ماهية الموت

  • منذ سنة - Thursday 01 September 2022

رشا كافي
صحافية يمنية وناشطة سياسية-محررة  في AF

 (ماهية الموت )


في كتاب (النبي )لجبران ،والذي دعاني فيه إلى التواصل مع الجانب الروحي، كعادة أعمال جبران جميعها، التي تُظهر  دوماً من إعلى قيمة الروح على الجسد ،و أعتقد هذا يعود لجذوره المسيحية التي تغرس في نفوس أتباعها التواصل مع الروح و التوحد بها بدل الإهتمام بالأشياء المادية،  تماماً كما يفعل المتصوفون ، عندما بدأت قِرأت هذا الكتاب تبادر لذهني كأني اقرأ الكتاب المقدس أو أني أراجع الوصايا العشر في سفر الخروج إلى أنه كان في الظاهر يشبه (هكذا تكلم زرادشت )لنتشة، لكنه في المضمون يختلف تماماً عن كلاهما، تحدث جبران في كتابه على أكثر من 26 محور يمكن عن ( الحب و الزواج ،الأسرة و الأبناء، القانون و الجريمة والعقاب، الحريات و الدين ،الموت و الحياة )والكثير من المضمونات الفلسفية التأملية و الإجتماعية ،  إلا أنه ركز على أن الحب هو أساس الحياة و الجوهر الأصيل لها. 


ما أريد قوله أن جبران في حديثه عن محور الموت وهو أكثر محور شدني نظراً لشغفي في البحث في الماورائيات  قال : 

"اذا رغبتم بالحقيقة في أن تنظروا روح الموت، فافتحوا أبواب قلوبكم على مصاريعها لنهر الحياة، لأن الحياة و الموت واحد أيضًا، ففي أعماق آمالكم و رغباتكم تتكئ معرفتكم الصامتة لما وراء الحياة " 

تابعت بشغف كبير، بعد أن تأملت مقولته تلك لساعة كاملة ، ثم ماذا ؟ 

و كأني سأجد الإجابة في بقية حديثه، لكنه أرهقني في وصفه و تشبيهاته :

" وهل موت الإنسان هو أكثر من وقوفه عاريا في الريح و ذوبانه في حرارة الشمس؟ 

أم هل انقطاع التنفس غير تحرير النفس من دورانه المتواصل، لكي يستطيع أن ينهض من سجنه و يحلق في الفضاء ساعيا إلى خالقه من غير قيد ولا عائق ؟ " 

هكذا ظل يطرح مقارنات افقدتني الأمل أن أجد الجواب الشافي لهذا اللغز الميتافيزيقا بين سطوره ، لكنه سرعان ما رد عليّ بأن لا أفقد الأمل بنفس الوقت اقفلها تماماً في وجهي : " لذلك فلتكن ثقتكم عظيمة بالأحلام، لأن بوابة الأبدية مختفية فيها " بقدر ما جذبني و أشعل في تواصل مع جانبي الروحي ، ذهب بي الى الاحلام و كأنه يعدني الى نفس المتاهه الاولى، الا أنه اوصلني إلى قناعة معه بأن بوابة الأبدية مختفية في الأحلام ، كحال جميع الفلاسفة الذين لم يستطيعوا  معرفة ماهية الموت و مابعد الموت .