الرئيسية المواضيع المقال التحليلي

المحاولة الاخيرة قبل فوات الأوان: اليمن يُدفع نحو حرب لا عودة منها

  • منذ أسبوع - Monday 05 May 2025

منى صفوان
صحافية وكاتبة- رئيسة تحرير عربية فيلكسAF

AF

في لحظات فارقة من تاريخ الأوطان، تُمتحن الإرادات وتُختبر الحكمات. وقد نصحنا، منذ أيام، انطلاقًا من شعورٍ عميق بالمسؤولية الوطنية، وحرصٍ صادق على مستقبل اليمن، بأن تُخفّف الهجمات، وتُمنح الفرصة للعقل، لا للانفعال. دعونا إلى التوقف لحظة والتأمل في حجم المخاطر قبل الانزلاق إلى هاوية لا عودة منها.

 


قلناها بوضوح: الفرصة ما زالت سانحة، والقوة والمقدرات لا تزال بأيديكم. لكن كل يوم يمرّ، تتقلص فيه هذه المساحة، وتضيق حتى تصبح مجرد وهم. الحرب التي يُستسهل إشعالها لا يمكن إطفاؤها بقرار. والدماء التي تُسفك لن تُسترد. والخسائر التي تصيب الوطن لن تُعوّض.

 

نصحناهم قبل ايام من شعور المسؤولية الوطنية والحرص على اليمن اولا بالتخفيف من الهجمات واستغلال الفرصة واستيعاب اللحظة ومازالت القوة والمقدرات بايديهم قبل الذهاب لحرب لايمكنك فيها التوقف او التراجع او حصاد الثمار وتكون نهايتها خسارة كبيرة للوطن ربما لم يعد التراجع ممكنا الان  

 

 


ميناء الحديدة لم يكن هدفًا عسكريًا فقط، بل شريان حياة لملايين اليمنيين. تدميره لم يكن مجرد هجوم، بل إعلان بأننا دخلنا منعطفًا لا يمكن التحكم في نتائجه. وحين تسقط الرمزية الكبرى للغذاء، للدواء، للنجاة، فاعلم أن ما بعده لن يكون كما قبله.

 


نحن لا نكتب من باب التهويل، بل من باب التنبيه الأخير قبل انطفاء كل أمل.

لم يعد التراجع ممكنًا؟ ربما.

لكن المؤلم أن من في يدهم القرار، هم أنفسهم من يتقدّمون بخطى ثابتة نحو هاوية لا توقف فيها ولا رجعة منها، ومعهم يجرّون وطناً بأكمله إلى خسارة لا يمكن حصر أضرارها.

السؤال المؤلم هو: لماذا لا نتوقف إلا بعد أن نخسر كل شيء؟

 


لماذا يُكتب علينا أن نرى الركام والدم قبل أن ندرك أن الوقت كان متاحًا لتفاديه؟

لماذا يبدو التراجع دائمًا خيانة، والتعقل ضعفًا، والاعتراف بالخطر عارًا؟

ولماذا لا ندرك أن الكارثة الحقيقية ليست في تراجع تكتيكي، بل في دمار شامل لا يبقي ولا يذر؟

 


التاريخ لا يرحم من لا يتعلم. والذاكرة العربية مليئة بالحروب التي كانت تُروى كـ”نصر مؤجل”، لكنها في الواقع كانت بوابات لجراح مفتوحة لم تُغلق حتى اليوم


هل يستحق الوطن هذا المصير؟

 

في لحظات الغرور بالقوة، كثيرون يمنحون عدوهم ما لم يكن ليأخذه لولا أنهم تخلّوا عن حكمة اللحظة.

لماذا نمنح خصمنا فرصة ليختار زمان المعركة ومكانها؟ لماذا ننتظره حتى يُجهز علينا، فنصرخ من الوجع بعد فوات الأوان؟

هل الشجاعة أن نُستدرج لمعركة غير متكافئة؟ أم أن الحكمة هي أن نعرف متى نُفلت من مصيدة الانهيار

هل يستحق اليمنيون أن يكونوا وقودًا لحرب يمكن تفاديها لو استُجيب لصوت الحكمة؟

هل يدرك من بيدهم القرار أن عناد اللحظة قد يكون آخر لحظة من عمر اليمن كدولة مستقرة؟

 


ما زال في الوقت متّسع لصمت السلاح، إن توفّرت الإرادة. وما زال بالإمكان إنقاذ ما تبقّى، إن اختير الوطن على الكبرياء

 

لماذا تمنح عدوك فرصة تدميرك؟

 

تدمير ميناء الحديدة ليس مجرد ضربة عسكرية.

إنه إخراجٌ لليمن من معادلة التأثير.

كسرٌ لآخر أوراق الضغط.

نزعٌ للصوت من الحنجرة، وللنبض من الجسد.

 


فلماذا، وبأيدينا، نسمح لعدونا أن يُنهي وجودنا ويُسكتنا إلى الأبد؟

لماذا نفتح له الأبواب التي كان عاجزًا عن كسرها؟

ولماذا نُصرّ على البقاء في موقع رد الفعل، ننتظر الصفعة حتى نُفكر؟

 


التاريخ لا يرحم، ولا يعطي فرصة ثانية لمن يتنازل عن قراره الاستراتيجي في لحظة غرور.

 


إما أن نكون لاعبين… أو أن نُخرج أنفسنا من اللعبة إلى الأبد

سلام