الرئيسية المواضيع المقال التحليلي

ان سقط النظام الايراني الليلة..هل تتغير سياسية ايران؟ يقضة القومية الفارسية..هوية ايران ليست اسلامية، والمعارضة ليست علمانية

  • AF
  • منذ سنة - Saturday 24 September 2022

منى صفوان
صحافية وكاتبة- رئيسة تحرير عربية فيلكسAF

مظاهرات ايران هل تهدف اساسا لاسقاط  النظام! واذا سقط هل تتغير  سياسية ايران!؟


قبل الحديث عما يحدث في ايران، علينا ان نعي اننا نتحدث عن الامة الفارسية ، المعتزة بقوميتها، وثقافتها، والتي ترى ان الدين والثقافة الإسلامية ليست الا جزءً بسيطًا من ثقافتها وتاريخها العريق  ، فالارث الثقافي  والقومي له حضوره الكبير والخاص، في الاحداث الأخيرة، انه يقضة القومية الفارسية، فهو ليس صراعاً داخل الفقه االاسلامي، بل موجة صراع بداخل  الحضارة الفارسية.  

ايران ليست إسلامية 
فايران، دولة فارسية قبل اي شيء ، وليست إسلامية، فالإسلام لايشكل الا الجزء الأقل من هويتها، وهو ليس الهوية الجامعة ، التي تجمع كل طوائف المجتمع او الامة الإيرانية، واي شعبية لاي قيادي او سياسي او زعيم او حتى فنان ، تنطلق من انتمائه للقومية الفارسية.

اذن ، لدينا في الجوار الايراني، مظاهرات حاشدة ، وعنيفة منذ أسبوع تقريبًا ،  في اهم واكبر المدن الإيرانية، وايران ليست دولة صغيرة ، وخروج عشرات او مئات الالاف ليس امراً سهلًا ، وهو دليل على رد فعل عنيف وغاضب ، وانفجار يصعب السيطرة عليه، ولكن هذه المظاهرات ليست سياسية، أو دينية ، بل نزعتها الاساسية قومية ، ومحركها اقتصادي محلي بحت. 

فخلال عشرة  أعوام خرجت عدد من المظاهرات العنيفة المشابهة، التي أحرقت صور قادة الثورة الإسلامية ورموزها، ومراكز الشرطة، ومقرات الباسيج " قوات التعبئة "، بل واعتدت على افراد منهم، وهذا لم يهز صورة النظام، لان طبيعة المجتمع الايراني مختلفة عن المجتمعات العربية، بل ربما قوى هذا من صورة النظام. 

النظام المرن 
الرفض لم يغير المعادلة على الأرض، والنظام لم يغير من سياسيته القمعية في الداخل ، ولا سياسته التوسعية في الخارج.
لم يتغير او يهتز او يضعف، ومع كل موجة احتجاجات، يزداد قوة ووحشية، وصموداً، وتماسكاً، وسرعان ما يستعيد شعبيته، ونفوذه وسيطرته في الداخل .

فقوة النظام تكمن في قدرته، ان يظهر انه جزء من القومية الفارسية ، وان نظام الحكم الاسلامي، لا يلغي القومية الاساسية للشعب، وهذا هو خطأ الحكم الاسلامي في طهران، اضف اليه العبء الاجتماعي بسبب العقوبات الاقتصادية ، والضغط السياسي، فذكاء النظام بات بقدرته على توظيف هذه النقطة الجامعة " القومية" ليعيد الشعبية المنهاره، ويجمع الشعب حوله، ويفتت المعارضة من الداخل . 

نتائج العقوبات الاقتصادية هي  السبب الأكبر للاحتجاجات منذ العام ٢٠١٧، فالازمة الاقتصادية، وازدياد البطالة، وتفشي الفقر، وحالة الركود والتضخم الاقتصادي، فجرت الغضب الجماهيري، في وسط اجتماعي يشعر ان هويته مهددة. 

 

حالات عنف شهدتها الاحتجاجات المتفرقة في العام ٢٠١٧- ٢٠١٨ ، وبعدها ٢٠١٩، واليوم ٢٠٢٢. وقبلها في ٢٠٠٩

قُتل فيها عشرات المحجين، ومنهم من افراد الشرطة، او عناصر الباسيج ، الذين يصل عددهم لمئات الالاف، وقد  يصل لاكثر من ١٠ مليون شخص، وقت الحاجة ، من القوات المتطوعة من الرجال والنساء، لحفظ الامن وحماية الثورة.
ف"الباسيج" مليشيا عقائدية مسلحة إيرانية؛ تضم ملايين المتطوعين وممولة مباشرة من الدولة، وتعتبر من الكيانات الأكثر تأثيرا في الحياة السياسية والأمنية والمجتمعية بإيران، كما تعد أداة عسكرية لحماية مصالح نظامها السياسي داخليا وخارجيا.

هل يصمد النظام

النظام في ايران، يبدو صلبًا ومرناً ، امام هذه الاحتجاجات العنيفة، وان كانت مطالبها مشروعة، لدرجة تطرح سؤالاً ، هل يمكن لاي نظام عربي الصمود امام احتجاجات مشابهة؟ تكرر كل عامين! لأسباب اقتصادية لا يمكن معالجتها بسهولة وسرعة ؟

الأهم من القوة، هي القدرة على اظهار المرونة ، وإعطاء المظاهرات حجمها الحقيقي في الشارع، والتعامل معها، دون ان يربك هذا سياسته الخارجية آو الداخلية، وطبعاً سيتهم ادوات الخارج التي ستتورط بدعم المظاهرات.

فتقدم فرصة للنظام، للتشكيك بمشروعية الاحتجاجات وتفتتها من الداخل، بالاستناد على فكرة القومية الفارسية الجامعة، وان الاعداء في الخارج يتربصون بنا، وهي خطة ناجحة، تؤثر سريعًا .. لان هذه هي نقطة الضعف الشعبية، وهي اكثر ما يجمع الامة الايرانية  . 

ومرة أخرى نسال ، كيف سيتعامل أي نظام عربي مع احتجاجات مشابهة ، هل يصمد ام ينهار.؟!


التنفيس
ازدياد الاحتجاجات هل دليل قوة النظام وصموده، وقدرته على مواجهتها، وعدم تاثره بها، ام دليل على ضعف تاثيرها 

الا تعمل هذه الاحتجاجات لصالح النظام، بدون ان تدري، حين تكون عامل تنفيس، عن ضغط ، يخفف من الاحتقان، وبالتالي تخفيف الضغط على النظام.

وان كان السبب هذه المرة مقتل فتاة على يد شرطة الاخلاق، فان العامل الخفي هو سوء الأوضاع الاقتصادية ، وزيادة العنف والقمع من قبل الشرطة.

لذا ان بدأت الحكومة الإيرانية ، بمعالجة اقتصادية شاملة ، يمكنها تلافي الاحتجاجات بالمستقبل.

تغير النظام 

لكن، ماذا ان لم يصمد النظام الإيراني، وحدث له ما حدث  للشاه في ١٩٧٩ وتكون هذه الاحتجاجات نواة ثورة شعبية.

هل سيعني الامر اختلافًا في السياسة الإيرانية الداخلية أو الخارجية ؟
هل سيعني هذا قيام نظام ديموقراطي ؟ او علماني؟ او صديق للعرب ، وضد التوسع والنفوذ الإيراني؟

الإجابة بكل بساطة.. لا
فالمعارضة المنظمة في الخارج " مجاهدي خلق" ليست حركة يسارية علمانية ، بل هي حركة جهادية دينية، لا تختلف عن " الحرس الثوري" وزعيمه المعارضة ترتدي الحجاب أيضًا ، فهي ليست حركة علمانية 
 فهي حركة نشات في الخمسينات ضد نظام الشاه، وكانت جزء من الثروة الإيرانية ضده، فهي منظمة مسلحة عنيفة.

وفي الداخل لايوجد حتى الان ، جبهة معارضة منظمة، لها قيادة وأيديولوجية واهداف واضحة
فهذا الاحتجاجات خلال السنوات الماضية ، طلباتها داخلية متعلقة بالمعيشة، المستوى الاقتصادي والبطالة، والقمع باسم الدين.

ماذا عن أطماع ايران ؟


هل ستتغير السياسة  الإيرانية ، بمجرد تغير النظام ؟ الإجابة أيضًا.. لا.


فقبل الثورة الإيرانية ومجيء المرشد، وقيام الجمهورية الإسلامية ، كان نظام الشاه، لا يقل  خطراً على جيرانه العرب


لقد طالب بضم البحرين ، وهو من احتل الجزر الاماراتية، والمشروع النووي، هو من اسسه، وكان يطمح ليكون القوة النووية الأكبر في المنطقة
وتعامل دائماً مع جيرانه العرب ، بتعالي، وبوصفه شرطي الخليج، فهذه هي السياسة الإيرانية تجاه المنطقة، لم ولن تتغير بتغير النظام 

فاي نظام قادم ، سيحافظ على المكتسبات التي حافظ عليها النظام الحالي، فكما حافظت الجمهورية الإسلامية على مشروع الشاه النووي والتوسعي، كذلك سيفعل أي نظام إيراني اخر . 
سيختلف  الاسم ، وشكل الدولة ، لكن السياسة الخارجية، لن تختلف كثيرًا ، لان موقع ايران الجغرافي ، يحتم عليها حماية قوميتها، ووجودها من خلال سياج حدودي قوي، بالتوسع، وبترسانة عسكرية ، وحلفاء يحمون المصالح الإيرانية.