منذ 9 أشهر - Thursday 20 June 2024
AF
من هي تعز! مدينة يمنية كأي مدينة؟ أم تكتل بشري، في منطقة جهوية وجغرافية، أم ثقافية يمنية اصيلة، تغلغت في كل اليمن عبر عقود، لتمثل اليمن من الفلاح الى رجل الاعمال، من المثقف، الى العسكري، وتكون المتحدث الرسمي باسم اليمني بهوية جامعة، دون عنصرية.
امشي في شوارع تعز لن تجد صورة لزعيم، او قائد عسكري، او حتى مسؤول كبير، بل اعلانات الزبادي، ويافطات المطاعم الشعبية، هل هي مدينة محايدة مسالمة، ام اكثر من ذلك.. بلد كل من فيها "يشقي" ويقدس العمل، وفكرة العمل ليست فقط فكرة اقتصادية، بل فكرة عميقة لها علاقة بالبناء والنهضة والمشاركة، فهي ليست مدينة كسولة، وان كانت فقيرة.
انها واحدة من اقدم واعرق عواصم اليمن التاريخية، وقوتها الشعبية بسبب تعليمها المبكر، وانفتاحها على الثقافات المتعددة، وقومية ، وجامعة لكلّ الآيديولوجيات، انها الفن الشعر، الفكر الادب والسياسية، وهذا هو مخزون اليمن الذهبي، لصياغة خارطة طريق المستقبل.
فتعز المحافظة الذهبية، ليست منطقة، بل هي في عمق صنعاء وفي اعلى قمم جبال الشمال ، وبين رمال سواحل عدن والجنوب، دون مبالغة، التعزي جارك، وصديقك، ومعلمك، وتمليذك.
ليست صدفة ان نشيد اليمن الجمهوري الذي كان جنوبياً، واصبح لكل اليمن، اصيغ كشعر ولحن وفكرة من ابناء تعز، بمحبة، دون تعالي ، او اظهار تفوق، بل كواجب، فهذا دورها.
انها ثقافة تغللت في تاريخ اليمن، عبر العصور، تحررت مبكراً من سيطرة فكرة القبلية، قبل قيام الدولة، وعرفت فكرة الجمهورية وهي عاصمة الامامة، لذا يمكننا التعويل عليها في كل مرحلة حاسمة.
هل تخاف ان تتحوث تعز! كيف وهي كانت عاصمة الامام ، ولم تكن الا قلعة الثورة، او تكون انفصالية، وهي روح الوحدة، فلديها مخزون يحصنها، من اي افكار قد تهدد مستقبل اليمن، سواء التطرف السياسي او الديني ، لهذا لم تطالب بحكم مستقل، بل بيمن جمهوري يحتضن الكل، ينتصر للتنوع.
وبرغم موققها السياسي الشعبي المعلن، من الثورة والجمهورية والوحدة، الا انها ليست دائرة الانتقام، وليست جزء من الصراع فكل الأطراف ممثلة في تعز، وتعز مندمجة مع الكل، هذا عائد للثقافة السليمة التي اعتنقها ريف تعز، وبعد ذلك كتبها، ومنهجها في المشهد والمشاركة السياسية.
انها الوسيط الشعبي، او الرابط الشعبي بين ابناء وأطراف اليمن، لا تبحث عن حصة ونسبة، لانها كل اليمن.
لقد فتحت تعز طريقها، وشقت بذلك اول طرق السلام والتواصل بين اطراف اليمن، فاعادة فتح طرق تعز، يعني بدء الحديث عن المستقبل المشترك، عن السلام، عن التواصل، وهذه اولى لبنات صياغة خارطة طريق يمنية 100%
فالوساطة المحلية نحجت في تعز، في بدء انهاء حصار تعز، دون مبعوث اممي، او مجلس التعاون الخليجي ، او سفير امريكي او سعودي، لذا فهي تتنتصر لفكرة الحل اليمني الداخلي دون وساطة خارجية.
فاهل اليمن ادرى بشعابها، لذلك كانت الانتصار والفرحة يمنية، فتعز كما كتبت قبل سنوات ليست شمالية ولا جنوبية، انها قلب اليمن بكل ما يعنيه من شراين تمتمد عبر الجغرافيا الفسيحة.
ان اهل الصراع يعولون على اهل السلام، واهل القتال، سيأتي يوماً ويحتكمون لاهل الاقلام والعقول، باعادة صياغة فلسفة الدولة.
فتعز اسقطت نظاماً فاسداً 2011 ، دون انتقام، لانها تنتصر لفكرة الدولة، والمساواة، ولم تشارك بحرب اهلية ولم تصارع على السلطة، رغم انها جبهة ثورية.
قبلها كانت عاصمة الامامة لكنها ليست امامية ، بل كانت وقود فكرة الجمهورية
ومازلت هي حلقة الوصل بين الجميع، لانها ليست تعز كمنطقة بحصة ونسبة،بل تعز كيمن يضم الجميع ، وممثلة ومندمجة بالكامل مع كل الاطراف
تعز عليها مسؤولية كبيرة تجاه مستقبل اليمن، لاسباب تتعلق بسلوكها السياسي،ونظرتها لليمن ككل،ففي 2011 جسدت مجدداً فكرة احقية الشعب بالمشاركة في القرار
لذا فدورها مازال خالياً يعتمد على عودة نخبتها ومثقفيها لصياغة رؤية المستقبل،حين يضع المقاتل السلاح سيحتاج اليمن لاهل الاقلام والعقول.
هذه العقول موجودة، ومازلت تقدم ما تقدر عليه، وتطور من ادائها، وتلبي احتياجات اليمن لها، وسيأتي دورها لتبرز، حيث تصمت أصوات المدافع، ليسمع صوت المدافعين عن مستقبل اليمن.
سلام