منذ أسبوع - Monday 05 May 2025
AF
الحرب ليست دائمًا ربحًا: متى تتوقف لتبقى؟
ولا يعني بالضرورة هزيمة طرف، بمن فيهم الحوثيون.
لكنه أيضًا لا يخدم غزة، التي لا تزال تحت الاحتلال، رغم كل التصعيد، وكل الرسائل النارية.
بل على العكس، فإن هذه الحرب طويلة الأمد ستُنتج شيئًا واحدًا مؤكدًا: استنزاف شامل لقدرات الحوثيين، وتحطيم موقعهم في المعادلة الإقليمية.
اليوم، ما زال بوسع الجماعة أن تقول إنها رفعت الكلفة عن العدو الإسرائيلي، وكسرت الهيبة الأمريكية.
لكن إن استمرت الحرب بهذا النسق، فإن النهاية لن تكون صورة “المنتصر”، بل الطرف الذي أُنهك حتى لم يعد يملك ورقة ضغط واحدة، الطرف الذي خرج من المعركة مكسورًا لا مشاركًا في التسوية المقبلة.
وهنا، يأتي الدرس الأهم من جنوب لبنان، من تجربة حزب الله في نوفمبر 2024 .
رغم الدمار الهائل الذي لحق بالبنية التحتية والناس، إلا أن الحزب فهم متى يجب أن يتوقف.
انسحب من ساحة المعركة في اللحظة التي لا يزال يمتلك فيها أوراقًا، وهيبةً، وقوة.
لم ينتظر حتى يسقط كامل النفوذ، بل أبقى على شعور النصر الرمزي حيًا، ليتمكن لاحقًا من إعادة التموضع والبناء والاستعداد للجولة القادمة.
الذكاء الاستراتيجي لا يكمن في خوض أطول حرب، بل في معرفة متى تضع السلاح لتعود أقوى.
كل يوم إضافي في هذه الحرب، يُنهك البنية العسكرية، يدمّر القدرات، ويجعل الجماعة عرضة لشلل حقيقي.
وفي لحظة الحسم السياسي، حين يجلس الكبار لتقسيم النفوذ والخرائط، لن يُمنح المقاوم المنهك ما يُمنح للمناور القوي.
الخطر الأكبر الآن هو أن الحوثيين، باستمرارهم في المعركة، يمنحون أمريكا وإسرائيل الوقت الكافي لتفكيكهم بالكامل.
والتاريخ لا يرحم من يتأخر عن لحظة الانسحاب الذكي.
لأن من ينسحب وهو ما زال قويًا… يعود.
أما من ينسحب وهو محطم، يُنسى.
لا تُضيّعوا اللحظة التي ما زالت فيها الكلمة لكم.
توقفوا وأنتم واقفون، لا وأنتم محمولون على الأكتاف.
انسحبوا الآن لتبقوا في قلب المعادلة، لا في هامشها.
فالأوطان لا تُبنى على العناد، بل على البصيرة.
والتاريخ يُكتب دائمًا لمن عرف متى يقاتل… ومتى يتوقف