منذ 8 أشهر - Saturday 01 June 2024
AF
سادة الشرق الاوسط الصين وروسيا، وصلوا فعلياً لنقاط قوتهم، وتمركزهم، وتمت ازاحة امريكا من موقع التأثير الاحادي ، باقل كلفة، مما كان متوقعاً ، دون مواجهة عسكرية مباشرة، ليبدأ عالم متعدد الاقطاب من هنا.. من الشرق الاوسط، وهي حقيقة لم تنجلي بعد، لكن تأثيرها بدأ بالظهور، امام انكار امريكي.
هناك رسائل صينية - روسية.. مبطنة، وصلت لامريكا، في خضم حرب غزة، لكن اخرها كانت هي الاقوى ، وجاءت في توقيت تهديد امريكي لروسيا عن طريق السماح لاوكرانيا بضرب روسيا، بأسلحة امريكية، وهذه خطوة تحدي كبيرة.
فاحدى هذه الرسائل: كانت رسالة عسكرية ، من خلال ضربة دقيقة ، لجماعة الحوثي المسلحة، التي استهدفت بها هدفاً امريكا ضخماً في المنطقة، كان خطاً احمراً، ولا تجرؤ اي دولة على الاقتراب منه.
…
اما لرسالة الثانية فقد كانت رسالة سياسية: عبر تحرك عربي "وخاصة مصري" باتجاه الصين، في زيارة رسمية للرئيس المصري ، وهذه الزيارة في هذا التوقيت ترفع العلم الاحمر، كمؤشر خطر.
خاصة ان ما تفعله اسرائيل يهدد امن مصر ، ويهدد بذلك امريكا التي ظهرت غير قادرة على حماية حلفائها العرب من عربدة اسرائيل ، فلماذا اذا لا نتجه للصين!
وهذا عجل بضغط واشنطن لانهاء ماتراه في غزة "فوضى " .. تشغلها عن منافسيها، فامريكا تريد ازاحة شبح التدخل الصيني في المنطقة ، لذلك سارعت لاعادة تحالفها العسكري القوي مع السعودية ، ومنه خطة البرنامج النووي السعودي ، الذي كان مشروعاً صينياً، مع ان امريكا ترفض ان تساعد اي دولة في المنطقة ان تتحول الى دولة نووية ، لكنها رضخت لتبعد شبح الصين.
نفت امريكا ، ان تكون جماعة يمنية مسلحة، قد استهدفت حاملةً طائرات في البحر الأحمر "ايزنهاور" ، هذا لا يعني ان الامر لم يحدث، ولا يعني انها دُمرت او اصيبت، لكن مجرد "فكرة" الاستهداف ، ليست امراً هيناً، على هيبة القوة الامريكية ، والتي تفرض حكمها للعالم من خلال هذه القطع الحربية حول العالم.
القصة مرتبطة ببعضها بشكل دقيق، فحين يأتي توقيت اعلان استهداف البارجة الامريكية في البحر الاحمر ، من قبل جماعة الحوثي اليمنية المتحالفة مع ايران، والتي اصبح لديها علاقات جيدة بروسيا، في وقت يهدد فيه بايدن روسيا بدعم اوكرانيا ، فهذا له اكثر من مغزى، وفي هذه الظروف تصل الرسائل بوضوح.
وزارة الدفاع الامريكية ، راجعت نفسها، ليس فقط باعادة تموضع وسحب اليارجة الامريكية، بل باعادة تموضع قطعها الحربية في المنطقة ، لانها ستصبح مستهدفة.
هذا يعني ضرب هيبة امريكا ، وبدون شك هذا يصب في صالح روسيا والصين، دون طلقة رصاص واحدة!
حاملة الطائرات ، ليست مجرد قطعة حربية بحرية ، انها عنوان النفوذ، والسيطرة، والتواجد، ولذلك زادت امريكا عددها في المنطقة منذ بدء حرب غزة، لتؤكد لخصومها ان هذه المنطقة تحت سيطرتي!
..
مازالت هناك الكثير من الحقايق ، والخفايا التي لم تظهر بعد في هذه الحرب، التي حملت بين طياتها الكثير من الرسائل المشفرة بين الافيال المتصارعة، فمن يظن ان روسيا والصين خارج الصراع الدائر الان ، يخطيء كثيراً…
اضف ان "الحركة" الغريبة التي قامت بها الصين في تايوان قبل ايام، قالت اكثر مما تحتمل امريكا سماعه الان ، فهي بذلك تخسر في اوكرانيا- اوروبا الشرقية- وتخسر في بحر الصين- اقصى الشرق، وفي منطقة الشرق الاوسط، قلب العالم، مما يعني تقلص الخارطة الامريكية!
وحين تتقلص الخارطة الامريكية ، وتحدد حدودها وجغرافيتها، فهذا يسمح للمنافسين الجدد بالتواجد ، وفرض السيطرة العسكرية ، مما يحقق فعلياً عالم متعدد الاقطاب، وامريكا لا تحب سماع هذه الجملة ، انها مغرمة بعبارة "عالم القطب الواحد "
مايحدث في غزة وجنوب لبنان واليمن، وجنوب البحر الاحمر والعراق،وشبه جزيرة سيناء ، يعني بدء تغير الخارطة، وان غبار تلك المعارك هناك، يغطي على معركة حقيقية كبرى موازية، ترسم خارطة العالم الجديد.
لذلك تحاول واشنطن، انقاذ نفسها، من خلال ايقاف حرب غزة، اسرائيل تدمر نفسها وتدمر معها امريكا، وتقدم خدمة مجانية لصعود الصين وانتصار روسيا، وتحالف المحور الشرقي، بمن فيه ايران والقوى والجماعات المسلحة في الشرق الاوسط.
لم تعدّ المسألة القضاء على حماس، لان حماس وحركات المقاومة ، هي السطر الاول في صعود ، القوى الجديدة، التي تغير تموضع البارجات والمدمرات الامريكية ، لتبحر عائدة ذات يوم باتجاه قارة امريكا الشمالية.
سلام