منذ شهر - Saturday 10 May 2025
AF
بعد سنواتٍ من الدماء، والتجويع، والتفكك، يقف اليمن اليوم على مفترق طرق حاسم. وبينما تتبدل المواقف الدولية، وتتناقص شهية الأطراف الخارجية للاستمرار في حربٍ مكلفة بلا أفق، نؤكد – كما كنا منذ البداية – أن وقف الحرب لم يكن يومًا ضعفًا، بل كان أقوى خيار وطني ممكن.
اليوم، الفرصة سانحة، والظروف تغيّرت، والمصلحة واضحة: اليمن أولًا، لا وكلاء الخارج، ولا أجندات متصارعة على حساب الشعب.
لأن المأساة أصبحت مركّبة: جوع، حصار، تهجير، أمراض، وانهيار شبه كامل لمؤسسات الدولة.
لأن الحرب أنهكت كل الأطراف، ولم تُنتج إلا مزيدًا من الدم، في وقتٍ تُصنع فيه التفاهمات الإقليمية دوننا.
لأن الرهان على الحل العسكري سقط، وبقيت الحقيقة واضحة: لا حل إلا سياسيًا، وبإرادة يمنية خالصة.
من يدعو لوقف الحرب اليوم لا يخذل أحدًا، بل يُنقذ ما تبقى من وطن.
من يصر على استمرار الحرب، وهو يرى التحولات الدولية، لا يقاتل لأجل اليمن، بل يقاتل من أجل بقائه في سلطة بلا سيادة، على أرض بلا أمل.
لقد نصحنا منذ البداية أن أي مشروع وطني لا يمكن أن يبنى فوق الأنقاض والجثث والمقابر .
نصحت أن الحرب طريق بلا عودة، وأن من يحب هذا الوطن عليه أن ينقذه لا أن ينتصر عليه.
اللحظة الراهنة ليست لحظة مزايدة، بل لحظة شجاعة تاريخية.
وقف الحرب لا يعني تسليم البلد، بل استعادته من حروب الوكلاء.
وقف الحرب لا يعني مكافأة أحد، بل إعطاء الشعب اليمني فرصة للحياة.
وقف الحرب لا يعني النسيان، بل البدء في معركة أصعب: معركة العدالة، والتعويض، والسيادة
من الواضح أن الحرب لم تعد مجدية لأطرافها التقليدية. فالسعودية تسعى للخروج من المستنقع اليمني من دون أن تبدو منهزمة، وإيران تُريد تقليل الضغط الاقتصادي عنها، والولايات المتحدة تسعى لتقليص التزاماتها العسكرية في الخارج.
في هذا السياق، يبدو أن قرار وقف الحرب جاء نتيجة تفاهمات غير معلنة بين واشنطن، الرياض، وطهران، تلعب فيها عُمان دور الوسيط، بينما تُبقي أميركا على خيوط التأثير في الكواليس
ترامب لم يكن يومًا معنيًا بـ”قيم” نشر الديمقراطية، بل ينظر إلى السياسة الخارجية كمجال صفقات. وإذا قرر اليوم دعم وقف الحرب، فذلك لا يعني بالضرورة تغييرًا في الرؤية الأميركية، بل بالأحرى محاولة لتحصيل مكاسب جديدة.
قد تكون هذه المكاسب على شكل:
صفقات إعادة الإعمار عبر شركات أميركية.
تفاهمات مع إيران بالواسطة لتحجيم نفوذ الصين وروسيا.
تطبيع ناعم مع الحوثيين لضمان خطوط الإمداد والطاقة
مع تصاعد الحديث عن قرب وقف الحرب في اليمن، تتجه الأنظار إلى واشنطن، وتحديدًا إلى إدارة الرئيس الأميركي العائد دونالد ترامب. فبعد سنوات من الدعم العسكري والاستخباراتي لتحالف الحرب بقيادة السعودية، يبدو أن ترامب يعود إلى البيت الأبيض هذه المرة بسيناريو جديد: إنهاء حرب اليمن.
لكن، هل فعلاً تغيّرت أولويات واشنطن؟ أم أننا أمام صفقة جديدة تعيد ترتيب النفوذ في المنطقة لصالح الولايات المتحدة
دعونا لا نُكرر خطايا التاريخ.
لنُخرج اليمن من قائمة الدول المنكوبة، إلى طاولة الدول التي تعيد بناء نفسها بكرامة.
لقد دفع اليمنيون الثمن الأكبر، وحان الوقت لوقف العدّاد
سلام