منذ أسبوعين - Saturday 26 April 2025
AF
وسط ضجيج التصريحات السياسية والأخبار المتداولة عن جهود إنهاء الحرب في اليمن، تبقى المشاعر في الشارع اليمني خليطًا معقدًا من الأمل والحذر والغضب.
وللتعرف على نبض الناس الحقيقي، أجرينا استطلاعًا في عدة مدن يمنية، واستمعنا إلى آراء مواطنين من مختلف الخلفيات.
في سوق شعبي بمدينة إب، قال محمد عبدالسلام (35 سنة)، وهو بائع خضروات:
“قالوا قبل كذا إن الحرب بتنتهي… وما شفنا إلا مزيد من الدمار.
الناس هنا ما عاد يصدقوا الكلام. نريد نشوف حياة حقيقية، مش تصريحات وشعارات.”
وأضاف وهو يعيد ترتيب صناديقه:
“الخوف إنه يكونوا يتفقوا بينهم، واحنا نظل نحترق.”
⸻
في أحد الأحياء السكنية المدمرة بتعز، جلست أم عبدالرحمن (ربة منزل، 42 سنة) بجانب منزلها شبه المدمر، وقالت لنا:
“ما نبغى إلا السلام… تعبنا.
الأولاد كبروا وهم يسمعوا صوت الرصاص بدل الأغاني.
لو بيصدقوا في كلامهم، الله يجزيهم خير.
إحنا مش ضد أحد، إحنا مع السلام بس.”
عيناها كانتا تقولان ما لم تقله الكلمات: إنها تريد أن يعيش أطفالها طفولة لم تعرفها الحروب.
⸻
أما عبدالكريم غالب (محلل سياسي شاب، 29 سنة من صنعاء)، فكان أكثر حذرًا:
“المشكلة مش في توقيع اتفاقيات، بل في تنفيذها على الأرض.
القيادات قد تتصالح، لكن أدواتهم المسلحة ومصالحهم مازالت مشتعلة.
بدون مشروع وطني يمني خالص، أي اتفاق سيكون مجرد استراحة مقاتلين.”
ويضيف بابتسامة مرة:
“الناس تتعب وهي تصدق كل مرة.”
⸻
من جانب آخر، يقول سعيد قحطان (سائق أجرة، 47 سنة من الحديدة):
“يوقعوا بكين ولا طهران ولا الرياض… إحنا تعبنا خلاص.
المهم نعيش بكرامة وأمان.
إذا الاتفاق بيجيب خير، أهلًا وسهلاً. إذا لا، خلاص، قد شفنا كثير.”
ويضيف وهو ينظر إلى الطريق الطويل أمامه:
“اللي يشتي يعرف الحقيقة، يجي يعيش هنا أسبوع بس.”
⸻
أما الدكتورة هند الوصابي (أستاذة جامعية في عدن) فتلخص المسألة قائلة:
“مش كفاية توقفوا إطلاق النار…
الشعب اليمني يريد محاسبة المسؤولين عن الدمار،
يريد تعويضات للجرحى والأرامل،
يريد بناء دولة قانون مش مليشيات.”
وتتابع:
“إذا السلام مجرد توزيع كراسي، فهذه وصفة لجولة جديدة من الحرب.
بقدر ما يحلم اليمنيون بإنهاء الحرب، بقدر ما تسكنهم الخشية من أن تكون مجرد لعبة جديدة في مسلسل طويل من الخذلان.
فالألم علمهم ألا يصدقوا إلا ما يرونه بأعينهم: مدارس تعود، طرق تُفتح، وظائف تخلق، قلوب تلتئم.
في اليمن، الكلمة الأعلى الآن ليست للسياسيين ولا للمفاوضين…
بل للشارع المتعب الذي ما عاد يحتمل المزيد من الخيبات