تحقيق من صنعاء ..عن انهيار التعليم بعد سيطرة الحوثيين

  • منذ سنة - Friday 09 September 2022

تحقيق من صنعاء ..عن انهيار التعليم بعد سيطرة الحوثيين

التعليم بين فكي كماشة غلاء الأسعار وعمالة الأطفال بمناطق الحوثيين

محمد الشيخ:

مع دخول الحرب عامها "الثامن" بكل ما تسببت به من تدهور في شتي مجالات الحياة وخصوصا التعليم الذي تعرض للتدمير الممنهج خصوصا مع الدمار الذي طال المدارس وانقطاع المرتبات، لجأ بعض المعلمين لأعمال عديدة في ظل وضع مزرٍ وغلاء فاحش لتأمين لقمة العيش لأطفالهم. 

حسب التقارير الصادمة لمنظمة اليونيسيف فإن حوالي 2 مليون طفل خارج المدارس و523الف طفل نازح في سن الدراسة يعانون من صعوبة الحصول علي التعليم و465 إعتداء علي المرافق التعليمة وإستخدامها لأغراض عسكرية  ، 

أطفال يعملون في أعمال شاقة لا تتناسب مع أعمارهم ليعولوا أسرهم لفقدهم عائِلهم الوحيد أو لعدم قدرته على العمل بسبب الإصابة او المرض.

الآلاف من الأطفال يساقون لمحارق الموت في الجبهات ليكونوا وقوداً  للحرب والبعض الأخر يتخُذ من التسول كمهنة ويفترشون الأرصفة ويمضغون القات ويتعاطون "الشمة" وهم معرضون لآفات أشد خطورة وصولاً للانحراف. 

"حلم ضائع"

يعمل أحمد (12 عاماً) في مسح السيارات في جولة الرويشان بصنعاء، بعدما ترك المدرسة ليؤمن له ولأسرته لقمة العيش.. يقول أحمد إنه يبدأ عملة من التاسعة صباحاً حتي  التاسعة ليلاً.

ويؤكد أن دخله في اليوم الواحد يتراوح بين 500 إلى ألف ريال يومياً، وهو مبلغ لا يكاد يفي لسد رمقه هو، ناهيك عن أسرته، لكنه يعود أحياناً خالي الوفاض. 

يحلم أحمد بالعودة لمدرسته إلا أن وضعهم المادي متدنِ جداً ولا يسمح له بالإلتحاق بالمدرسة، وفقا لحديثه للمحرر. 

"العمل بدل التعليم" 

يذهب عبدالله (14 عاماً) لعملة السابعة صباحاً في احد مطاعم صنعاء، إذ يعمل مباشرا، حتى الرابعة عصراً.. 

يقول عبدالله، الأكبر من بين إخوته: بعد وفاة والدي اضطررت للبحث عن عمل لاننا نازحون من الحديدة لتوفير احتياجات أسرتي وايجار البيت الذي نسكن فيه.

يضيف بأنه يتحمل إهانات صاحب العمل لانه لا يستطيع البحث عن عمل اخر لانه مصدر رزقة الوحيد.. 

ولا يستطيع عبدالله القراءة او الكتابة لأنه لم يكمل تعليمة وترك مدرسته، ولم تسمح الظروف لأهلة في إدخاله المدرسة في صنعاء لأنه يساعد والدته التي تعمل في احد البيوت لتوفير متطلباتهم المعيشية.

ويختتم حديثة بحرقة وألم بأنه يحزن بشدة عند رؤية الاطفال كل صباح يذهبون لمدارسهم عند ذهابه لعمله.

"لاحياة من الياس" 

ياسمين (13 عاماً)  تعمل بائعة للشوكولاتة في شارع حدة بصنعاء وتذاكر دروسها وتكتب واجباتها بمكان عملها. 

تقول إن ظروفهم صعبة بعد إصابة عائلهم الوحيد "الأب" بحادث أقعده الفراش عندما كان يعمل سائق دراجة نارية.

تذهب ياسمين كل صباح لمدرستها وبعد إنتهائها من دوام المدرسة تعود للبيت وتتناول وجبة الغداء وتذهب للعمل إلي المغرب وتعود لبيتها لتكمل مذاكرتها.. توضح أنها تتقاضي من بيعها الشي اليسير لكنها راضية بما قسمه الله لها وتحلم أن تصبح طبيبة في المستقبل. 

"ضياع"

تؤكد الأخصائية منى الذبحاني أن أغلبية الأسر الفقيرة تعجز عن توفير المستلزمات المدرسية لأبنائها بسبب غلاء أسعارها ما يجعلهم في حالة يرثي لها ويعرضهم لضغوطات نفسية.

وتوضح بان التدريس في المدارس الحكومية يفتقر بشكل شبة كلي للكتاب المدرسي وتقليص عدد الحصص المقررة، أما المدارس الأهلية افضل من الحكومية بكثير لكن الرسوم فيها باهظة الثمن ولا يستطيع أغلبية المواطنين تسجيل أبنائهم فيها.

وأشارت الذبحاني إلى أن أولياء الأمور قد يلجؤون لإخراج أبنائهم من المدارس والزج بهم في سوق العمل مما يدفع رب الاسرة للدخول في حالة إضطراب نفسي بسبب مايمرون به علي إعتبار أن أكبر ما يؤرقه هو توفير لقمة العيش وايجار البيت الذي يسكنون فيه ومصاريف لأولادهم.

تعليم هش

من جانبه يوضح مجيب عادل (اسم مستعار) وهو أستاذ في إحدى المدارس الحكومية، أن التعليم الحكومي اصبح منهارا ًللغاية، بسبب نقص الوسائل التعليمية والمناهج الدراسية.

وقال إن المعضلة الكبرى تتمثل في الرواتب فنحن نبذل قصارى جهدنا لتنشيط العملية التعليمية في المدارس الحكومية قدر المستطاع ومن يتغيب يهدد بالفصل والطرد لأن البيئة غير محفزة للتعليم لكننا رضينا بالواقع وتأقلمنا مع الوضع. 

ولفت إلى المعاناة جراء ظاهرة تسرب الطلاب من المدارس الحكومية ومن الندوات الطائفية للطلاب من قبل المشرفين التابعين للحوثيين بطابور الصباح وهي أسلوب ماكر لزجهم في الجبهات والحاقهم بمعسكرات التدريب. 

"التعليم لمن استطاع إلية سبيلا" 

يؤكد الصحفي محمد خالد ان القانون اليمني كفل حق التعليم المجاني للمسجلين في الضمان الإجتماعي كماهو مدون عليه لكن الحوثيين فرضوا رسوما على طلاب المدارس الحكومية وقاموا بعمل نقاط لبيع الكتب إضافة للإعتداء على الكوادر التعليمية والتربوية.

أشار إلى أن وزير التربية والتعليم المعين من قبلهم قام بتغير المناهج التعليمية لتتضمن معتقدات طائفية وهدامة تمثل خطراً على اطفالنا لتمجيد قتلاهم ورموزهم!

وينوه خالد أن بعض الاسر او غالبية الاسر دفعت ابنائها للخروج من المدارس والعمل نظراً للوضع الإقتصادي الخانق التي تعاني منه.

وأشار إلى أن الحوثي ينتهج نهج الامامة في تدمير التعليم لينشر معتقداته الطائفية الهدامة في المجتمع.