الرئيسية المواضيع المقال التحليلي

مستقبل الصراع: العروش العربية مهددة..اليمن قوة اقليمية صاعدة تحكم الجزيرة.. والمحور الفلسطيني سيخرج اقوى..

  • منذ شهر - Wednesday 06 March 2024

منى صفوان
صحافية وكاتبة- رئيسة تحرير عربية فيلكسAF

AF

الصراع دخل مرحلة اللاعودة، حتى باقرار هدنة، فهذا لا يُعلن انتهاء الصراع، فوقف النار المؤقت شيء، حتى وان استمر لسنوات،  وانتهاء الصراع شيء اخر.

فلقد تجاوز الصراع مع اسرائيل وامريكا مرحلة "الاستسلام " للواقع، برغم الرد العنيف على عملية طوفان الاقصى، الا أن فكرة نزع سلاح المقاومة والمقاتلين، سواء في فلسطين او خارج حدودها، لايمكن لامريكا تنفيذها بسهولة، وكذلك لن تتمكن من تمرير فكرة التطبيع مع اسرائيل، وإنجاح هدفها بتصفية القضية.

 

الامر معقد .. وخارج الحسابات الامريكية 

هناك اليوم محور كامل يتحرك، نقاط حساسة في الجغرافيا خارج السيطرة والخطة الامريكية ، ترسم خارطة الصراع، وتمهد لحرب اقليمية شاملة.


دون مبالغة، امريكا اليوم تواجه محوراً صاعداً بقوة، يضم اليه حلفاء، ويرسم استراتيجيته، وان بدى معزولاً في الاقليم من الدول العربية ، فهذه الدول وعلى رأسها مصر والسعودية ان كانت لا تدعم محور فلسطين ومقاومته، فانها لن تجرؤ على دعم اسرائيل، حتى وان ارادت، وهذا يخرجها من مسار التأثير السلبي والايجابي، ويحولها لدول غير ذات قيمة في الصراع. 

ولكن هذا لا يرضي امريكا، التي تريد منها تنفيذ خطتها العسكرية في المنطقة على غرار حرب العراق في التسعينيات، وهذا لم يحدث الان في اليمن، حيث تركها حلفاؤها وحيدة تحارب الحوثيين.
ورفضوا حتى " الامارات والسعودية " السماح لامريكا باستخدام اجوائها لضرب اليمن!


وهذا موقف غير عادي، ويؤرخ لمسار ومستقبل المنطقة، حيث لا حلفاء عسكرين لامريكا هنا، والاهم ان لفلسطين حلفاء تنمو قوتهم
المحور الفلسطيني الصاعد بقوة، سيخرج من طوفان الاقصى واضح الرؤية والهدف، وأكثر تصميماً، على معركة التحرير، التشويش سيكون عند الدول العربية الكُبرى، كالسعودية مصر الاردن والامارات، لا هم حلفاء امريكا، ولا ركن مهم في محور فلسطين.

سقوط  منطقة الحياد

 
هذا الخذلان لفلسطين، وكذلك الانسحاب من المواجهة، الى جانب ترك امريكا وحيدة امام غزة ولبنان واليمن ، ولعب دور الحياد السلبي من قبل العروش والجيوش العربية ، لن يكون مرضياً عليه مستقبلاً من الطرفين، المحور الفلسطيني، وأيضاً امريكا وإسرائيل.
ففي رقعة الصراع لا يمكن ان تبقى جغرافية مصر والاردن والسعودية على الحياد، وهي تاريخياً رقعة الصراع الاساسية. 


إن  العرشين الهاشمي والسعودي مهددان اكثر من اي وقت سبق، وهما اللذان قاما تزامناً مع المشروع الاسرائيلي، في اعادة رسم المنطقة قبل 8 عقود، لتكون الاردن وطن بديل لليهود، والسعودية، وريثة العثمانيين في الجزيرة العربية.  

هذه الجزيرة في ركنها الايمن، تنهض قوة جديدة " اليمن الحوثي" ، تستفيد من تحالفها مع ايران، وحزب الله اللبناني، واستطاعت الخروج بعد عشر سنوات من العدوان السعودي الامريكي عليها اكثر حضوراً وقوة، لقد حول الحوثيون اليمن لقوة اقليمية، وناصر كبير ومؤثر للقضية الفلسطينية، وعنصر اساسي في المحور الفلسطيني.

اما العرش الهاشمي فهو مرتبط بحماية المقدسات الإسلامية والمسيحية في فلسطين، وضع تحت هذا الارتباط الف خط احمر تجاوزتها اسرائيل، وزلزلت كيان العرش الهاشمي، وفضحت تواطؤه، وخضوعه، لذلك ان سار ضد ما تريده اسرائيل ليحمي شرعيته، فانه يهدد نفسه، وكذلك ان صمت عن الانتهاكات الإسرائيلية للمقدسات، فهو يزيل شرعية بقائه!

الامر ملتبس ومرتبك، ومعقد لان الصراع دخل مرحلة اللاعودة، ولم يعد استقرار المنطقة مرتبطاً فقط بمسار التطبيع، بل بمسار التحرير.

 

مستقبل التطبيع 

لذلك فالتطبيع السعودي وان تم، لن يغير من خارطة الصراع، بسبب وجود اليمن القوة الفاعلة في الجزيرة العربية، والركن المهم في المحور الفلسطيني، فهذا التطبيع اما ان يتحول الى عبء سعودي ثقيل، لا يستطيع العرش السعودي ايفاء التزامته تجاه اسرائيل وامريكا، الامنية والعسكرية وليس فقط الاقتصادية، خوفاً من رد فعل المحور الفلسطيني.

حيث سيطلب من السعودية بموجب هذا التطبيع ان تكون داعماً لاسرائيل في مواجهة اي قوة عسكرية، وهذا الالتزام العسكري والامني سيكون ضد مشروع تحرر نهضوي بدأت ملامحه تتشكل في المنطقة، وجعل السعودية حامية اسرائيل سيعني وضعها في قلب المواجهة.

وان رفضت فهذا سيجبر امريكا وإسرائيل لخلع وتغير النظام السعودي، وان وافقت فهذا يزيد الخطر، حيث ستشكل السعودية وقتها خطراً على الامن القومي واستراتيجية اليمن الدفاعية والملتزمة بالقضية الفلسطينية، وهذا يجعل اليمن مواجهاً للسعودية ومُهدداً لعرشها المتماهي مع المشروع الاسرائيلي في المنطقة.

 

رفض الامارات 

ففي الحالتين سيكون التطبيع اكبر خطر على كرسي العرش الذي ينوي محمد بن سلمان الانفراد به، عن طريق تسوية ارض الصراع، ويعتقد ان الاتفاق مع ايران، والتقارب مع الحوثيين سيبعد خطر التهديد، مع أن التطبيع سيكون مستقبلاً هو الخطر الحقيقي على العرش السعودي.

وهذا ما يحدث الان للامارات، التي لم تتمكن من التحرك بحرية في دعم اسرائيل خوفاً من ايران بعد تهديدات الحرس الثوري، ورفضت الاشتراك بحرب اليمن، مع بريطانيا وامريكا، وهذا سيهدد مستقبلها السياسي، ويرجح احتمال حدوث انقلاب على النظام في ابوظبي

لذلك عمدت الامارات للحصول على دعم اكبر جيش عربي في المنطقة "مصر"  عن طريق زيادة الدعم الاقتصادي لمصر، لتضمن وجود الجيش المصري الى جانبها في حال تنفيذ اي سيناريو انتقامي امريكي ضدها، حدوث انقلاب من الداخل.

الامور تسير الى حقل مفاجات كبيرة، لان الفاعل لم يعد واحداً في المنطقة، بل فاعلين كثر، وقوى صاعدة، واخرى افلة، وبالتأكيد ان اسرائيل اليوم لم تعد بكامل قوتها التي كانت عليها، وهذا يحول الصراع بشكل دراماتيكي اكثر.

 

سلام