منذ 7 أشهر - Friday 19 April 2024
AF
قبل الحرب في غزة، اعتقد العالم الغربي عموما انه ما هي إلا خطوات قليلة حتى يتم تطبيع العلاقات بين المملكة العربية السعودية وإسرائيل وبعدها ستندمج اسرائيل في العالم العربي واقتصاداته. هذه رؤية روج لها البيت الأبيض ، وحتى نقاش واشنطن حول طوفان الاقصي كانت هناك رغبة في تجاهل حياة الزل التي يعيشها الشعب الفلسطيني تحت الاحتلال وشرحت واشنطن احداث السابع من اكتوبر على انها عملية إيرانية الهدف منها تعطيل أي صفقة سياسية بين السعودية وإسرائيل. لاحظ انها عملية إيرانية أي ان الفلسطينيين راضون بحالهم تحت الاحتلال لولا تحريض ايران . ومرت ستة اشهر على كل الطروحات الملتوية التي تتجنب الحديث عن المظالم الحقيقية لاهل فلسطين لتتحدث عن ايران وعن دورها في تعطيل التطبيع .
حرب الابادة في غزة كشفت واقعا جديدا على واشنطن ودول الاقليم التعامل معه بجدية. الواقع اليوم مختلف. حتى لو تخيلنا ان إسرائيل قد نجحت في توقيع معاهدات سلام مع جميع الدول العربية بالجملة وفي صفقة واحدة، فهذا لا يعني الكثير في عالم ما بعد الابادة في غزة. فاللاعبين الجدد في المنطقة مثل حماس وحزب الله، بقدراتهم العسكرية الهائلة وقواتهم المدربة جيدًا والتي تم اختبار قدراتها في مواجهة اسرائيل تمتلك تأثيرًا كبيرًا في الشرق الأوسط اليوم وتمتلك سلطة الفيتو الحقيقية على اي سلام محتمل في الشرق الأوسط.
في السابق كانت الدول وأشباه الدول مثل إسرائيل والسلطة الفلسطينية والقوى الإقليمية مثل مصر والاردن تقف في مركز التفاوض التقليدي للتوصل إلى سلام بين اسرائيل وجيرانها، ولكن الوضع مختلف الان . فصعود نجم الحركات ( حماس، حزب الله وانصار الله ) على حساب الدول قد أضاف بعدًا جديدًا إلى ديناميات السلام في المنطقة. اليوم، فالناظر الى المشهد الاقليمي اليوم لا تفوته ملاحظة ان المجموعة المتمردة في اليمن المعروفة باسم جماعة الحوثي او أنصار الله استطاعت إيقاف التجارة في البحر الأحمر من باب المندب إلى قناة السويس، واليوم و بدلاً من العبور عبر قناة السويس، تسلك السفن التجارية الطريق الأطول عبر رأس الرجاء الصالح بما يكلف العالم كله وقتا وأموالا نتيجة لتغيير مسار هذه السفن.
تاريخياً، تمحورت مفاوضات السلام في الشرق الأوسط كما هو معول بين دول مثل مصر والأردن وإسرائيل او بين اسرائيل والسلطة الفلسطينية والتركيز على الجهود الدبلوماسية التقليدية للوصول إلى اتفاقيات بين الحكومات. اما اليوم فقد تغيرت المعادلة . ظهور منظمات مثل حماس في الأراضي الفلسطينية وما تمتلكة من قدرات هائلة على الصمود والتصدي كما شهدنا خلال الستة شهور الماضية قد غير معدلة توازن القوى في الاقليم . اثبتت حماس انها قادرة وانها ليست اقل من حزب الله في حربه مع إسرائيل عام 2006 . امتلاك هذه الجماعات لكل هذه القدرات ومستوى التدريب العالي لمقاتليها من خلال الاحتكاك المباشر مع إسرائيل يجعل الجميع يعمل لها الف حساب في الحرب والسلام.
أحد العوامل الرئيسية التي تمنح حماس وحزب الله سلطة الفيتو على مبادرات السلام في الشرق الأوسط من خلال العمل العسكري. لقد أظهروا قدرتهم على شن هجمات ضد أهداف إسرائيلية، مما أدى إلى تصاعد في العنف وتقويض الجهود المبذولة لتحقيق سلام دائم. يمتد تأثيرهم إلى خارج أراضيهم المباشرة، حيث يتمتعون بدعم من جهات إقليمية مثل إيران، التي توفر لهم المساعدات المالية والأسلحة والدعم السياسي.
علاوة على ذلك، قد وضع حماس وحزب الله أنفسهما كلاعبين سياسيين مهمين، مع دعم شعبي كبير في بعض القطاعات من السكان في الأراضي الفلسطينية ولبنان والعالم العربي والإسلامي الأوسع نطاقًا. يمنحهم هذا القاعدة الشعبية الشرعية والرهان في التفاوض، حيث أن أي اتفاق سلام لا يعالج مطالب هذه القوى الفاعلة قد يواجه المعارضة ممن يؤيدونهم في العالم الإسلامي بأسره وليس العالم العربي وحده. .
حماس وحزب الله اليوم لديهما فيتو على السلام في الشرق الأوسط . ومن يقل غير ذلك واهم .