الرئيسية المواضيع سياسة واقتصاد

خالد بن سلمان في طهران: خطوة استراتيجية نحو إنهاء الصراعات الإقليمية وتثبيت السلام في اليمن

  • خاص AF
  • منذ 4 أسابيع - Thursday 17 April 2025

خالد بن سلمان في طهران: خطوة استراتيجية نحو إنهاء الصراعات الإقليمية وتثبيت السلام في اليمن
AF متابعات
متابعات عبر وكالات الانباء 

AF

 

في مشهد لم يكن مألوفًا قبل أعوام قليلة، حطّ وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان رحاله في العاصمة الإيرانية طهران، في زيارة رسمية تحمل دلالات تتجاوز المراسم البروتوكولية، إلى عمق التحولات الجيوسياسية التي يشهدها الشرق الأوسط. تأتي هذه الخطوة غير المسبوقة في توقيت حرج، حيث تسعى القوى الإقليمية والدولية إلى إعادة تشكيل توازنات المنطقة، في ظل تراجع الدور الأمريكي، وتصاعد أدوار بديلة كالصين وروسيا.

 

 

 

بين الرياض وطهران: من الصراع إلى الحوار

 

 

 

منذ اندلاع الثورة الإيرانية عام 1979، ظلت العلاقات بين المملكة العربية السعودية والجمهورية الإسلامية الإيرانية رهينة الشكوك والعداء المتبادل. لكن الاتفاق الذي رعته الصين في مارس 2023، لإعادة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، فتح الباب أمام مسار تفاوضي جديد، يسعى لخفض التصعيد وإدارة التنافس بعيدًا عن الحروب بالوكالة. زيارة الأمير خالد بن سلمان تأتي كمؤشر متقدم على جدية هذا المسار، خاصة أنها الأولى من نوعها على المستوى الدفاعي منذ عقود.

 

 

 

اليمن: بوابة التفاهم أم اختبار النوايا؟

 

 

 

تُعد الحرب في اليمن أكثر ساحات التنافس السعودي الإيراني حساسية. فبينما خاضت السعودية حربًا مفتوحة ضد الحوثيين منذ عام 2015، تُتهم طهران بدعم الجماعة بالسلاح والخبرة السياسية والعسكرية. لكن التحولات الأخيرة، وعلى رأسها وقف إطلاق النار غير الرسمي منذ أكثر من عام، وإطلاق مفاوضات غير مباشرة برعاية عُمانية، تشير إلى نضوج ظروف الحل السياسي.

 


زيارة وزير الدفاع السعودي إلى طهران تحمل في طياتها احتمال الدخول في تسوية استراتيجية تشمل الملف اليمني، قائمة على تفاهمات ضمنية قد تتضمن:

 


تعهد إيراني بوقف دعم أي تصعيد حوثي،
مقابل التزام سعودي بدعم مسار الحل السياسي الشامل،
مع إشراك الحوثيين في تسوية لا تُقصيهم ولكن تُحدّ من تمددهم العسكري.

 

 


هذه الصيغة، إن تحققت، تمثل فرصة حقيقية لإنهاء عقد من العنف، وتدشين مرحلة جديدة في اليمن قائمة على تقاسم السلطة والتهدئة الإقليمية.

 

 

 

الاستقرار الإقليمي: ضرورات تتجاوز اليمن

 

 

 

لا تقتصر أهمية الزيارة على الملف اليمني فحسب، بل تتعداه إلى مسألة الأمن الجماعي في الخليج العربي والبحر الأحمر، حيث تواجه المنطقة تهديدات متعددة، من بينها الهجمات الحوثية في البحر الأحمر، والتوتر مع إسرائيل، والاضطرابات في العراق ولبنان. في هذا السياق، تسعى الرياض إلى تصفير الأزمات، بما يتماشى مع رؤيتها التنموية الطموحة (رؤية 2030)، التي تتطلب بيئة آمنة وجاذبة للاستثمار.

 


من جانبها، ترى طهران في التقارب مع الرياض وسيلة لتخفيف وطأة العقوبات، وتحسين علاقاتها بدول الخليج، وتثبيت نفوذها الإقليمي من خلال الدبلوماسية بدلًا من المواجهة.

 

 

 

الموقف الأمريكي: بين الاحتواء والتوجّس

 

 

 

الولايات المتحدة، الحليف التقليدي للرياض، تتابع هذه التحولات بحذر. ففي حين ترحب واشنطن بأي مسعى لتخفيف التصعيد في الشرق الأوسط، فإنها لا تخفي قلقها من تعاظم النفوذ الصيني في تسوية الصراعات الإقليمية، ومن تمكين إيران دبلوماسيًا دون تقديم تنازلات ملموسة في ملفها النووي أو سلوكها الإقليمي.

 


لكن في المقابل، فإن إدارة بايدن تجد في تقارب الرياض وطهران فرصة لتقليص الحاجة لوجود عسكري أمريكي مباشر في المنطقة، وتفادي الدخول في حروب جديدة، خاصة مع اقتراب الاستحقاق الانتخابي الأمريكي.

 

 

خاتمة: لحظة اختبار حقيقية

 

 

 

إن زيارة الأمير خالد بن سلمان إلى طهران تشكل لحظة اختبار حقيقية لجدية الأطراف في طي صفحة الصراع، وفتح صفحة جديدة عنوانها التفاهم الإقليمي، وإنهاء الحروب بالوكالة، وعلى رأسها اليمن. نجاح هذا المسار يتوقف على مدى التزام إيران بكبح جماح حلفائها، واستعداد السعودية للانخراط في تسويات متوازنة لا تُقصي أحدًا.

 


يبقى السؤال مفتوحًا: هل تكون هذه الزيارة بداية لشرق أوسط جديد؟ أم مجرد استراحة في حرب طويلة لم تُحسم بعد

 

AF