الرئيسية المواضيع تقنية واعلام

تعليقاً على التسريبات المسربة للزعيم جمال عبدالناصر ! المصور احمد الشيمي يوضح.. اتركوا ناصر لمناصريه

  • منذ أسبوعين - Saturday 03 May 2025

تعليقاً على التسريبات المسربة للزعيم جمال عبدالناصر !  المصور احمد الشيمي يوضح.. اتركوا ناصر لمناصريه

AF

اتركوا ناصر لمناصريه! 

الحقيقة أن اللغط الدائر حول الفيديو الذي عرض تسجيلاً صوتياً (مُتجزِّئ) للرئيس الراحل جمال عبد الناصر في لقاء مع العقيد معمر القذافي يصيبني بحالة من الاستنكار، ولما لا وهو مؤشر خطير على غياب واقع وفهم لتاريخ سياسي من المفترض أنه معلوم على الأقل بشكل واضح للنخبة! 

 

 

أولا: ما قدمه الفيديو "تسجيلاً" وليس "تسريب" فالمتابع الجيد والقارئ لتاريخ مصر السياسي يعلم أن سياسة مصر الخارجية والدبلوماسية المصرية خلال العام الأخير من حكم ناصر ١٩٦٩-١٩٧٠ كانت تعلي مبدأ "الأرض مقابل السلام"، بعد سعي إسرائيل وطرحها للانسحاب من سيناء مقابل سلام مشروط، فاعتبار التسجيل الذي انتشر مؤخراً كشفاً لوجه آخر لناصر وتغيير في أفكار الرجل طرح جانبه الصواب، فما هو السر الذي كشف؟! وما هو التحول الجديد في رؤية رجل عمل لمدة عام على حل سياسي وضعه بين ظفرين عنواناً لرؤية أعلنها هو بشخصه للعالم أنذاك؟! 

ثانياً: عن أي تحول في الأفكار يتحدث البعض والتسجيل كان في مخاض القبول بمبادرة روجرز التي كان قبولها أولى الضربات الحقيقية التي وجهها ناصر "عسكرياً واستراتيجيا" لاسرائيل! 

فقبول ناصر لمبادرة روجرز الذي جاء بعد رفض السادات (نائب رئيس الجمهورية) لها، نجح بها الرجل في استغلال وقف إطلاق النار لمدة ٩٠ يوم في تحريك حائط الصواريخ وبناءه على الجبهة! وكان ذلك نقطة تحول كبرى في حرب ١٩٧٣، فهل كان نقل وبناء حائط الصواريخ المصري بهدف البحث عن "السلام" أم استرداد حق مسلوب؟! 

ولمزيد من التفاصيل يمكن أن تراجع شهادة حسين الشافعي (نائب رئيس الجمهورية الأسبق) مع الاعلامي أحمد منصور في برنامج "شاهد على العصر"، اتفق مع منصور أو اختلف، اكره الجزيرة أو تابعها بشغف، لكن شهادة الرجل موثقة بالصوت والصورة! 

وبالمثل وعلى نفس الشاشة وأمام نفس المذيع تابع شهادة الفريق سعد الدين الشاذلي. 

وعليك بمتابعة شهادة الفريق محمود الجمسي مع الأستاذة هالة سرحان، ليكتمل أمامك المشهد بالصوت والصورة دون تسريب أو تحريف! 

وإذا لم يكتمل المشهد في مخيلتك، بعد ما ستشاهده صوتاً وصورة، انصحك بزيارة أقرب طبيب!! 

ثالثاً: قبول المبادرة (وقت هذا التسجيل) كان في أعقاب أشرف حرب عرفتها مصر، حرب الاستنزاف، فأي تحول في الأفكار يشير إليه البعض! 

الرجل "صاحب مبدأ ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة" وافق على مبادرة لهدف عسكري "بحت" وما كان غير صد أي مزايدات عربية أمامه من خيار! 

رابعاً: هناك عنصر جوهري تم اجتزاءه من الفيديو المنشور، فمبدأ "الأرض مقابل السلام" الذي أعلته السياسة الخارجية المصرية كان مشروطا من الجانب المصري "بعدم المساس بثوابت القضية الفلسطينية، وعدم إخراجها بعيداً عن المعادلة" وهو الأمر الذي جعل ناصر يرفض تماماً الطرح الإسرائيلي بالانسحاب من سيناء فقط وليس كامل التراب العربي المحتل عام ٦٧. 

 

وبالمناسبة حاول الرئيس السادات إعادة إحياء الطرح "الإسرائيلي" نفسه عقب تقلده سدة الحكم لكن الأمريكان رفضوا تقريب وجهات النظر بعد الرفض الإسرائيلي للعودة "لفكرة الانسحاب من سيناء فقط" وهو ما جعل من حرب ٧٣ أمر حتمي وليس خيارا ، وللتأكيد راجع مذكرات هنري كيسنجر وزير خارجية أمريكا أنذاك، كلها منشوره! 

وكذلك يمكن متابعة أرشيف برنامج "سري للغاية" للصحفي الاستقصائي البارز يسري فودة، (وهو من أكثر المعارضين لناصر) ففي حلقة عن (م ذاب ح) الإسرائيلين تجاه الأسرى المصريين عرض فودة لقاءات مع قادة وسياسيين بارزين طرحوا تفصيلياً عرض إسرائيل للسلام المشروط الذي رفضه ناصر! فأين يقبع هذا التحول المزعوم؟! 

إذن فلماذا تم تداول هذا الفيديو بأسلوب "لا تقربوا الصلاة" صدق الله العظيم!! 

الحقيقة أن ما حدث يفتح الباب أمام تساؤلات بعضها مريبة وبعضها سأنقله إلى ساحتك: 
١. هل الهدف من الفيديو هدم الصورة الذهنية لناصر؟ 
٢. لو كان كذلك فلماذا ولصالح من؟ 
٣. هل الهدف ضم ناصر إلى معسكر (كل يحدده على هواه السياسي) وهو بين يدي الخالق لتحقيق غرض ما؟ 
٤. وإن صح ذلك فلماذا الأن؟ 

يا سادة ناصر هو ناصر، مات وشبع موتا، ولا مناص من تشويه رجل ناضل من أجل عمل قومي، وحاول توحيد صف أمة بمشروع عروبي بامتياز، نعم على الأقل حاول!! 

حاول أن يقف ضد الغطرسة الأمريكية، والغربية التي سعت جاهدة لهدم مشروعه ووقف وحيداً أمام موج عال. 

نعم سقط في ٦٧ لكن لا تنسو أنه صد عدوانا ثلاثيا قبلها ببضع سنوات! هو نفس ذات الرجل! ونفس ذات الجيش! لكن أسباب العدوان المبيت بقيت هي نفسها!!  

بالمناسبة ما حدث في ٦٧ كان أمراً حتمي الحدوث لأن النظام العالمي وقتها قرر أن يحدث، كما قرر النظام العالمي الأن أن ما يحدث في غزة أمر حتمي الحدوث! 

لكنه تحمل مسؤولية ذلك وعمل على إعادة بناء الجيش ونجح، والناكر لذلك جاحد! 

يبدو أن النظام العالمي يبحث عن نسج تاريخ جديد، وترسيخ أفكار تليق بمستجداته، لكن كيف بذلك في بلد يقبع على شاطئ نيله أكبر دار لحفظ الوثائق والمخطوطات وأقدمها في العالم!! 

رجاء ابحثوا عن غير ما هو ناصر أو ناصري، اتركوا ناصر لمناصريه، فلم يبقى لهم منه ومن مشروعه سوى قبره، ولقطات اليوتيوب، فكفى زيفا وافتراء على رجل أقل ما قيل عنه أنه مناضل نزيه، رجل قام بثورة (انقلاب يا سيدي) على ملك (موظف لدى الاحتلال) بسبب القضية الفلسطينية أساساً، فحرب ٤٨ وفشل مصر المخزي فيها (الذي لا يتحدث عنه أحد كنكسة عسكرية) كان محركا قويا لإزاحة الملك عن عرشه.

فكيف يحاول البعض وضع الرجل اليوم في خانة الساعي للسلام على حساب الفلسطينين!!

 هراء ليس محل للنقاش أصلا. 
 
عبد الناصر لم يقل أبدا أنه سيحررها من البحر الى النهر، وإلصاق تصريح كهذا بالرجل ليس له أي دليل أو مرجعية تذكر. 

الحقيقة أن الحقب تغيرت عسكرياً والمناطق اعيد رسمها جيوسياسيا، والقوانين الدولية اعيد صياغتها، والزعامة تغيرت ملامحها، والإطاحة بالحكام أصبح ربيعاً وانتخاب غيرهم أصبح خريفا وما بينهما - صدق أو لا تصدق- زيزو وبن شرقي وعاشور في قائمة النادي الأهلي!!! 

يا سادة مصر وقيادتها تحتاج الأن للدعم والمساندة والوعي الثقافي والحشد الفكري وصحافة حرة نزيهة تكشف الزيف وتضحده، وليس تسجيلات اليوتيوب!! 

تحيا مصر .

أحمد الشيمي 
صحفي تليفزيوني دولي 

#جمال_عبد_الناصر 
#ناصر