الرئيسية المواضيع المقال التحليلي

حرب بلا منتصر … المال مقابل وقف اطلاق النار

  • مقال خاص
  • منذ سنة - Wednesday 18 January 2023

منى صفوان
صحافية وكاتبة- رئيسة تحرير عربية فيلكسAF

 AF

حرب اليمن من نوعية الحروب التي تنتهي بتسوية دون اعلان انتصار ، وقرار الحرب باندلاعها وايقافها ، مازال بيد السعودية ، التي برغم رفض جماعة الحوثي تجديد الهدنة، في اكتوبر ٢٠٢٢، الا ان الهدنة لم تنهار وبقيت قائمة كما هي ، برغم الرفض والتهديد الحوثي لماذا؟ لان السعودية لم تقرر انهاء الهدنة

فمازال مطار صنعاء مفتوحاً لان السعودية لم تغلقه، فعن اي انتصار نتحدث؟ ان كنت قد انتصرت فهل يمكنك تشغيل المطار ورفع  الحصار دون العودة لاحد!

في هذه الحرب لم يهزم  خصوم الحوثي ويعيدوهم الى كهوفهم في صعده كما اعلنوا، ولا استطاع الحوثي برغم خروجه مسلحاً خارج حدود صعده ان يسيطر على منابع النفط في اليمن، فمازال مسيطراً على المنطقة الافقر في اليمن حتى وان توسع كجماعة مسلحة خارج حدود اقليم صعده الذي فُرض عليه في مؤتمر الحوار ، ورفض كجماعة هذا التقسيم، لان اقليمه بلا نفط ولا منفذ مائي!

هذه هي الحقيقة الكل خاسر، داخلياً، ولعل السعودية اكبر المستفيدين ، لسبب بسيط انها مازالت تسيطر على مقاليد الامور في اليمن ، واخرها السيطرة على " الجماعة المتمردة " المرشحة ان تكون الجماعة الصديقة المطيعة مستقبلًا " كحليف للسعودية "

 

لماذا تفاوضت السعودية مع الحوثيين بمعزل عن الحكومة الشرعية!

أليس هذا هو الطبيعي، ان تكون المفاوضات بين طرفي الحرب، وربما تريد السعودية بذلك اهداء نصر اعلامي للحوثي، مقابل الحصول على مكسب سياسي، بان تسيطر على وقف اطلاق النار كما تريد، وتتعمد الذهاب لخطوة التفاوض المباشر لتأخذ اتفاقًا اكيداً دون وكلاء ، ولتعزز اجراءات بناء الثقة، لتبدأ خطوات رسم علاقة مستقبلية مع الحوثيين.

السعودية تكسر الجدار لتعيد بناء الجسور مع الحوثيين ، وهذه المرة تسعى ان لا ينهار الجسر، ولا تنهار الثقة، لكن من جهة اخرى مالذي يعنيه ان يكون التفاوض الرئيسي بداية بالسعودية والحوثيين 

الا يعني هذا ان الطرفين هما المتسبب الحقيقي بهذا الدمار، وان هذا التفاوض اعتراف بمشاركة الحوثيين للسعودية في حصيلة الدم والدمار، وكطرف ثاني من مسببات الحرب، واخراج الجميع يعني اعفاء من المسؤولية تحت مسمى انهم بلا قرار، اذا لم يكن قرارهم بالحرب الا سببًا لتبروء منها، وان السبب اليوم هم من يفاوضون لانهائها لانهم اصحاب قرارها. 

فهي ادانة اكثر من كونه انجازاً 

اعادة الإعمار بالريال السعودي

برنامج اعادة الاعمار السعودي سيكون هو المكافأة المجزية للجماعة، مقابل وقف اطلاق النار، مليارات الريالات ستنفق في صعده ، ومناطق الحوثيين، وتسلم للجماعة تحت غطاء اعادة الإعمار

فالمال مقابل وقف اطلاق النار، انها بمثابة الهدية السعودية للحوثيين ، ولياخذوا الانتصار الاعلامي في قنواتهم، لايهم، ولن يغير هذا من واقع الامر شيئاً، فهم كغيرهم يطلبون المال السعودي ايضاً، ويطالبون السعودية بفتح الحصار عنهم ولم يفتحوه دون الرجوع اليها

بل ويطالبون باخراج القوات الاجنبية، عمومًا هذا هو اكثر ما يمكن ان تصل اليه جماعة صغيرة استطاعت الصمود والتوسع خلال سنوات قليلة، وسيطرت على رقعة كبيرة من الشمال اليمني بالتحالف مع القبائل

وكانت اكثر المستفيدين من الصراع السعودي الايراني، لكنها لن تحصل من ايران على ما يمكن ان تحصل عليه من السعودية 

وان كانت استفادت من سلاح ايران في الحرب، فهي ستستفيد من مال السعودية في السلم " وعند اعلان تدشين مشروع اعادة الاعمار في صعده عد الى هذا المقال"

 

لا أرى مستقبلاً سياسياً لجماعة الحوثي القوية ، مع اعادة العملية السياسية وقتها ستعود لحجمها الطبيعي ، ويعود تفرق ولاء القبائل اليمنية بين القوى السياسية، لكنها ستكون حريصة على ابقاء اتفاقها مع السعودية لتقوية نفوذها السياسي مستقبلاً

 

اعادة العملية السياسية

 

ستعود السعودية لدورها القديم في اليمن، بالسيطرة على الجميع من خلال المال، فالحرب اليوم اعطتها شرعية التحكم بالاجواء اليمنية، والقرار اليمني، والموانئ والنفط، والاقتصاد وسعر العملة

فمازالت الوديعة السعودية هي اهم ما يرتكز عليه الاقتصاد اليمني! وبدون استقلال اقتصادي لا تتحدث عن السيادة!

لذا لايمكن لوم جماعة الحوثي او اي جماعة او تنظيم سياسي سعى لاستقلال القرار اليمني عن العاصمة السعودية ، لان السيادة لا تتحقق بالسلاح وحده، بل قد تعمل الحرب الطويلة على انهاك ما تبقى من البلد، واضعافه اكثر ، وتفككه، ليصبح اسهل في السيطرة عليه ، وهذا ما حدث.

السيادة تبدأ من تحرير الاقتصاد ، لذلك بقي الاقتصاد اليمني  بيد السعودية، وهذه هي عادة الدول الغنية في السيطرة على الدول الفقيرة ، التي يكثر فيها الفساد، والصراعات ، وتضعف بها الدولة

 

امام اليمنيين الذين يخرجون من هذه الحرب بلا انتصارات كبرى فرصة لمراجعة تجربتهم، والتعلم منها، واعادة صياغة اتفاقات يمنية تعيد الحياة للعملية السياسية وتنعش عمل الدولة المركزية 

ليبدا الاقتصاد الوطني باخذ اولى خطواته في طريق الاستقلال ، واقامة علاقات ندية مع دول الجوار ، على اسس المصالح المشتركة ، ويخرج من دور التابع، او دور العدو.

 

سلام