الرئيسية المواضيع المقال التحليلي

اليمن اما اتفاق تاريخي.. او حرب تحرق نفط السعودية وعنب اليمن

  • منذ سنة - Sunday 16 October 2022

منى صفوان
صحافية وكاتبة- رئيسة تحرير عربية فيلكسAF

 

كل المنطقة ذاهبة للتبريد، والتسويات الذكية، والتهدئة.. الا اليمن ذاهب  في طريق بلا عودة.. لا يعلم الا الله ماهي  نهايته

 

اليمن يبدو انه يُصر على  ان يتنفس الحرب، بينما،  كل من حوله يتنفس   الصعداء .. واليكم تشكل  الخارطة المحيطة:


 ولنبدأ بالعراق.. الذي  كان قبل أسابيع على أبواب حرب أهلية دامية، وصراع شيعي- شيعي، وكارثة سياسية لايعلم الا الله كيف يمكن ان تنتهي، بعد انتخابات برلمانية فاز فيها التيار الصدري ، ولكن مقتدى الصدر لن يقود العراق وحيدًا

المهندس مرة اخرى 

 ورفض مرشح نوري المالكي لرئاسة الحكومة " محمد السوداني" ثم حدث ما تابعه العالم، من احتجاجات دموية، وفجأة  ظهر الصدر واحتوى الموقف باخر لحظة،  وأعاد جمهوره لبيوتهم، وهدأ  العراق وكان العاصفة  لم تمر. 


وبهدوء شديد عقد حوارًا ، و جلسة برلمان سرية، وانتخب رئيساً جديداً للعراق، وكلف رئيس وزراء ، هو ذاته " محمد السوداني " الذي رفضه مقتدى الصدر وبسببه اثيرت الازمة

ومر الامر ، وبدون أي اعترض او تعليق، وبمباركة كل الدول السعودية وايران وامريكا وجزر واق والواق

ماهي الصفقة، ماهي التسوية ، كيف اتفق العراقيون، هي واحدة من اسرار الكون.

من اول طلقة لاول حبة 

ونأتي  للبنان الذي كان على مرمى حجر من حرب حدود ونفط وبحر، بين بطلي الاكشن في المنطقة "حزب الله وإسرائيل"  ، وكليهما كان جاداً جداً بالتهديد والوعيد، والجاهزية للحرب.

فكل طرف استعد  لحرب غير مسبوقة ،ستدمر البلدين ،  وبحسب تقارير إعلامية، فان ساعات كانت تفصل الجارين عن اول طلقة، بسبب النزاع على غاز المتوسط!

وفجأة  هداًً كل شيء ، وبعد تصعيد خطير، وبدء إسرائيل للضخ العكسي التجريبي، وزيادة نبرة وحدة تهديد حزب الله الذي كان قد  ارسل مسيراته في مفاجأة عسكرية .. في خضم المفاوضات.

بعد كل هذا.. هدأت العاصفة ، خلال ساعات، واعلن  المنسق الأمريكي ان الخصمين اتفقا، وتقاسما اكل العنب.. حبة.. حبة.. 

وتم تقسيم غاز المتوسط بين لبنان وإسرائيل.. وبدأ لبنان الاستعداد لترتيبه السياسي الداخلي ، وللتحول لدولة نفطية! 
بعد الإعلان عن الاتفاق التاريخي بين لبنان وإسرائيل الذي باركته أمريكا! من كان يتوقع!! 

 

اتفاق تاريخي

يا عزيزي القارئ.. حتى ايران وامريكا، على اعتاب اتفاق تاريخي اخر، فبلا شك ان ايران دولة تدير مصالحها بذكاء ، وستدعم بقاء بايدين لفترة رئاسية ثانية، لتبعد شبح فوز المجنون ترامب! رجل تمزيق الاتفاق النووي. 

ووسط هذا تأتي السعودية بضربة نفطية، غير مسبوقة ، وفي الوقت الحرج لتخفض الإنتاج، قبيل الانتخابات الامريكية النصفية للكونغرس ، مما يهدد حزب جو بايدن الديمقراطي ، وبلا شك مصلحة السعودية السياسة ليست مع بقاء سياسة الحزب الجمهوري، وهي دولة تعرف ماذا تفعل. 

 

كبرياء السعودية وتحدي الحوثي 

لهذا سعت لتهدئة الجبهة اليمنية ، بحرصها على تمديد الهدنة، وهنا ما نريد التحدث حوله..

فمصلحة السعودية في انهاء حرب اليمن، بطريقة تحفظ لها وقارها كدولة، وهي ليست  أي دولة، بل دولة نفطية كبيرة، تهز بسياستها النفطية والاقتصادية،  اقتصاد وسياسة ونتائج انتخابات اهم دولة في العالم "أمريكا"


لذا يجب انهاء حرب اليمن، بالطريقة التي تراها  السعودية انها تحفظ هيبتها ، ووقارها، وكرامتها كدولة، وهو امر مهم جدًا في السياسة الدولية، وامر بالغ الخطورة والتعقيد والحساسية.
فالدول لها شخصية وكبرياء ، وقد تفضل الحرب والخسارة العسكرية ، على الهزيمة المذلة.

وهنا نلتفت لمصلحة اليمن، اليمن ككل،  كبلد وناس وليس كسلطات وحكومات، ان مصلحة اليمن انهاء الحرب باي طريقة كانت، لان اليمن هو الخاسر الوحيد والحقيقي، كمستقبل وكمواطنيين، وكاقتصاد ، وتنمية…

لكن اليمن السلطات والحكومات والجيوش، لن يخسر باستمرار الحرب، لانه لا يموت جوعاً او فقراً او مرضاً، لكن سيوقف الحرب ان وجد له مصلحة سياسية ومالية.

وركز ان علاقة الحوثيين والسعودية علاقة حوار وجوار، وهي العلاقة الاهم والمفصلية التي ستحدد مستقبل المنطقة ، اذا ابتعدت عن كونها علاقة عداء وحرب وصراع.

الحل : فاتيكان يمني 

حسنًا.. الان المطروح هو تمديد الهدنة لستة اشهر، وجماعة انصار الله الحوثية المحترمة ، لديها شرط واحد بسيط وهو تسليم الرواتب من إيرادات النفط والغاز اليمني ، وهو طلب محق ومشروع ، لكنه يصطدم مع التزام فرض على الحوثيين وهو ان يسلموا هم جزء من الراتب من إيرادات الحديدة!

فهل يسلم الراتب الحوثي من إيرادات ميناء الحديدة، ام الشرعية من إيرادات النفط!

الطبيعي ان يسلم الاثنان الراتب من كلا الايرادين " الميناء والنفط والغاز، وكل موارد الدولة"
بمعنى مركزية القرار السيادي الاقتصادي، بان تورد كل الملايين والمليارات لبنك مركزي واحد، ومنها تخرج الموازنات والصرفيات والرواتب. 

لكن هذا لا يحدث في جمهورية الموز ، حيث لا وجود لدولة مركزية، او اقتصاد مستقل ، لذا يكون الحل بتحرير البنك المركزي من كل السلطات في الشمال والجنوب، ويكون دولة صغيرة منفصلة برئيس خاص للبنك المركزي ، حيث تورد كل الإيرادات وتصرف كل الرواتب والمصروفات "نموذج شبيه بالفاتيكان في إيطاليا"
لكن بالتأكيد لن تقبل أي سلطة في الشمال أو الجنوب خطة تحرير البنك المركزي. 


فيمكن ان يتفق شيعة العراق، وتهدأ بينهم حرب السلطة، ويأكل  حزب الله و إسرائيل العنب ، وتتفق ايران مع بايدن ضد ترامب، لكن ان يتفق اليمنيون على تحرير اقتصادهم، ويعقدون اتفاق مصالح فيما بينهم فهذا فيلم خيال علمي

 

شرط عودة الوصاية 

الحوثيون يريدون بكل ذكاء ووطنية وعبقرية ، ان تضمن لهم السعودية تسليم الرواتب من النفط! ولهذا السبب يهددون بالحرب!! وهم الذين حاربوا ٨ سنوات لانهاء الوصاية، كيف تُشرح  هذه الجملة!!؟ 

فكر عزيزي القارئ هل ينسجم هذا القرار مع طموح الاستقلال اليمني! وسيادة القرار!

سيقول لك قائل.. أصلًا قرار الشرعية بيد السعودية! طيب يا قائل.. خلي شرطك استقلال البنك المركزي وكل الإيرادات شمالًا وجنوبا تورد للبنك ، والكل يكون مراقب عليه ، وفي اكثر من اليه لضمان الاستقلال والشفافية.

اليس هذا الشرط اكثر رفعة ووطنية وسموًا من شرط " اضمنوا السعودية تسلم الراوتب" !!

الراتب شأن سيادي رفيع المستوى، من يسلم الراتب يحكم، لذا لا يجوز عقليًا ومنطقياً ان نطالب دولة اجنبية بالاشراف على تسليمه.

الحوثيون  خاضوا حرب الثمان سنوات بشجاعة تشهد لهم،  من اجل استقلال القرار اليمني ورفع الوصاية السعودية، ثم يعيدون العربة التي كانت امام الحصان ، ليضعوها  فوق الحصان، ويطلبون اشراف وضمانات وتدخل السعودية!! 

هذا القرار يمني اولاً، وثانيًا هو يحتاج لتنازل كل الاطراف ، وعلينا ان ندرك ان تنازل السعودية سيبقى محدودًا  ، ليتناسب وكبرياء دولة كبيرة، علينا ان ندركه ولا ننكره .  

هوس التقليد الاعمى

هوس الحوثيين بتقليد ايران وحزب الله.. تقليداً اعمى احياناً ، جعلهم  في نهاية الحرب يشترطوا ضمانات، تبدو  في عمقها اعادة  بشكل ما للوصاية السعودية.. على القرار اليمني!

 فإيران حين طلبت ضمانات من أمريكا لإعادة الاتفاق النووي ، وحزب الله كذلك حين طلب عبر الحكومة اللبنانية ، ضمانات من إسرائيل لاتفاقية الغاز، كانا يفاوضان عدواً، غدراً، لا يمكن بناء علاقة معه، او جسور الثقة،  وهذا لا يمكن تطبيقه في حالة اليمن والسعودية.. 

فأولًا أمريكا وإسرائيل ، ليستا جوار عربي واسلامي، يفترض فيه بناء جسور الثقة، والمصالح المشتركة ، بل أعداء تاريخين للامة لا مصالحه معهم، ويحق لحزب الله ومقاومة لبنان طلب اتفاق خطي من عدو غدار.  

ثانيًا.. أي ضمانات هذه التي لا تكسر، فأي اتفاقية يمكن نقضها بسهولة  في أي وقت،  ولا توجد ضمانات طالما لا توجد ثقة، فقد فعلتها أمريكا في الاتفاق النووي
 لان العلاقة بين ايران وامريكا ليست هي العلاقة المفترضة مستقبلًا بين اليمن والسعودية، التي من المفترض ان تكون علاقة جوار وثقة ومصالح. 

 

نفط وعنب 

دعونا نتكلم بمنطق ، وبدون مزايدات، لابد من رسم افق جديد لعلاقة اليمن والسعودية، علاقة ندية، علاقة ثقة، علاقة مصالح، بلدين جارين تجمعها العروبة،  والدين والتاريخ المشترك ، والقبيلة والنسب. 

وحتى ايران من مصلحتها في التقارب اليمني- السعودي، وبالاصح التقارب الحوثي - السعودي 

لا مقارنة بينها وبين علاقة الجوار اللبناني- الإسرائيلي ، فلا يجوز استنساخ تجربة حزب الله مع إسرائيل سواء حرباً او اتفقاً ، ولا حتى استنساخ تجربة الاتفاق بين ايران وامريكا 

فعلاقة اليمن بالسعودية علاقة مختلفة وخاصة، وهذه الحرب لا يجب ان تنتهي باتفاق وضمانات وشهود دوليين! بل بود، ومصالح، وبناء جسور الثقة والتخطيط للمستقبل معاً، وجماعة الحوثي مازلت من اقرب الجماعات اليمنية للسعودية.. يتشاركون الحدود الجغرافية، والخطط المستقبلية. 

 


علاقات قدرية

السعودية جارنا الذي لن نغيره ولا يغيرنا لا تاريخياً ولا جغرافياً، وكما اتفقت قطر والامارات وقطر والسعودية ، وسلطنة عمان والامارات، والسلطنة والمملكة، بعد سنوات الشد والجذب الخليجي - الخليجي، جاء الوقت للاتفاق اليمني- السعودي، لتستقر المنطقة. 

 

جاء الوقت للاتفاق اليمني السعودي ، هكذا سنتهي الحرب، باتفاق تاريخي ومصالحة حقيقية، وليس بهدنة ووساطة دولية، بل بتنازلات من كل الاطراف، وتقارب، وخطط مستقبلية مشتركة ، وحوار مباشر دون وسيط خارجي، الهدنة الاممية ليست حلاً.  

فالعلاقة اليمنية السعودية ،  علاقة قدرية،  وليست فقط اقليمية وسياسية! هذه ليست علاقة روسيا بتركيا، آو بريطانيا بامريكا.. انها علاقة  بطبيعة خاصة ومختلفة. 

ولقد اتخذت السعودية خطوة اجدها بالجريئة والذكية، بإعلان قدوم وفد لصنعاء لمعالجة قضية الاسرى، ولأول مرة يتم تبادل الاسرى بإعلان زيارات متبادلة.

انها خطوة لبناء جسر الثقة ، والذي يبنى من الطرفين، وخلال سنوات الحرب اثبتت جماعة الحوثي انها ذات بأس شديد، وصاحبة عزيمة وقوة، ولديها قدرة فولاذية على الصمود، ويليق بها المشاركة بحكم بلد عظيم كاليمن، لكن يجب ان تبدا الجماعة القوية بمد يدها باتجاه الطرف الاخر من الجسر، وهذه خطوة تحتاج لشجاعة من نوع خاص. 

وقتها ، ستكون مسالة الراتب والايرادات ، والنفط، ومطار صنعاء وميناء الحديدة، بسيطة جداً ، وصغيرة جداً ، ولها الف حل وطريقة  ، وقتها ستنتصر  الحكمة اليمنية، وسنأكل  العنب اليمني.. الذ وافضل واجود انواع العنب.

 

سلام