منذ سنة - Tuesday 03 January 2023
AF
حكاية ان السعودية " تلم" نجوم الصف الاول في حلفة رأس السنة.. يبدو ازعجت بعض المصريين ، الذين فسروا الحركة انها محاولة لسحب البساط على القاهرة "عاصمة الفن العربي" وسيدة الشرق الاوسط فنياً وثقافيًا ، بدون منافس ولا منازع
ومن موقعنا هذا في عصر ما قبل الحداثة ، في تلك البقعة النائية من العالم " اليمن " حيث مازلنا في جدلية هل المعازف حرام! ويجب ان تؤخذ موافقات امنية قبل عمل اي فرقة موسيقية ! وعدنا لنقاش مهم حول هل يجوز سفر المراة بدون محرم!
يعني امامنا مليون سنةً ضوئية ونلحقكم في القرن الواحد والعشرين.. فانتظرونا..
لكن، بكل الاحوال، نحب ان ندلو بدلونا ونقول .. لا يمكن لأي مليارات ان تسحب البساط من تحت اقدام قلعة الفن، وحصنه المنيع.. والدليل نحن .. فنحن اكبر دليل ان "الفلوس" لا يمكنها شراء المكانة الحضارية والثقافية.. فهنا نحن بلا مال ، ولا اقتصاد، ولا مسارح ،ولا فن ولا حتى مستقبل ولا اي شيء.. اطلاقاً، فنحن فعليًا على رصيف الواقع ، وعلى البلاطة، لكن مازال مكاننا محفوظ.. ومقعدنا فارغ.. في مسرح الفن والثقافة والحضارة.. فما بالك بمصر!
لم يستطع المال الخليجي حجز مكان اليمن الحضاري والتاريخي، او مليء فراغه، او حتى طمس وجوده، وهو اليمن المنتهي فعليًا من خارطة الفعل والتأثير ، فما بالك بمصر، الموجودة والمتواجدة ومازالت ضمن خارطة التنافس
المال ينتج، نعم، يدعم، يمول، يبرز، ينافس، لكن لا يخلق وعياً، لان الوعي تخلقه الفكرة، المال مسخر لخدمة الفكرة، والشعوب والامم التي بقيت هي تلك التي انتجت الفكرة
ومصر لم تكن قديماً ولا حديثًا امة مال، وطفرة مالية، بل هي امة فكر وافكار، وهذا هو الفرق ، المال ينتج الفكرة ويجسدها لكنه لا يخلقها، لهذا نجا بلد فقير ضعيف مغبون ومظلوم كاليمن حين انهارت دولته، وحكمته الجماعات المسلحة ، لانه بلد انتج فكرة
لذلك يبقى الامل بنجاة اليمن امام التطرف من كل جهاته الاربع سواء الاخواني او السلفي او الحوثي، لانه يناقض الفكرة التي نشاء عليها اليمن وقامت به حضارته وهي التنوع، والتعدد الثقافي.
فمرحى لهذا اليمن الذي يخلق الامل في الامة، فعلى ماذا يحزن بعض المصريين او يشعرون بالغيرة! بالعكس، عليهم الشعور بالفخر، لان المال سينتج حفلة ليلية باهرة تذاع عبر الهواء، لكنه بدون فكرة ينتهي اثره بطلوع الصباح...