منذ 3 أسابيع - Sunday 18 May 2025
AF
منذ تولي دونالد ترامب رئاسة الولايات المتحدة عام 2017، شهدت العلاقة بين دول الخليج وإدارته دفعة قوية، تجسدت في زيارات رسمية، وصفقات بمليارات الدولارات، واستثمارات متبادلة. لكن هذه العلاقة، التي أخذت طابعًا شخصيًا وتجاريًا، طرحت تساؤلات عديدة: هل كانت هذه الأموال تخدم المصالح الاستراتيجية لدول الخليج؟ وهل كان من الأفضل استثمارها في الداخل العربي، حيث تتفشى البطالة، وتنهار البنى التحتية، وتتعثر مشاريع التنمية؟
صفقات السلاح:
في مايو 2017، أعلنت السعودية خلال زيارة ترامب عن صفقات تسليح واتفاقيات تجارية تتجاوز قيمتها 450 مليار دولار، منها أكثر من 110 مليار دولار صفقات سلاح مباشرة.
الإمارات والبحرين كذلك عقدتا صفقات مماثلة وإن كانت أصغر حجمًا، خصوصًا في إطار تعزيز التعاون العسكري والأمني مع الولايات المتحدة.
تقارير أمريكية متعددة أشارت إلى أن شركات تابعة لترامب أو أسرته تلقت دعماً مباشراً أو غير مباشر عبر استثمارات أو شراء عقارات أو استضافة فعاليات.
في 2022، كشف الكونغرس الأمريكي أن صندوق الثروة السيادية السعودي استثمر 2 مليار دولار في صندوق استثماري يديره جاريد كوشنر، صهر ترامب، بعد مغادرته البيت الأبيض.
لو تم استثمار نصف هذه الأموال فقط، أي نحو 225 مليار دولار، في مشاريع عربية، لكان بالإمكان تحقيق:
تقديرات الأمم المتحدة تشير إلى أن إعادة إعمار سوريا مثلًا تحتاج إلى 250 مليار دولار.
اليمن يحتاج إلى 100 مليار دولار لإعادة الإعمار الشامل بعد الحرب، وفق تقارير البنك الدولي.
إنشاء بنية تحتية عربية موحدة:
إنشاء سكك حديدية تربط العواصم العربية، وممرات تجارية ولوجستية، كان ممكنًا بحوالي 100 مليار دولار فقط.
تحويل جزء من الأموال إلى تمويل جامعات بحثية على الطراز العالمي في العواصم العربية كان يمكن أن يغيّر ملامح المنطقة علميًا واقتصاديًا.
الهاجس الأمني: كثير من الدول الخليجية اعتبرت الحماية الأمريكية ضرورة استراتيجية في مواجهة إيران أو المهددات الإقليمية.
البحث عن النفوذ: العلاقات مع ترامب منحت قادة خليجيين نفوذاً خاصاً في واشنطن، وساعدت في تمرير سياسات كالتطبيع ودعم مشاريع جيوسياسية.
التحالفات الاقتصادية: كانت هناك رهانات على أن هذه الأموال ستضمن تدفق الاستثمارات الأمريكية وتعزيز التعاون الثنائي، لكنها لم تؤتِ ثمارها كما كان مأمولًا.
ما الجدوى من ضخ أموال ضخمة في دولة أجنبية مقابل حماية قد لا تستمر؟
إلى أي مدى كان بالإمكان تقوية الجبهة الداخلية العربية بهذه الأموال؟
هل يمكن اليوم إعادة توجيه الاستثمارات نحو الداخل العربي بدل الخارج؟
وهل آن الأوان لتأسيس صندوق تنمية عربي مستقل ومحصن من التدخلات الأجنبية؟
ما دفعه الخليج لترامب يعادل ميزانيات دول عربية كاملة لسنوات. وإذا كانت مبررات الإنفاق قائمة على حماية المصالح، فإن المراجعة الآن تقتضي إعادة التفكير في الأولويات. التنمية، الأمن، والاستقرار لا يُشترى من الخارج فقط، بل يُصنع من الداخل أولًا