فدفنوهم هناك ثم ذهب كل منهم حال سبليه،وضلت هي تبحث عن مكان تلملم شتاتها فيه.


 وتضيف لقد دفنت الحرب حياتي وسعادتي واخذت مني كل ما أملك زوجي وأطفالي الذين قتلوا في أرضهم التي كانت آمنه ولا تعرف إلا الحب فاتت الحرب ولم تدع لي طفلًا ولا زوجًا إلا وفرطت به وبقيت مع طفلتي نصارع الحياة ولا نعرف إلى متى سنظل مشردين.