التعليم في زمن الحوثي منهج طائفي لتفخيخ المستقبل

  • منذ سنة - Monday 12 September 2022

التعليم في زمن الحوثي منهج طائفي لتفخيخ المستقبل
رشا كافي
صحافية يمنية وناشطة سياسية-محررة  في AF

التعليم في زمن الحوثي منهج طائفي لتفخيخ المستقبل 


AF منذ عقود والنظام التعليمي في اليمن يعاني من تدهور مستمر، إلا أن الحرب الحاصلة اليوم شكلت فصلاً إضافياً وعبء جديداً في تدهور هذا النظام، فبدل أن يتم تحييد العملية التعليمية تحول القطاع التربوي إلى أداة تستخدم في الصراع الحاصل بين مختلف القوى.

فقد تسببت الحرب بتضرر مئات المدارس كلياً أو جزئياً، بسبب الهجمات الجوية التي تقودها مقاتلات التحالف العربي بقيادة السعودية او بسبب قصف جماعة الحوثي.


في العام 2018 أصدرت اليونيسيف تقريراً، ورد فيه أن هناك أكثر من 2,500 مدرسة أصبحت خارج الخدمة كلياً، بينما 27 % من المدارس أقفلت أبوابها، فيما لا تزال 66 % منها تعاني من أضرار جزئية، عوضاً عن إستخدام 7%  منها كملاجئ للنازحين أو صادرتها جماعات الحوثي لغاياتها الخاصة .


تجهيل متعمد 


ففي مناطق سيطرة جماعة الحوثي حولت الجماعة النظام المدرسي المجاني إلى نظام يفرض رسوم تسجيل عالية بأضعاف مكان متعارف عليه من رسوم رمزية لا تزيد سعرها عن 200 ريال يمني، إلى 8000 ريال على الطالب الواحد، وهذا ما أدى إلى تسرب الكثير من الطلاب الذين لا تستطيع أسرهم دفع تلك المبالغ المالية لهم، بسبب الأوضاع الاقتصادية الصعبة.


ناهيك عن قيام جماعة الحوثي بتغيير محتوى المناهج التعليمية بشكل جذري، لطلاب المرحلة الابتدائية والإعدادية، شمل ذلك التغيير مواد اللغة العربية، والتربية الإسلامية، والتربية الوطنية،  والتاريخ، بالإضافة إلى مادة القرآن والجغرافيا.


حيث عملت على إضافة دروس ممنهجة ومؤدلجة تخدم مشروعها المتطرف، وبذلك تعد مقاتلين المستقبل بأفكار مفخخة يضمن إستمرار مسيرتها القتالية.


كما فرضت حصص دراسية إضافية خاصة بالإستماع لخطب مؤسس الحركة حسين بدر الدين الحوثي، الذي قتل في العام 2004 على يد قوات الرئيس السابق علي صالح، فهذه الحصص تشمل الطلاب  والمدرسين معاً، وهي جزء مما يسمونه مواجهة الحرب الناعمة، بالثقافة القرآنية وإحياء الهوية الإيمانية.


أزمة مفتعلة 


أزمة التعليم المفتعلة في مناطق سيطرة الحوثي لم تتوقف عند تغيير المناهج التعليمية وحسب، وإنما عمدت على عدم توفير الكتاب المدرسي، داخل المؤسسة التعليمية، بينما وفرته في نقاط بيع الكتب في الأسواق والمتاجر وبذلك تكون كسبت طريقة جديدة غير مشروعة تجني من خلالها أموال المواطنين. 


هذا وقد كانت جماعة الحوثي قد غيرت أسماء أكثر من 12 ألف مدرسة بأسماء طائفية، بعضها لقياداتها ممن قتلوا خلال فترة الحرب الحاصلة الان او خلال فترة الحروب الستة الماضية.


رغد فاروق رفض يقابله حرمان


حرصت جماعة الحوثي على تعميم شعار الصرخة على المؤسسات التعليمية، وأحلتها بديل عن الهتاف الوطني، إلا أن الطالبة رغد فاروق ذات الرابع عشر ربيعاً رفضت ترديد شعار الجماعة داخل إحدى مدارس مديرية بني الحارث في العاصمة اليمنية صنعاء.

لتقوم مديرة المدرسة بتبليغ والدها شفوياً عبر الهاتف، بفصل الطالبة رغد وأن يأتي لأخذ ملف إبنته، وذلك بحسب منشور نشره والدها على صفحته على موقع فيس بوك منذ أربعة أيام لكتابة هذه المادة . 


والذي قام بحذفه اليوم التالي من صفحته، بعد ان تحولت قضية رغد إلى قضية رأي عام، وهو ما أكدت لنا مصادر مقربة بأن والد الطفلة قد تعرض للتهديد والضغط مما جعله يحذف منشوره.


فيما تحفظ والد الطفلة عن التصريح مع أي وسيلة إعلامية والتعليق حول الحادثة، لكنه اكتفى بالرد على "العربية فليكس" : بأن إبنته قد تم إعادته إلى المدرسة، وهو ما يفسر نجاح حملة الضغط والمناصرة الإعلامية التي لقتها قضية رغد، لتتمكن من العودة إلى مدرستها بعد أن كان قد تم فصلها .


قمع وتعسف


تتحدث الأستاذة سمية لAF والتي إكتفت بذكر إسمها فقط، وهي تعمل معلمة في إحدى مدارس أمانة العاصمة صنعاء، بأن الجماعة عينت مشرفاً عليهم فوق المديرة، يأتي كل فترة وفترة من أجل رفع التقارير بمن يرفض حضور الدوارت التي تقوم بها الجماعة للمعلمين، وهي دورات يعرض فيها خُطب قائد الجماعة عبدالملك الحوثي، كذلك يوزع فيها ملازم خاصة بمؤسس الجماعة حسين بدر الدين الحوثي.


كما تحدثت عن التعسف الذي قامت به الجماعة ضد المعلمين في العام 2018 و 2019 عندما قررت اليونيسف منح مبالغ تحفيزية للمعلمين في مناطق سيطرة الحوثي مبلغ 50$، حيث عملت الجماعة على رفع أسماء المقربين منها فقط لتنالهم الحوافز المالية دون البقية.


وكما عبرت عن إستيائها لما تقوم به جماعة الحوثي من ملشنة للعملية التعليمية بشكل عام وما تمارسه من تعسفات على المعلمين بشكل خاص، فالجماعة حسب قوله: يستطيعون دفع رواتب المعلمين بكل سهولة من عائدات الضرائب المهولة التي تُفرض على المواطنين، او على الأقل من عائدات سفن النفط الأخيرة التي تم السماح بدخولها من ميناء الحديدة.


بينما يقول احمد وهو إسم مستعار أطلقه على نفسه خوفاً من أن يتم ملاحقته، حيث يعمل معلماً في إحدى مدارس البنين في مدينة إب :

بالرغم أن الرواتب منقطعة منذ العام 2016، إلا أن جماعة الحوثي أصدرت تعليمات مشددة على كل من يحاول التغيب عن عمله، وأي شخص يتغيب يُتهم بأنه عميل للعدوان حسب ما تسمي جماعة الحوثي التحالف العربي.

كما أكد لنا بأنهم بين كل فترة وفترة متباعدة تصل أحياناً الى عام يتقاضون نصف راتب من حكومة الحوثي، وهو حال جميع المعلمين في مناطق سيطرة الجماعة، إلا أنه أخبرنا بأن التضيقات التي تجري في صنعاء للمعلمين لم تصل بعد بذلك السوء في مدينة إب.

بما فيها تعيين مشرفيين من قبل الجماعة على المدارس أو إضافة حصص دراسية خاصة بفكر الجماعة ومشروعها المتطرف فيما عدا تغيير المناهج التعليمية بشكل جذري، والذي يعتبر جزء من المنهج المعمم في كل مناطق نفوذ الجماعة.


الحوثي يدمر التعليم 


كما علق نائب وزير التربية والتعليم في الحكومة الشرعية الدكتور علي العباب لAF، حول أوضاع المعلمين في مناطق سيطرة جماعة الحوثي، بأن الكثير من المعلمين في مناطق سيطرة الجماعة تعرضوا للأذى بشكل كبير، مما جعل البعض منهم يغادر قطاع التعليم، إما بسبب إنقطاع الرواتب لسنوات عدة، وإما لفصلهم تعسفياً من وظائفهم .


فتوجه البعض لممارسة أعمال حرة، والبعض الآخر منهم تم إستغلالهم من قبل الجماعة بتقديم إغراءات من سلاح ورتب وسلل غذائية مماجعلهم يلتحقون بجبهات القتال.


فحال الطلاب لا يختلف كثيراً عن حال المعلمين، حيث يتم التضييق عليهم من خلال تغيير المناهج الدراسية، والتي تحمل أفكار متطرفة أو من خلال رفع الرسوم الدراسية، التي لا يستطيع الأهالي دفعها، مما يضطر هؤلاء الطلاب لمغادرة المدارس إلتحاقاً بالجبهات، بحثاً عن لقمة العيش التي تعيل أسرهم او بإغرائهم بقطع السلاح ومنحهم الرُتب، وكل هذا بهدف تدمير التعليم. 


هذا وأكد النائب بأنه لا يوجد أي تواصل بين وزارة التربية والتعليم في حكومة الشرعية مع وزارة التربية في حكومة الحوثي، معللاً بذلك " بأن هذه الجماعة لم تلتزم بإي إتفاقية سوى على المستوى العام فيما يخص الدولة أو على مستوى قطاع التعليم، فلقد كنا نتمنى تحييد العملية التعليمية عن هذه الحرب إلا أن جماعة الحوثي أبت ذلك "


"ومع ذلك حرصت وزارة التربية والتعليم على مخاطبة العديد من المنظمات الدولية، ومنها منظمة اليونيسف بإعتماد رواتب لإخواننا المعلمين في مناطق سيطرة الحوثي، وتم ذلك قبل عامين تقريباً ولكن للأسف الشديد حاولت هذه الجماعة تتصرف بهذه الدولارات حسب أسعارها الخاصة، وصرفت الفتات للمعلمين، وبالتالي تم قطع هذه المنحة في العام التالي بسبب تدخل جماعة الحوثي بعملية التسليم" 


"وما زلنا على تواصل مع هذه المنظمات وتم توقيع إتفاقية مع منظمة رعاية الأطفال في شهر خمسة الفائت، وفي هذه الإتفاقية ستدعم اليونيسف أحد مكونات المشروع بدفع حافز للمعلمين في عدد من محافظات الجمهورية، بحافز 50دولار سواء الذي بكشف الراتب او المتعاقدين، وكذا دعم معلمات الريف في المحافظات المستهدفة براتب 145دولار.

شرط أن تتم العملية بشكل سلس وتسلم للمعلمين يداً بيد، بعيداً عن تدخل جماعة الحوثي، مالم سيتم بالتأكيد توقيف هذه الحوافز .


وكما صرح لنا بالقول:

"في الوقت الذي تقوم جماعة الحوثي بتغيير محتوى المناهج التعليمية لما يخدم مشروعها الطائفي، وزارة التربية والتعليم في الحكومة الشرعية شكلت لجنة عليا للمناهج بالوزارة برئاسة وزير الترببة والتعليم، الاستاذ طارق العكبري.

هدفها مراجعة المناهج السابقة، وتحديثها بما يتناسب مع الوقت الراهن مع الإمكانيات المادية  والبشرية للجمهورية اليمنية. 


وجه نظر الحوثيين

من جهة اخرى ، يجب ان نفرد مساحة لشرح وجه النظر الاخرى، ولكن للاسف لم يتجاوب معنا المسؤولين في سلطة صنعاء

لكن اجمالاً يرى الحوثيون في طريقتهم ومنهجم لادارة العملية التعليمية ، اسلوب ضروري، لتثبيت حكم الجماعة

من خلال اعادة صياغة الوعي، وغسيل الادمغة ، وضمان الولاء، وهو اسلوب كل السلطات الشمولية، التي تعمد لضمان استقرار حكمها، من خلال تغيير التاريخ والحاضر والمستقبل 

من خلال التعليم والاعلام، والتعليم اهم، لانه يركز على ادوات المستقبل 

ويتهم الحوثيون المنهج الديني السابق بانه كان ارهابياً واقصائياً، وسوف نورد وجهات النظر حول هذا الموضوع في تحقيقات قادمة لAF





في الفيديو المرفق- مقابلة تلفزيونية مع رشا كافي عن الوضع التعليمي تحت حكم سيطرة جماعة الحوثي اليمنية