الرئيسية المواضيع المقال التحليلي

لهذا ايران لا ترد، ويكون ردها محدوداً ويثير السخرية.. كيف استفادت من تجربة صدام حسين والزعيم جمال عبدالناصر

  • منذ 5 أشهر - Sunday 14 April 2024

منى صفوان
صحافية وكاتبة- رئيسة تحرير عربية فيلكسAF

AF

اكثر من استفاد من تجربة العراق ودرسها باهتمام  هي ايران، لمعرفة كيف التعامل مع امريكا بحذر،وعدم إتاحة الفرصة لتحويل ايران الهدف السهل بقرار منفعل. 
‏وإن كلفها هذا الحذر علمائها وقادتها، وحتى هيبتها، مقابل ان لا تمكن عدوها من تدميرها.

 

لن اكون اللقمة السائغة

ايران لن تسمح لأمريكا وحلفائها وأولهم اسرائيل، ان ينتهزوا أي فرصة او غلطة لتدميرها، وهو الهدف الأمريكي الاسرائيلي الاهم لهم للانفراد بالمنطقة.

وواضح ان اسرائيل تقراء ايران جيداً وتعلم انها لن ترد حتى مع قدرتها على الرد، وانها اضطرت هذه المرة لرد محدود ، مدروس ومضبوط، لا يكلفها الدخول في حرب، انه رد مدروس يفتقد عنصر المفاجأة، فقط لرفع الحرج.

فايران لا تريد ان تكون رد الفعل.. بل تسعى ان تبقى هي الفعل، وهذه نقطة مهمة في الصراع، فرد الفعل ليس صاحب القرار، ولا المبادرة، ويفتقد لعنصر المفاجاة والحسم. 

فلن نرى "على الاقل الان"  مئات الصواريخ الايرانية تدك تل ابيب وتدمرها وتحولها الى دمار ودم، وتضرب  الاهداف الدقيقة،  وتغتال ابرز القيادات العسكرية، لان ايران لم تصل بعد للمرحلة التي تمكنها من ذلك، وهي فقط من تقرر متى تكون هذه المرحلة، وهذه هي المرحلة التي لا تريد اسرائيل لايران ان تصل اليها.

انه سباق القوة مع الزمن، تحاول اسرائيل استفزاز ايران لتدخلها في مواجهة مباشرة، لكن ايران تفلت كل مرة، وكل مرة يكلفها هذا الكثير مما لا يُحتمل. 

ابتلاع الموس

ايران تستعد ان تكون القوة الاولى في الشرق الاوسط، دون منافس، هذا الطموح المرعب لاسرائيل وحلفائها، يدفعهم لجرها لاي حرب او مواجهة تشغلها وتضعفها، ولهذا ايران حذرة وتفضل ابتلاع الموس، على الرد 

فالطموح الايراني المرعب، لن يسمح بظهور الانفعال، والقرار العسكري الغاضب، وغير المدروس، ومهما كانت قوتها، فلن تظهرها، وهذا يبدو غريباً علينا نحن العرب، الذين اعتدنا على القرارات العسكرية الانفعالية ، ايام الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، وبعده الرئيس العراقي صدام حسين.

فامتلاك القوة، لايعني اطلاقاً اظهارها، وإسرائيل صحيح تجرأت على ايران واستهدفت ايرز قادتها ، لكن هذا لم يستفز ايران، مما يجعلنا ندرس التجربة الايرانية باهتمام.

لكن السؤال هل فقدت بذلك ايران عنصر " الردع" ولم تعد قوتها تحميها من الاعتداء الاسرائيلي؟

هذا يتوقف على طبيعة الاعتداءات الاسرائيلية، التي لحد الان لم تصل لمرحلة المواجهة المباشرة، وربما استهداف القنصلية الايرانية في سوريا، كان هو اكبر هجوم اسرائيلي مباشر، وهو الذي كلف ايران ان تخرج عن صمتها ، وترد رداً مباشراً لكنه كان محدوداً، محدود ليحمي ايران نفسها من التورط في حرب تتربص خلفها اسرائيل للهجوم على ايران.

 

 

‏‏لذلك لدينا الان تجربة جديدة ندرسها، متى تملك القوة ولا تستخدمها. 

 

علينا ان ندرس تجربة الزعيم جمال عبد الناصر باهتمام، برغم صدقه واخلاصه، وهدفه بمواجهة اسرائيل وامريكا، الا ان قرار الحرب ظهر انه كان متسرعاً، وكلفه اكثر مما كان يعتقد، بل كلف القضية الفلسطينية برمتها، ونعلم مالذي حدث في فلسطين بعد هزيمة 67 بعد ضم اجزاء اكثر من فلسطين تحت سلطة الاحتلال، مازالت محتلة الى اليوم..

وكذلك الراحل صدام الذي اغتر بقوته، واستعرض واظهر خطورته ، فكان الثمن الذي دفعه العراق وباقي الامة العربية ، ليس فقط بتدمير العراق بل باحتلال المنطقة، وبقاء القواعد العسكرية الامريكية حتى اليوم.

 

ايران درست كل هذه التجارب باهتمام، اضافة ان طريقة تفكيرها مختلفة، فهي لحد الان لم تستعرض قوتها وتظهر خطورتها، ورغم تهديدها لكنها حذره، ولا تستفز بسرعة ولا ترد وان كانت قادرة على الرد، وهذا هو الخطر الذي تخافه اسرائيل، فلا شيء تخافه اسرائيل اليوم اكثر من ايران، ولن لم يكن هذا مقنعناً للبعض ممن اعتاد طريقة الجيوش العربية، وزعمائنا الذين كلفت قرارتهم المنطقة والامة ما لاتطيقه.

سلام