الرئيسية المواضيع المقال التحليلي

غزة وانتقال الحوثيين لمستوى اعلى: تأثيره على موقف ماليزيا قد ينتقل لاسيا..وأسس لعلاقة استراتيجية مع السعودية.. وارسل تطمينات للمجتمع الدولي

  • منذ 4 أشهر - Wednesday 20 December 2023

منى صفوان
صحافية وكاتبة- رئيسة تحرير عربية فيلكسAF

AF

يبدو اننا امام خطاب " سياسي" جديد لجماعة الحوثي، التي دخلت لاول مرة في صراع اقليمي من هذا النوع، وانتقلت لمستوى اكبر من الدور المحلي، لذا يظهر امامنا خطاب على مستوى اعلى من خلال التالي:

تطمينات للعالم واحترام القانون الدولي 

-الحرص على ارسال تطمينات للمجتمع الدولي،  بخصوص تأمين الملاحة البحرية، واخذ المخاوف الدولية للشركات والدول على محمل الجد، دون استخاف او النظرة لها بفوقية.

هذا الحرص هو دليل التزام، ومسؤولية رفيعة، وتوازن، والنظر بعين الحرص على اليمن، بحيث لا يدافع عن فلسطين ويجلب الويل لليمن، فمن الصعب ضبط التوازن في مواقف حساسة من هذا النوع.

-تكرار الرسالة باكثر من طريقة، بان الهدف محدد ومضبوط ، وانه متعلق فقط باستهداف السفن المتوجهة الى اسرائيل، وهذا التأكيد يكشف عن حرص لاعب يريد الانتقال لمستوى اعلى بصفته طرف مسؤول يدرك العواقب، والقواعد، وعقلاني ويمكن التفاهم معه- وهذا التكرار يظهر في البيانات الرسمية السياسية والعسكري والخطاب الاعلامي، وحتى الخطاب الرئيسي لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي.

وبهذا ترى الجماعة انها كلما انتقلت لمستوى اعلى، كلما زادت مسؤوليتها، فانت لا تخاطب شباب متحمسين في احد جوامع صعده .

فان تخاطب خارجية صنعاء  منظمةالبحار(IMo)، والاتحادالعالمي لعمال النقل(ITF)وجميع دول شركات الشحن ، يعني ادراك الجماعة لدورها الجديد المستقبلي، وانها حربصة على سلامة الامن المائي في البحرين العربي والاحمر.

وهذا الحرص الذكي على اظهار الحرص على التجارة العالمية والمصالح الدولية، شجع دولاً اخرى مثل ماليزيا، على اتخاذ خطوة مشابهة، بعد  قرار الحكومة الماليزية بمنع السفن الصهيونية من الرسو في موانئها، وهي خطوة جاءت بعد إعلان الولايات الامريكية بتشكيل تحالف دولي ضد الحوثيين في اليمن، يبدو كرد واضح ان موقف الحوثيين لا يشكل خطراً دولياً وليس ضد الازدهار

انه دعم لليمن وفلسطين معاً، وقد يشجع دولاً اخرى في اسيا وامريكا اللاتينية، بسبب ذكاء الحوثيين السياسي وقدرتهم على ادارة الازمة وضبط الصراع، وتأكيد رسائل الأطمئنان.

  • فالجماعة تعيد صياغة وضبط صورتها، بانها عقلانية، تفهم القواعد السياسية، والقانون الدولي، وطبيعة العلاقات الدولية، والمصالح المشتركة للدول، وانها مستعدة للانتقال لعلاقات اقوى على مستوى الدولة، وان هدفها الراسخ والواضح ضد الاحتلال محدود ومضبوط باطاره الزمني والجغرافي. 
  • فهي ليست جماعة منفلته، بل جزء من تحرك عام متعلق بهدف محدود، في مجمله هو رد فعل للاجرام الوحشي غير المنضبط والمتفلت من قبل اسرائيل ، التي ظهرت انها هي الجماعة غير المنضبطة التي داست القانون الدولي، والمصالح الدولية.

الانتقال لممرحلة اوسع واكثر تعقيداً 

-الانتقال الحوثي للمستوى العربي، كممثل لليمن في هذه المواجهة، جعله اكثر حرصاً على تمثيل اليمن والعرب بشكل لم يكن متوقعاً بهذه السرعة، فلقد خدمته الاحداث، ليقدم نفسه انه جدير بالإجماع الوطني والعربي والقومي والاسلامي، وامام هذه المسؤولية اما ان يغتر، ويزيد جنوناً ولا يضرب حساباً لاحد، او ان يبدو معطف المسؤولية الكبيرة مناسباً له وعلى قياسه، لذلك كان التصرف والخطاب وحتى العمليات العسكرية تهدف لاظهار ان حجم الجماعة يتناسب وحجم المسؤولية.

 

-لم تهاجم الحركة  العرب، وتتهم بالخيانة، برغم موقفهم الضعيف، ولا حاولت ابراز التفوق عليهم، بل كانت  بشكل ذكي تقدم نفسها جزء من الموقف العربي الصامد والمقاوم، وانه يقدم خدمة لهم، هذا الذكاء في اعادة تسويق الجماعة لنفسها في دوائر القرار العربي وليس فقط في الشارع العربي، يشرع طموحها السياسي، بانها طرف عربي جاهز لعلاقات ندية وسوية.

ولا ننسى اننا امام باب مفتوح للتسوية السياسية في اليمن، انها مسألة وقت قبل ان تتحول الجماعة لجزء رسمي وشرعي من النظام اليمني، والحكم في اليمن، وغريب ان تكون الصدفة ان الانتقال يكون بعد خوضها هذه التجربة الثرية

فغزة قدمت فرصة كبيرة للحوثيين، لعشر خطوات الى الامام في الظهور الاقليمي والدولي، واحسنوا طريقة الظهور سياسياً وعسكرياً، وربما اختصرت عليهم غزة سنوات من التجارب والخبرات..

علاقة استراتيجية مع السعودية

-علاقتها الحساسة بالسعودية كانت في مرحلة اختبار صعب، وباعتقادي انها مرت دون خسائر ، فعلى مايبدو لم تتأثر العلاقة المستجدة، وبرغم الاحداث المفاجئة، الجماعة  لم تنتهز اي فرصة لتهاجم  السعودية بشكل رسمي

وقدرت موقفها، طالما مازالت الرياض ملتزمة بموقفها تجاه صنعاء، وطالما لم تنخرط في اي تعاون مع اسرائيل وامريكا ضد غزة، وكان موقفها متوافقاً والموقف العربي الموحد والمصعد ضد الحرب في غزة.

فبعد قطع شوط كبير في بناء العلاقات وجسر الثقة، بين صنعاء والرياض، وظهر ان الجماعة ايضاً حريصة على استكمال خطة الطريق، وقبول السعودية كوسيط، في الملف اليمني، وهذا يكشف عن شخصية جديدة للجماعة الحوثية بانها جادة في علاقتها ، وجديرة ان تكون طرفاً في تحالف استراتيجي طويل المدى، فلا ينقلب موقفها نتيجة للمتغيرات.

لقد وظف الحوثيون عملياتهم في مصلحة غزة وكذلك في مصلحتهم ومصلحة مستقبلهم السياسي، لقد كان الحوثي ذكياً باقتناص الفرصة، وبنفس الوقت ضبط ايقاعها، واحتواء الموقف بكل صعوبته، فظهرت القدرة على التوازن بين واجب اخلاقي قيمي تجاه اهل غزة، وبين مصلحة بلده اليمن ومستقبلها السياسي الذي يشكل جزءاً مهماً منه.

القوة العسكرية.. لاتغطي على الخبرة السياسية 

 التجارب السياسية تصقل الجماعات والدول، والأحزاب، ومن لم يخرج من التجربة اكثر قوة وحرصاً ومسؤولية فهو يكتب النهاية، ان الاستمرارية، تعتمد على المرونة والتأقلم والتعلم، ولعلنا امام جماعة تنقل اليمن لمستوى اعلى، من العلاقات والاستقرار وضبط المواقف ووضوح الرؤية.

سلام 

-