الرئيسية المواضيع المقال التحليلي

عشية الحرب النووية..

  • منذ سنة - Wednesday 21 September 2022

منى صفوان
صحافية وكاتبة- رئيسة تحرير عربية فيلكسAF

 

رغم مضي ستة اشهر على  الحرب الروسية -الأوكرانية ، الا روسيا  لحد الان لا تسميها حرباً، بل تراها وتطلق عليها "عملية عسكرية" ، وهذا يؤكد استخفافها بهذه الحرب.

ويعني انها، لم تدخل بعد بكل قوتها، واسلحتها، وكامل جهوزيتها، لقد كان تصورها مختلفًا عن المعركة التي دخلتها، واستخفت كثيرًا بخصمها الاوكراني، وهذا يفسر تأخير إعلان التعبئة.

فكل هذا ومازالت روسيا لم تدخل المعركة بكل ثقلها، حتى ان إعلانها للتعبئة اليوم ، كان جزئياً، وحتى ان كانت جزئية ،فهذا يعني انتقال المعركة الروسية من "عملية عسكرية" لحرب.

 

 الاستخفاف الروسي بالخصم الاوكراني، يأتي بسبب فارق القوة العسكرية، لذا لم تتوقع روسيا المقاومة الكبيرة من الجانب الاوكراني، واستندت على مؤشرات فارق القوة العسكرية، ولم تضع في حساباتها  مقدار الدعم الغربي وخاصة الأمريكي الذي سيدعم خصمها الضعيف لوجستيًا واستخباراتياً، وعسكريًا.

فوزير الدفاع الروسي صرح البارحة بان  حوالي 70 قمرا صناعيا عسكريا وأكثر من 200 قمر صناعي مدني ومجموعة الناتو، بأكملها تعمل لصالح أوكرانيا ، والغريب ان تدرك روسيا هذه الأرقام بعد مضي نصف عام من بدء عمليتها العسكرية ، والاغرب ان تبدو متفاجئة!

فعدم انضمام أوكرانيا الرسمي للناتو، لا يعني ان الناتو سيبقى متفرجًا ، وروسيا تدهسها تحت اقدامها! 

 دخلت الحرب يومًا جديداً ،بإعلان التعبئة ،وبداية جديدة، تجدد الحرب وخططها، وتعلن استمرارها. 

انها المرة الأولى منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية التي  تعلن فيها موسكو التعبئة ، ويأتي هذا بعد خسائر كبيرة ، عسكريًا وبشريًا لقد خسر الجيش الروسي ما يقارب من ٦ الف جندي لحد الان، فالجيش يعاني في المستوى الآني التكتيكي، وليس العملياتي الاستراتجي، وهذا يعني انه لم يخسر الأرض والمعركة بعد ،واعلن بدء حرب طويلة. 

 
ضم الأراضي الأوكرانية رسميًا 
بهذا الإعلان ستكون هذه  اول حرب تبدأ باستفتاء، بعد اعلان روسيا مؤخراً عن  نيتها لاجراء استفتاء ضم الأقاليم الأوكرانية الحدودية لها، وهو ليس امراً مستجداً، بل خطة روسية سبق اعدادها واعلانها. 

وكنا قد نشرنا هنا في AF عن خطة روسيا لتنظيم استفتاء في الأقاليم المنفصلة ، فهو ليس امراً مفاجئاً، بل مخطط له، وسبق ان فعلتها روسيا في القرم.

رابط المقال : هل هزمت روسيا

https://arabia-felix.net/topic-242

 


أوكرانيا حديقة روسيا الخلفية

لحد الان لم تخسر روسيا الأراضي التي تحارب عليها وتريد ضمها، برغم التقدم الاوكراني العسكري ، الا ان السيطرة الروسية مازالت اكبر، لذا يأتي اعلان الاستفتاء والتعبئة. 

فأهمية هذه الأقاليم جغرافيًا ان تأتي  كسياج امني، يحمي الاتحاد الروسي ، من التوسع الغربي، انها مسألة امن قومي، بالدرجة الأولى، وليست مجرد غطرسة روسية، أو استعراض قوة، فعامل الجغرافيا هو الأساس في هذه الحرب.

الاستفتاء هو مجرد تشريع للعملية  العسكرية، ولا يهم اعتراف او غضب العالم ، فبعده ستكون هذه الأراضي روسية ، قانونيًا ، وان كانت من جانب واحد وبدون اعتراف دولي، فهذا لايهم .

عندها، فأي  اعتداء عليها هو اعتداء على الأرض الروسية ،وسيكون من حق روسيا حمايتها بالطريقة التي تراها، ومنها استخدام أسلحة الدمار الشامل ، والتي سبق وهددت بها روسيا.

التهديد النووي
 يجب التفريق هنا بين نوعية الأسلحة النووية، لنعرف نوعية التهديد ،فالاسلحة التي يهدد بها الرئيس الروسي "بوتين"، ليست الصواريخ ذات الرؤوس النووية المتعددة، او المستوى الأعلى من السلاح النووي الفتاك والمدمر.

بل هي أسلحة اقل فتكاً، ولكنها أسلحة دمار شامل، وتدخل كثير منها تحت بند الأسلحة المحرمة دوليًا، لكنها ليست الإسلحة التي ستقتل نصف البشرية وتدمر الكوكب.

فهذا النوع من الأسلحة لايندرج ضمن التهديد النووي، الروسي او حتى الأمريكي، لكن الأسلحة النووية المحدودة هي ما تندرج تحت خانة التهديد، لخطورتها ،وقدرتها على قلب المعركة. 

فخسارة روسيا للأراضي الحدودية مع أوكرانيا ، وسيطرة أوكرانيا الكاملة عليها، يعني تهديد الوجود الروسي، وسيعني استخدام روسيا لاسلحتها النووية، لقلب المعادلة، ولحماية وجودها وامنها القومي. 

لان هذا هو الخطر، الذي تريد روسيا تداركه، فهنا يتجسد الخطر القومي، بانها عجزت عن حماية حدودها، وحُصرت، وهُزمت في معركتها.

الأراضي الاوكرانية الحدودية ستصبح روسية خلال ايام، واي تهديد لها سيعطي الحق لاستخدام السلاح النووي، وكما قال بوتين "نملك أسلحة دمار شامل متطورة،  قادرون على استخدامها إذا تم تهديد وحدة أو سيادة روسيا"

ووحدة أراضي روسيا التي يقصدها بوتين هنا، ستكون الأقاليم الأوكرانية المنفصلة، فان واصلت اوكرانيا تقدمها، فهذا سيعرضها لاستهداف السلاح النووي الشامل.

فروسيا تقول اما الانتصار أو الحرب النووية ، وواضح انه لاتوجد كلمة هزيمة في اللغة الروسية، ان الحرب التي تهدد بها روسيا ، لم تستثن منطقتنا العربية والشرق الأوسط ، ان لم يكن عسكريا ، فعلى الأقل اقتصادياً

المجاهدون العرب

في مرحلة قادمة من الحرب، يمكن توقع، ان تعلن روسيا استقبال المقاتلين الأجانب ومنهم العرب، خاصة انها أعلنت تسهيلات في الجنسية الروسية، للمقاتلين الأجانب.

وسيكون من الطبيعي ،ان ينضم مقاتلون من الشرق الأوسط، بجانب الجيش الروسي ،في حربه ضد المعسكر الغربي بقيادة أمريكا، وهو عكس ما حدث في أفغانستان في التسعينيات ،حيث انضم المجاهد العربي للحرب ضد الاتحاد السوفيتي، بدعم امريكي. 

اننا فعلياً امام اعادة صياغة التاريخ، او تعديل مساره، لاننا جميعًا جزء منه، وجميعنا تحت التهديد، وهي ليست  المرة الأولى التي تهدد فيها روسيا بابادة العالم ان لم تنتصر، فمن الأفضل لروسيا ان تنتهي الحياة على كوكب الأرض، على ان تهزمها أمريكا مرتين. 

مرة قبل ثلاثة عقود، حين نجحت بتفكيك الاتحاد السوفيتي وانهيار امبراطوريته من الداخل ، بعد ان كانت روسيا تتقاسم معها العالم ، بعد الحرب العالمية الثانية 

والمرة الثانية ستكون الان، ان فشلت روسيا بتغيير معادلة ما بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، وازاحة امريكا من قمة العالم كقطب اوحد. 

هل روسيا جادة!

الاجابة نعم..وتصريح مارغاريتا سيمونيان رئيسة تحرير شبكة RT بقولها :هذا الأسبوع يلامس إما عتبة انتصارنا الوشيك أو عتبة حرب نووية ،لا يمكنني رؤية خيار ثالث . 
يمكن اعتباره  تصريحاً اعلامي وجزء من دعاية سياسية ، لكنها تستند على معطيات عسكرية ، لدى القيادة الروسية.

فالتهديد العسكري ، ليس مزحة، لان التهديد الوجودي لروسيا ليس مزحة كذلك. 

أمريكا لن تستفز روسيا 

فامريكا لن تستفز روسيا، وتدفعها لتنفيذ التهديد، ولاحظ، لحد الان تدعم أمريكا أوكرانيا بحذر، وبشكل لا يؤدي لاخلال التوازن، دون ان  تسمح لاوكرانيا ان  تحقق انتصارًا على روسيا، انه دعم واسلحة  للدفاع فقط وليس للانتصار. 
 كذلك  هدد دميتري ميدفيديف الرئيس الروسي السابق باستخدام هذا السلاح، ومن حق روسيا حماية امنها القومي، ومستقبلها ووجودها 

انتحار روسيا النووي 

الحرب النووية التي تهدد بها روسيا، في حال هزيمتها، تعني مقتل ٥ مليار انسان، بحسب تقديرات غربية، وهي تقديرات  مبالغة، لان روسيا لا تهدد باستخدام هذا السلاح النووي الفتاك، لكن استخدامها للسلاح النووي المحدود،  في حال تهديد وجودها ، سيكون مدمرًا ، وسيفي بالغرض الروسي العسكري.

وسبق وقالها بوتين ماهي أهمية هذا الكوكب بدون روسيا، وقتها يمكن توقع استخدام السلاح النووي المدمر والقضاء على البشرية برمتها، ان شعرت روسيا ان وجودها اصبح مهددًا ، وهو مالم يحدث حتى الان.