فوزي الحقب يكتب عن المعلم وانعدام الراتب

  • منذ سنة - Wednesday 31 August 2022

فوزي الحقب يكتب عن المعلم وانعدام الراتب

 ثمة أسئلة عليلة يستفيض منها الألم بصورة لا تترك معها مجالاً للتبرير مهما حاولنا التذرع بالظروف الجارية، لعل أبرزها ما يشعر به "المدرس" حيال معاناته الحقيقية في هذه الفترة التأريخية بالذات، كأنعكاس مؤثر للظروف المترتبة على أنقطاع الراتب وتأثير ذلك سلباً على حياته الخاصة، بدءاً من العجز التراكمي الذي تتسع فجوته مع مرور الأعوام وتوالي الأزمات، وحجم الاستنزاف الذي يتفاقم اكثر فأكثر عليه، مع أستمرار الصراعات التي تخضعه للقبول بالأجر الزهيد، أو حرمانه إذا تحدثنا عن فصول الحرب الدائرة.. 

وبين تلك الهموم التي يقاسيها، يعاني الأمرّين في كل أحواله، فلا أفلح في تغيير واقعه الاقتصادي إلى الأحسن في السابق، ولا ساعدته السلطات القائمة في توفير معاشه كما هو واجبها نحوه، وكأن قدَره ان يداري أوجاعه كما هي بالفعل، لا كما يجب ان يكون عليه تطلعاته وحلمه المنشود، 

يُفسر حالته هذه بأنها أرتباط وثيق بالوظيفة وأرتهان مصيري للأطر التي تحكمه ولا مناص منها، شأنه شأن الواجب الذي يحتم عليه فكرة الإلتزام بين خصوصيته كمعلم، وهويته التي يعبر عنها ضمن وسطه الإجتماعي السائد. 

وهكذا نجده مظطراً على تحّمل النتائج الذي تمكنه من الحفاظ على موقعه وتأثيره، وبين الوقوف على معايير الأمل الذي يتوقع تغييرها الى الافضل ولو في حدودها البسيطة.. 

وبعيداً عن المقاييس الأخرى التي نغفلها هنا فأن أهمية هذه الشريحة تبرز من خلال دورها الهام والوطني في جانبها التكاملي، يؤكد ذلك حجم حضورها في رفع مستوى عامة المتلقين، حيث تشكل مصدراً دائماً للعلم والتعلم وتسهم في سيرورة المعرفة التي تعزز قيمة وتقدم الشعوب، ولذلك يصبح الحفاظ عليها وبناء حياة كريمة لها حقاً أساسياً على السلطات القائمة ان تحمله، وتوجّه داعم تأخذه الدول على عاتقها ومسؤوليتها،

في حين ان المدرس في بلادنا على وجه الخصوص يعاني شظف العيش ومكانته العملية لا تشفع له ان ينال أستحقاقه على أكمل وجه، بيد ان أرتباطه بالوظيفة لا تعفيه ان يتخلى عنها تحت ظرف الضرورة وهو الذي كافح طويلاً للوصول اليها، بينما هناك من يتحدث طويلاً عن مكاسب زائفة ويسهب في سردها، وينسى او يتناسى العواقب التي يتسببها أنقطاع الراتب على الوجود الإجتماعي ككل، 

وبالرجوع الى التحولات الكبرى التي تكتسب بعداً وطنياً، يمكن الإشارة إليها من خلال الأعتناء بالنماذج التعليمية من دون ان نجعلهم يعانوا، ويمكن مساعدتهم بتحفيزات مادية فوق الذين يتقاضونه بهدف القيام بدورهم على أكمل وجه، وبتعبير آخر نستطيع أن نستحوذ على أهتمامهم بصورة مطلقة طالما وقد تعزز الجانب التكاملي، وذلك على النحو الذي يحقق نجاحاً كبيراً على مستوى المضمون ومضاعفة الجهد وتوسيع القدرات وتحقيق الأستجابة السليمة في المجتمعات. 

ولنا ان نتخيل متطلبات الثبات والاستقرار الذي تحتاجه هذه الشريحة الواسعة من المعلمين، وبين واقع الأهمال الذي يؤدي الى ركودها وخاصةً إذا تعثرنا عن تلبية مستحقاتهم وأحجمت السلطات عن السداد .