كأس العالم متنفس اليمنيين للهروب من الحرب

  • منذ سنة - Wednesday 30 November 2022

كأس العالم متنفس اليمنيين للهروب من الحرب
رشا كافي
صحافية يمنية وناشطة سياسية-محررة  في AF

كأس العالم متنفس اليمنيين للهروب من الحرب

AF

على غير العادة وسائل التواصل الإجتماعي اليمنية تضج بالحديث عن مونديال كأس العالم المُقام في قطر هذا العام بإهتمام بالغ وشغف كبير، فالأول مرة تتوحد صفحاتهم الإلكترونية لتجاذب الحديث حول أحداث وتفاصيل المونديال بعيداً كل البعد عن الأوضاع الأمنية والصراع القائم، بل تكاد أخبار تصدر فرقهم الرياضية التي يشجعونها في المونديال أن تكون أكثر أهمية من أي أخبار أخرى تخص  الصراع أو الوضع الأمني والاقتصادي بشكل عام.


وهو ما يفسر تعطش اليمنيين إلى الحياة ورغبتهم الكبيرة بالهروب من الواقع الأليم الذي يعيشوه، فيروا في كأس العالم فرصة لاتعوض وملاجئ للترويح النفسي وفسحة لهم تنسيهم مرارة ما مروا به خلال السنوات الماضية وما يمروا به حالياً.


فمونديال قطر يعكس صورة جميلة عن اليمنين وشغفهم الكبير بعالم المستديرة، فالجمهور اليمني لا يهتم فقط برياضته المحلية، بل لدية شغف وإهتمام بمتابعة أخبار الأندية والدوريات العربية والأوربية وهو ما نشهده طوال العام على صفحات التواصل الاجتماعي، مما يتم نشره من قبل محبين كرة القدم بدافع التنفيس من المشاكل اليومية والمتراكمة التي يواجهونها في حياتهم اليومية، خصوصاً مع غياب الأندية المحلية بسبب الحرب وعدم قدرة شباب كثير على الإلتحاق بها .


مشاهدة المونديال لا يعني الهروب من الواقع 

يقول أوراس الأرياني للعربية فليكس وهو أحد المتابعين والمهتمين بالتحليلات الرياضية : كرة القدم عُرفت بانها لعبة ومتعة الفقراء والبسطاء، وكأس العالم كما هو الحال لديه طقوسه ومتابعيه في كل مكان، وفي اليمن له ايضاً طقوسه من وقت طويل من قبل تشفير القنوات واحتكار مشاهدة المونديال في كأس العالم كوريا واليابان 2002، وحينها اتذكر كان اليمنيين يحركون صحن الدش (أجهزة الستلايت)الى جهات اخرى علهم يستطيعون مشاهدة المباريات.


و خلال الحرب أيضاً موجود هذا الشغف لمشاهدة المباريات حتى في الشوارع تستطيع سماع أصوات معلقين المباريات عبر إذاعات الباصات والموترات، فكأس العالم له حضوره 
حتى عند الشعوب المطحونة ومجرد مشاهدته لايعني هروباً من الواقع.

أخبار البلد لم تعد تهم 

فيما ترى نورا السقاف أن إطالة أمد الحرب جعلت الناس لم تعد تهتم بأخبار البلد و مايحدث فيها، وقتلت الآمال لدى اليمنيين بإقامة دولة مدينة مستقرة، وحين يتناولوا ما يحدث يتناولوه كمادة ساخرة للتندر ليس من الان بل منذ  السنوات الأخيرة للصراع، وتضيف أصبح الكل غير مهتم بالوضع ولم يعد يهتم بالذي يحصل أساساً.

فكأس العالم ننتظره كل أربع سنوات، وهي لعبة الفقراء ولعبة الشعوب المقهورة سوى كانت عربية أو  أجنبية مسحوقة، الكل يتابعها وتقول أيضاً للAF: وبما أني رياضية ومتابعة بشغف كبير فضروري أن أتابع فريقي الذي اشجعه منذ أن كنت طفلة صغيرة (الأرجنتين) فمن الطبيعي اهتم بالمونديال هذه الأيام على أي شيء آخر.


متابعة المونديال إستراحة ضرورية 

ضياف البراق كاتب روائي ومتابع جيد للأخبار الرياضية يتحدث للعربية فليكس فيقول:  "من الطبيعي أن ينفصل المرء عن واقعه بين حين وآخر، لأن الجدية المفرطة خطيرة على الصحة النفسية للإنسان، على هذا يمكن القول بأنها استراحة محارب بالنسبة لليمني المشغوف الآن بالكرة الساحرة، طبعاً اليمنيون في حقيقتهم أناس طيبون جداً، ولديهم شغف كبير بالحياة، ودائماً ما تكون لهم طموحات حضارية كبيرة في عديد من المجالات الضرورية أو ذات المكانة الرفيعة، وأصدق دليل على صحة هذا التحليل هو أنهم يتفاعلون باستمرار مع أنشطة العالم المحيط بهم، خصوصاً على المستوى الثقافي والسياسي والرياضي، وهم أيضاً لا ينفصلون عن مشكلاتهم الحياتية حتى في أحلك الظروف التي تمر بهم.


 ولكنهم في هذا الوقت المونديالي العالمي الساخن الماتع إنما يحاولون أن يتخففوا بعض الشيء من أضرار وكوابيس الحرب التي تعبث بهم منذ سنوات عديدة، وذلك من خلال انغماسهم في هذا المشهد الكروي الراهن، ومن هنا ينبع حماسهم تجاه الكرة والتعليقات الرياضية المثيرة، وهذا كله يأتي من باب عشق هذا الشعب الصابر والمكافح للحياة رغم كل شيء.


إذاً لا يمكن أن نقول في هذه الحالة بأن اليمنيين قد تركوا قضاياهم الداخلية، وانفصلوا عن واقعهم بطريقة عبثية تضر بمصالحهم، لا البتة، فالواقع يقول عكس هذا، هذه اللامبالاة العادية الآنية هي مجرد استراحة ضرورية نحتاجها كي لا نختنق تماماً باليأس وركام الحرب، إنها فسحة قصيرة كان لا بد منها من أجل تجديد طاقة النضال في نفوسنا، وشحن الأرواح المُتعَبة بحيوية جديدة، وترميم ما أمكن من الجراح النفسية، وإذَاً ليس في الأمر ما يدعو للقلق، وهذا رأيي".