منذ أسبوعين - Sunday 25 May 2025
Helen Lackner – Yemen in Crisis: Autocracy, Neo-liberalism and the Disintegration of a State
(دار Verso Books، الطبعة الأولى 2017، الطبعة الثانية المنقحة 2022)
يُعد كتاب هيلين لاكنر من أبرز المراجع الغربية التي تناولت الأزمة اليمنية بعيدًا عن السرديات الإعلامية السطحية. على عكس الكثير من الكتّاب الغربيين الذين يكتبون عن اليمن من بعيد، فإن لاكنر باحثة ميدانية عاشت في اليمن أكثر من 15 عامًا، وتُجيد العربية، مما يمنح كتابها عمقًا ومعرفة محلية نادرة في الأدبيات الغربية عن اليمن.
الخلفيات الاجتماعية والتاريخية لليمن الحديث
من ثورتي الشمال والجنوب، إلى الوحدة، ثم حرب 1994 والانقسامات البنيوية التي نتجت عنها.
فشل الدولة وظهور المليشيات
ترى لاكنر أن سبب الانهيار لا يعود فقط إلى “الحوثيين” أو “التحالف”، بل إلى تفكك بنية الدولة اليمنية بفعل النيوليبرالية والفساد السياسي وضعف المؤسسات.
النيوليبرالية كعامل تفجير
من أجرأ فصول الكتاب، حيث تُبرز لاكنر كيف أن البرامج الاقتصادية المفروضة من البنك الدولي وصندوق النقد منذ التسعينات، أدت إلى تهميش ملايين اليمنيين، وإضعاف القطاع الزراعي، مما وفّر بيئة خصبة للغضب والتمرد.
التحالفات الخارجية والصراع الإقليمي
لاكنر لا تُبرئ السعودية ولا الإمارات ولا حتى السياسات الغربية، لكنها تنتقد أيضًا قصور النخب اليمنية عن بناء عقد اجتماعي متماسك.
لغة الكتاب: أكاديمية، لكنها ليست متعالية أو جافة. تستخدم لاكنر لغة واضحة مدعومة بالأرقام والمقابلات والتقارير.
المنهج: يجمع بين البحث النوعي (qualitative) والتحليل البنيوي. وهي نادراً ما تقع في التعميمات أو الأحكام السطحية.
نقطة القوة الكبرى في الكتاب هي استناده إلى شهادات يمنيين على الأرض، لا فقط تقارير دولية. وهذا يُظهر احترامًا للواقع المحلي ولأصوات اليمنيين أنفسهم.
تمثيل اليمن: بين التعاطف والواقعية
تقدم لاكنر تمثيلًا معقدًا لليمن:
لا تصور اليمنيين كضحايا فقط، بل تعرض مسؤوليات النخب المحلية.
لا تمجد القبيلة ولا تذمّها، بل تشرح دورها الاجتماعي والسياسي بتوازن.
تُنصف الجنوب والشمال معًا، وتنتقد سلوك النخب السياسية في كل من عدن وصنعاء.
لكن يُلاحظ أن الكتاب يميل لتيار اليسار الغربي، ويقدم تفسيرًا اقتصاديًا واجتماعيًا بدرجة أكبر من التفسير الثقافي أو الأيديولوجي.
هل يكفي النقد البنيوي لفهم أزمة مثل اليمن، أم أن العامل الديني والمذهبي والسيكولوجي يحتاج أيضًا إلى تحليل؟
عمق المعرفة والسياق المحلي.
تحليل غير مُسيّس للصراع.
نقد جريء للدور الغربي في تفكيك الدولة اليمنية اقتصاديًا.
لا يُغطي الكتاب بشكل كافٍ تجربة الحراك الجنوبي كمكوّن سياسي مستقل.
يمرّ على بعض التحولات العسكرية (مثل نشأة الحوثيين) بلمحات سريعة، دون تعمق في البنية الأيديولوجية.
رغم تحديث الطبعة الثانية، إلا أن الكتاب يحتاج فصلًا إضافيًا عن تداعيات الانسحاب الإماراتي والتحولات الأخيرة (2022–2024).
يُعد Yemen in Crisis مرجعًا لا غنى عنه لأي باحث أو صحفي أو صانع سياسات مهتم بفهم اليمن من الداخل. قوته في أنه لا يختزل اليمن في الحرب، بل يُقدّمه كبلد يحمل تراكمات من الصراع والإقصاء والاستعمار الاقتصادي. لكنه يظل جزءًا من سردية أكبر تحتاج إلى أصوات يمنية تكتب عن نفسها، بنفس العمق، ومن موقع الفاعل لا فقط الموصوف.