الرئيسية المواضيع المقال التحليلي

كيف يصنع القادة قرارتهم .. لتبدو صادمة ومفاجئة

  • مقال خاص AF
  • منذ سنة - Sunday 26 March 2023

كيف يصنع القادة قرارتهم .. لتبدو صادمة  ومفاجئة
منى صفوان
صحافية وكاتبة- رئيسة تحرير عربية فيلكسAF

AF

هل تُدرس القرارات ، ام تُتخذ فجأة، في عالم وعلم السياسة لا مكان للصدف، وطالما لا تتخذ القرارات تحت التأثير او الضغط، فهي قد اخذت وقتها في النضوج، لكن كل المراحل التي تمر بها القرارات ، لا  تُعلن، لذا تظهر انها سريعة ومفاجئة.

مراحل اخذ القرار

اولاً هناك تغييرات عالمية، تفرض نفسها، وعادة ما تتحكم الدول الاقوى اقتصادياً، بمسار تحرك العالم، لذا فكل دولة تنسجُ تحالفاتها وتتخذُ قرارتها بناء على " ملاحظة " ومراقبة ما يحدث حولها، فهناك مؤشرات تحدد اتجاه البوصلة.

مؤخراً شكلت الحرب الروسية احدى تلك المُؤشرات، لكن قرار الحرب الروسي لم يكن مفاجئاً ، حتى وان ظهر بهذا الشكل اعلامياً.

 

فالازمة مع اوكرانيا تفاقمت خلال السنوات الاخيرة، ليكون ضم روسيا لشبه جزيرة القرم 2014 ، تحول في خارطة سير العالم ، ومُؤشر يمكن البناء عليه والتوقف عنده

فجرءة القرار العسكري الروسي، عمد الى انهاء حالة الاحتقان لتحويلها لحالة حسم، بناء على استعدادات روسية لخوض حرب ضم اكبر لاوكرانيا، وهو ما حدث في 2022

 

 

هذا المؤشر ، يظهر للدول بأن روسيا قوة عسكرية صاعدة، تستعيد هيمنتها العالمية، وكانت تجربتها في سوريا 2015 ، مؤشر اخر اكثر قوة

هذا ما يجعل دولة نفطية كبيرة كالسعودية، تبدأ بتقوية علاقتها بروسيا، فكانت زيارة الملك محمد بن سلمان لروسيا 2017، مؤشر سيظهر بعد ذلك بالتنسيق النفطي بين روسيا والسعودية 2021، وهو ما يعني التحكم باسواق النفط ، وتاثيرها على الانتخابات النصفية  للكونغرس  2022

وهنا لا ننسى الدعم الروسي من الرئيس بوتين لولي العهد السعودي محمد بن سلمان ، حين كان الهجوم الامريكي عليه بسبب قضية خاشقجي 2018، ففي الوقت الذي اراد فيه الغرب - امريكا اظهار بن سلمان معزولاً، عمد بوتين للقاءات قمة معه، واظهر الدعم الكافي للحليف القادم 

لذا فقرار الانضمام السعودي للتكتل الاقتصادي الروسي الصيني "للبزيكس " 2022، لم يكن مفاجئا. 

مؤخراً تتخذ السعودية قرارات سريعة وجريئة، وحاسمة، منذ بدء التفاوض مع الحوثي في اليمن ، وانهاء الحرب هناك، الى الاتفاق الايراني ، واعادة العلاقة مع سوريا.

 

حتى ان قرار التعامل المالي بالعملة الصينية.. ، والتفكير ببدء بيع النفط السعودي بعملة اخرى غير الدولار ، جاء بعد تقارب كبير بين الصين والسعودية، فالصين كقوة اقتصادية صاعدة، اصبحت تحدد المؤشرات وترسم الطرق العالمية منذ عشر سنوات، بهدوء وصمت.

فكر ببطء  وقرر بسرعة 

 ان اهم نقطة في القيادة ، هي اخذ القرارات الحاسمة بسرعة، وعدم تغييرها ابداً، وهذا يتطلب أخذ الوقت الكافي في الدراسة والتفكير، وهذا الوقت يتشكل ببطء، من خلال عدة قرارات صغيرة،. وتقارب، وملاحظة ومتابعة كل المتغيرات اليومية ، الذي يقتضيه اعادة نسج التحالفات ، وتحسين العلاقات، او قطعها، ثم يأتي القرار الحاسم سريعاً، بعد مراحل صغيرة مترابطة، ومتسلسلة، بعضها مُعلن ، وبعضها سري بعيدٌ عن أعين الاعلام ، فيبدو مفاجئاً ، لكنه ليس كذلك. 

هذه هي سمة النجاح "الدقة والسرعة" ، وبالتالي النجاح السياسي والاقتصادي ، لان بعض القرارت تُقتل ان تأخرت باتخاذها، فيجب ان تكون حاسمة، والاهم ان تبدو صادمة. 

بوتين ومحمد بن سلمان

علاقة فلادمير بوتين بمحمد بن سلمان ، رُسم لها لتظهر انها قوية، وشخصية، وان الرجلين لديهما رؤية واحدة، وهذا مهد للقرارات التي اتخذت بعد ذلك في اوبك + 2022-2021

وبدون شك العلاقة السعودية بالصين وروسيا، كانت مصدر قوة للبلد الخليجي  الغني، في مواجهة الحملة الامريكية عليه بعد مقتل خاشقجي، وبعد صعود التيار الامريكي الذي يفكر بعقوبات على السعودية.

 

فكانت قمة الرئيس الامريكي بايدين مع ولي العهد " زمنيا" في توقيت حرج، قبل اعلان زيارة الرئيس الصيني، وكانت قمة فاشلة على مستوى " رفض الاقتراح الامريكي" بتغيير القرار السعودي بعدم رفع الانتاج النفطي لاوبك + ، لذا فكل القرارت السعودية بعد زيارة بايدن للرياض اكتوبر 2022 ، لم تكن مفاجئة، ومنها قرار الانتقال التدريجي للمحور الصيني اقتصادياً.

 
فكيف يصنع القادة مواقفهم وقرارتهم ، متى يغيرونها ، من قرار المقاطعة الى المصالحة.. ، قرار عزل قطر، كان بعد زيارة ترامب للرياض، في عز الازمة بين ايران والسعودية، والدعم الامريكي اللوجستي للحرب السعودية في اليمن، وبيع الاسلحة الامريكية بمليارات الدولارات 

 

لكن قرار المصالحة، كان في ظروف اقليمية مختلفة تماماً، كانت المحادثات غير المباشرة بين الرياض وطِهران قد بدأت عبر سلطنة عُمان، والعراق، ليظهر ولي العهد السعودي مرتديًا العلم القطري في كأس العالم في قطر  نوفمبر 2022

اذهب  الى الصين ، سترى انها تتخذ قراتها المصيرية بذات السرعة، لكن بعد دراسات وقرارت صغيرة لا يعلم عنها الاعلام كل شيء

 

فحين قررت ضم تكتل اقتصادي في 2009، كانت تجهز لقرارات حاسمة ستتخذها في 2023، وحين اعادت احياء تحالف شنجهاي 2022، كانت جزء من سلسلة خطوات صينية ، لتثبيت نظام تعدد الاقطاب ، وازاحة امريكا من قمة الهرم الاقتصادي.

 

 كيف تدرب عقلك على اتخاذ القرار السليم في اقصر وقت ممكن 
هذه هي اللعبة التي يتقنها القادة، الذين يخططون لتصبح دولهم ذات قرار مؤثر في الاحداث العالمية ، قطب تشير اليه البوصلة ، وليست مجرد تابع، لا يظهر على الخريطة.

سلام