القات في اليمن .... الغيبوبة المستمرة

  • AF
  • منذ سنة - Friday 09 September 2022

القات في اليمن .... الغيبوبة المستمرة

القات في اليمن .... الغيبوبة المستمرة

تعز : عبد القوي شعلان 

القات ... البداية والنهاية .. يقول محبون لليمن ان منطلق التغيير كان يجب ان يبدا من هنا ... من ثورة تقتلع القات .. وربيع يصنع التحول الحقيقي الذي ينطلق من  المساحات  , قبل الساحات .

يقول خبراء ان نحو ثلاثة ارباع مساحة اليمن الصالحة للزراعة في اليمن، يهيمن عليها هذا ( الدلوع الاخضر ) الذي أجهز على كل بارقة امل في التنمية والتطوير في البلاد علي مدي نصف قرن.

صمت أشيه بالمؤامرة ، حيال هذا (القاتل الاخضر ) ،  أمر يدعو للدهشة والريبة في آن واحد

 لا شيء مبجل هنا في هذا البلد المنكوب غيره.. في الحرب والسلم ، في الفقر والغنى ، قات من المهد إلى اللحد ، غيبوبة مستمرة إلى الأبد ، تخديرة طالت الإنسان والزمان والمكان   , فقراء واغنياء , متعلمون واميون , جهلة ومثقفون , مواطنون ومسئولون , وفقهاء وعلماء ورجال دين ووعاظ ومرشدين ورجال فتوى ،  سلوك يومي يمارس تحت غطاء قانوني وديني ،  في المنازل والمحلات والمقاهي والمركبات والسهل والجبل والحديقة وعلى ضفاف النهر والبحر والصالونات والأدبية ومقرات الأحزاب والجامعات والمستشفيات والمعسكرات ومقار الشرطة الثابتة والراجلة ,.

مخدر أدخل أربعين مليون ، هم عدد سكان البلاد ، في غيبوبة مستمرة ،  هكذا صنفته منظمة الصحة العالمية في المرتبة الثالثة من حيث مستوي التاثير بعد الهيروين والكوكاين .

   تعالوا اذا لنرى ما هو القات؟ وماهي اضراره؟ وماهى الرؤية للخروج من  هذه  (البحشامة ) الأبدية ، و( العبوات القاتية ) القابلة للانشطار في أي وقت ,

  ما هــــو القـــــــــات !؟

  . ذكر المؤلف روشيه دي هيريكورت أنه تم إدخال القات إلى اليمن من أثيوبيا في عام 1429م ,بينما تحدث شهاب الدين أحمد بن عبد القادر وهو من منطقة جازان بالمملكة العربية السعودية من مواليد (1580م) في كتابه فتوح الحبشة : أنه زرع على يد على بن عمر الشادلي عام 1424م،كما تشير بعض المصادر إلى أن القات دخل اليمن قبل الإسلام عندما غزى الأحباش اليمن.

   وأول عالم نباتي أعطى وصفا للقات هو العالم السويدي بي فورسكال الذي دعاه  كاتاأديوليس ، وقد تم نشر وصفه بعد وفاته في الفلورا العربية المصرية وقد سمي النبات كاتا أديوليس فورسكال تخليداً لذكرى هذا العالم.

600 مليــون شجـــــرة قـــــات

   يزرع القات في اليمن في 14محافظة، وتذهب تقديرات وزارة الزراعة والري إلى زراعة نحو600مليون شجرة قات في البلاد من مختلف الأنواع.

   حيث تشير التقديرات إلى تزايد المساحة المزروعة بالقات إلى 7000 هكتار في عام 72م إلى حوالي 250.000 هكتار عام في السنوات الاخيرة.

  وقدرت مساحات زراعة القات خلال التسعينات بنسبة 77%، وهو ما يزيد على ثلاثة أمثال المساحة الإجمالية المزروعة بالفواكه في كافة أصنافها وخمسة أمثال مساحة زراعة العنب والتمور اللذان يأتيان في مقدمة قائمة المحاصيل الزراعية التي تدر عائدات نقدية.

وسيلة انحراف

 وحسب الاخصائي الاجتماعي_ موسي الطيار .. فإن اضرار القات الاجتماعية عديدة حيث تنعكس في استعدادات غير طبيعية على الانحراف وذلك نتيجة الانعكاسات النفسية المترتبة على التعاطي، علاوة علي الشعور بالأنانية وضعف الإحساس بالولاء للأسرة والوطن ,وكذلك يؤدي الي ارتكاب السرقة، والجرائم المخلة بالشرف والمروءة .

أس التخلف

الصحفي عبد الهادي ناجي  يرى أن مشكلة القات جذورها عويصة ممتدة منذ عصور وهي مشكلة تتوارثها الأجيال وهو رأس كل البلاء و هو أس التخلف في اليمن , من كل النواجي الاجتماعية والاقتصادية والتربوية والتعليمية والصحية ,

ويضيف :  القات يستحوذ على دخل الاسرة كله وهذا على حساب صحة وتعليم وتغذية أفراد الأسرة ، كما أن انشغال الجميع بزاعة القات وتعاطيه يؤدي الي فشل الأبناء تربويا وتعليميا وذهنيا, علاوة علي ذلك فإن القات سبب رئيس في الرشوة او ما يسمي بحق القات

ويتابع : القات صار ثقافة هو السلطة الثقافية والاجتماعية في حياتنا ، وهو الوسيط في كل التفاصيل الحياتيه اليوميه فالقيم الاخلاقية والسلوكية والسياسية  للصعار والكبار منطلقها ثقافة القات ، فلا زواج الا بقات ولا طلاق إلا بقات ولا تعليم ولا مذاكرة إلا بقات ولا حتى عزاء إلا بقات.. إلخ

المولعي !

  المولعي وصف دارج باللهجة المحلية اليمنية ويعني (  الشخص الاكثر تعاطيا للقات ) ولا يجد حامله حرجا في ان يحمل هذا الوصف , بل يقال  علي سبيل الفخر والزهو .

يقول دبوان الشرعبي : انا اخزن ( اتعاطي ) القات منذ 10 سنوات وحاليا عمري 20 سنة ولست متزوجا واخزن يوميا 1000 ريال يعني شهريا 30000 الف ريال ، رغم أن راتبي خمسين ألف ريال ، لكن هذه هي الحقيقة

دخل الفرد 

امين  الشرعبي يقول: حتى لو تحسن دخل الفرد في اليمن لن تنتهي المشكلة بل سيخلق ذلك زيادة في تعاطية , فليست المشكلة في الفقر والغني , ويضيف : لو كنا نمتلك نفط الخليج لن تتحسن احوالنا بل سنصبح شعبا كسولا سيحوله الثراء الي شعب كسول كله همه تعاطي القات بشكل اكبر وبدلا من الف ريال يوميا او الفين  والدولة فقيره سيخزن بعشرة الف ريال وعشرين ألف ريال اذا ما اصبحت اليمن من الدول الغنية .

و شهدت السنوات الأخيرة ظاهرة توسيع رقعة زراعة القات على نحو غير مسبوق؛ فقد أخذت زراعته تتسع بشكل مطرد؛ بحيث غطت معظم مناطق اليمن ابتداءً من المرتفعات الجنوبية إلى المرتفعات الوسطى، وانتهاء بالمنحدرات الغربية (الساحلية).

وقد ساعد على ذلك. لكونه يتمتع بمرونة كبيرة في مقاومته للظروف المناخية والطبيعية، وقدرته على تحمل موجات البرد الشديد والرياح العالية، وكذا إمكانية زراعته في التربة الرديئة.

الديــــن والقانـــــون والقـــــات


 عدم صدور تشريعات قانونية تحرم تعاطيه أو الاتجار فيه، ساعد على انتشاره على حساب المساحة الصالحة للزراعة ، مقارنة بالدول التي اعتبرته من المواد المخدرة المحظورة مثل الجاره السعودية- على سبيل المثال- 


تاريخيا صدرت عدة قرارات حكومية في اليمن وذلك بين عامي 1972 و 1976 تمنع زراعته أو تعاطيه ، علاوة المؤتمر الوطني بشأن القات عام 2005م ، والذي خرج بقرارات هامة ، لكن مصير تلك القرارات كان الفشل، حيث لا توجد آلية فعالة لتنفيذها.


علاقة حكومات صالح مع القات ، علاقة تصالح وتسامح ، إلا من تصريحات خجولة للرئيس السابق نفسه حيال القات وضرورة توفير بدائل للمزارعين ، مع إجراءات للحد منه و منع تعاطيه في المؤسسات العسكرية والأمنية وداخل المؤسسات الحكومية في بعض سنوات حكمه الأخيرة وخاصة بين عامي 2005_2010م


وكانت قد شهدت مدن مثل صنعاء وعدن واب والمحويت جميعات مناهضة للقات ، أهمها الجمعية الوطنية لمواجهة أضرار القات التي تأسست عام 1992، ولها فروع في بعض المحافظات، واهتمت بنشر الوعي بأضرار هذا النبات المخدر. ، لكن هي الأخرى لقيت ذات المصير مع إندلاع الأحداث المطالبة بإسقاط النظام عام 2011م.


 وبعد أحداث 2011م ، وما تلاها من أحداث درامية ، انتهت باندلاع الحرب في العام 2015م ،واستيلاء جماعة الحوثي على السلطة ، زاد معدل انتشار زراعة وتعاطي القات في اليمن ، وأصبح هو المادة الأساسية في جبهات القتال لدى كل الأطراف المتصارعة في البلاد .


وفي خضم الحرب ونا أفرزته من تداعيات طالت كل شيء ، برز شباب ينتمون للتيار اليساري بمدينة تعز يدافعون عن القات ، بل وانشأؤ لأجل ذلك في العام 2018م نقابة تدعى نقابة الموالعة اليمنيين ، تتبنى الدفاع عن ظاهرة تعاطي القات ، وبيعه وزراعته ، وانضم لها العديد من المؤيدين معظمهم من المثقفين والصحفيين والكتاب المحسوبين على اليسار.


وبنقسم علماء الدين الإسلامي في اليمن، حول هذا النبات، فالبعض يرى جوازه لعدم ثبوت آثاره التخديرية لهم، وبالتالي لا يستطيعون قياسه على المسكرات التي تغيب العقل، في حين يرى البعض الآخر تحريمه على اعتبار أنه يؤدي إلى مضيعة الوقت والمال ، رغم تأكيد الأطباء من أنه سبب للعديد من الأمراض.مثل السرطانات حيث يرش عليه 320 نوع من المبيدات المحظورة.


وإزاء هذا الاختلاف في النظرة الفقهية والاجتماعية لهذا النبات المخدر فإن هذه المشكلة مرشحة للاستمرار لفترات طويلة بالرغم من الإجماع العلمي على آثاره السلبية الفسيولوجية والنفسية.


وكشفت دراسة يمنية أجريت عام 2013م ، أي قبل إندلاع الحرب بعامين ، أن حجم ما ينفقه اليمنيون سنوياً على نبتة القات يصل إلى 1.7 مليار دولار (357 مليار ريال يمني). وبحسب الدراسة التي قامت بها مؤسسة “يمن بلا قات” فإن حجم إنفاق اليمنيين على القات يصل سنوياً إلى 357 مليار ريال وهو ما يعادل ربع الميزانية السنوية للدولة