من البندقية إلى البرلمان: كيف أعادت عصائب الحق تشكيل موقعها في العراق

  • خاص AF
  • منذ 4 أسابيع - Friday 18 April 2025

من البندقية إلى البرلمان: كيف أعادت عصائب الحق تشكيل موقعها في العراق
AF متابعات
متابعات عبر وكالات الانباء 

AF

 


عصائب أهل الحق: من المقاومة إلى الدولة العميقة؟

 

 

 

 


مقدمة:

 

 

 

تُعدّ عصائب أهل الحق واحدة من أبرز الفصائل الشيعية المسلحة التي ظهرت بعد الغزو الأمريكي للعراق عام 2003. وعلى مدار عقدين، انتقلت العصائب من فصيل مقاتل يستهدف الاحتلال إلى قوة سياسية تملك تمثيلًا برلمانيًا، ونفوذًا أمنيًا، وتأثيرًا واضحًا في مفاصل الدولة العراقية. هذا التحول العميق يثير تساؤلات جوهرية حول طبيعة العصائب، وموقعها بين الشرعية الثورية والشرعية الدستورية، وعلاقتها الإقليمية خاصة مع إيران.

 

 

 

 

 

 

أولًا: النشأة والسياق العقائدي

 

 

 

تأسست عصائب أهل الحق على يد قيس الخزعلي بعد انشقاقه عن جيش المهدي التابع لمقتدى الصدر في عام 2006، خلال ذروة المقاومة المسلحة ضد الاحتلال الأمريكي. رفعت شعار “مقاومة الاحتلال”، لكنها في جوهرها تأسست كذراع أكثر قربًا من الحرس الثوري الإيراني، من حيث التمويل والتدريب والتسليح.

منذ البداية، ارتبطت العقيدة القتالية للعصائب بفكرة “الولي الفقيه”، ما ميّزها عن فصائل شيعية أخرى أكثر محلية الهوى، وجعل منها جزءًا من منظومة “محور المقاومة” الممتد من العراق إلى إيران وسوريا ولبنان واليمن.

 

 

 

 

 

 

ثانيًا: الدور العسكري ما بعد 2011

 

 

 

مع انسحاب القوات الأمريكية في 2011، لم تتوقف العصائب عن تعزيز قدراتها العسكرية. لعبت دورًا مركزيًا في الحرب ضد داعش ضمن إطار “الحشد الشعبي”، وكانت من أوائل الفصائل التي انتشرت في محافظات سنية تحت راية محاربة الإرهاب.

لكن وجودها في تلك المناطق أثار حفيظة السكان المحليين والمنظمات الدولية، بسبب اتهامات بارتكاب انتهاكات واسعة، خاصة في تكريت وجرف الصخر والفلوجة.

كما اتُهمت العصائب بتنفيذ هجمات على القواعد الأمريكية بعد 2020، ما وضعها في مرمى العقوبات الأمريكية، وجرى تصنيفها كـ”جماعة إرهابية” من قبل وزارة الخارجية الأمريكية في 2019.

 

 

 

 

 

 

ثالثًا: التحول السياسي – السلاح في البرلمان

 

 

 

خاضت العصائب الانتخابات ضمن “تحالف الفتح”، وتمكنت من حصد عدد من المقاعد النيابية، ما أتاح لها تمثيلًا سياسيًا مباشرًا في البرلمان. لكن هذا الدخول إلى النظام السياسي لم يُنهِ دورها العسكري، بل تزامن معه.

هنا يبرز التناقض المركزي في تجربة العصائب: قوة مسلحة تمتلك أجنحة سياسية، وتشارك في العملية الديمقراطية، لكنها ترفض حصر السلاح بيد الدولة. هذا الوضع خلق حالة من “الازدواج السيادي”، تُهدد فكرة الدولة المدنية.

 

 

 

 

 

رابعًا: الاقتصاد الخفي والتمدد المؤسساتي

 

 

 

بحسب تقارير دولية وإعلامية، تملك العصائب نفوذًا اقتصاديًا متزايدًا عبر شركات مقاولات، واستثمارات في مجالات النفط والبناء، وأحيانًا عبر التغلغل في المنافذ الحدودية. هذا التمويل غير الرسمي يجعلها أقرب إلى قوة موازية للدولة، تشبه تجارب “الحرس الثوري” في إيران أو “حزب الله” في لبنان.

كما يتحدث مراقبون عن وجود عناصر للعصائب في أجهزة أمنية حساسة، ما يعزز من حضورها ضمن ما يُعرف بـ”الدولة العميقة”.

 

 

 

 

 

 

خامسًا: العصائب كفاعل إقليمي – البُعد الإيراني

 

 

 

العلاقة بين عصائب أهل الحق وإيران ليست مجرد دعم تقني أو عقائدي، بل علاقة عضوية تشكّلت في لحظة مقاومة مشروعة، لكنها تحوّلت تدريجيًا إلى ارتباط استراتيجي طويل الأمد.

شاركت العصائب في دعم النظام السوري عسكريًا، كما تتخذ مواقف منسجمة تمامًا مع توجهات السياسة الإيرانية في المنطقة، بما في ذلك دعم الحوثيين في اليمن، والتنسيق مع حزب الله، وحتى دعم فصائل المقاومة الفلسطينية.

هذا التموضع يضعها في خانة “الفاعلين عبر الحدود”، ويُثير مخاوف من أن قرارها لم يعد عراقيًا خالصًا.

 

 

 

 

 

سادسًا: التحديات والاستحقاقات

 

 

 

رغم ما تملكه العصائب من نفوذ، تواجه اليوم تحديات داخلية وخارجية، أهمها:

 


رفض الشارع العراقي لأي قوى مسلحة خارج سيطرة الدولة، خاصة بعد احتجاجات تشرين التي وُجهت خلالها اتهامات للعصائب بالمشاركة في قمع المتظاهرين.
التوتر مع التيار الصدري، وهو خلاف عقائدي وتاريخي وسياسي.

 

AF