هل الهزيمة العسكرية هي من تفجر الثورات الشعبية .. قراءة تاريخية لنشوان عنتر

  • منذ سنة - Friday 09 September 2022

هل الهزيمة العسكرية هي من تفجر الثورات الشعبية .. قراءة تاريخية لنشوان عنتر

نشوان زيد علي عنتر

هزائم عسكرية تشعل الثورات الشعبية 

عادة ما إن يهزم جيش نظامي ما في إحدى المعارك المصيرية المرتبطة بأمته أو وطنه أمام العدو حتى يشعر وقادته و أفراده بأنها إنتقصت من هيبتهم العسكرية و كبريائهم الحربي و تدفعهم إلى القيام بإنقلاب عسكري ضد الحكومة أو النظام الحاكم الذي يحملونه مسئولية هزيمتهم النكراء السالفة الذكر لرد إعتبارهم أمام الشعب الذي يساندهم في فيما يصبون إليه ليتحول إنقلابهم العسكري على إثر ذلك و تحت وقع تأييد الجماهير العريضة لهم إلى ثورة شعبية عارمة متكاملة الأركان قبل أن تبؤ بالفشل و يدفن الحكام هي و القائمين عليها في التراب إلى غير رجعة دون أن يتوقف هديرها المستعر في نفوس الثائرين و يتحقق لهم ما أرادوه و لو بعد حين.  

ثورة 1905م (روسيا) :
إندلعت هذه الثورة في إحدى البوارج الحربية الراسية على البحر الأسود ألا و هي البارجة بوتمكين من قبل جنودها الغاضبين ردا على هزيمة جيشهم النظامي النكراء في الحرب الروسية - اليابانية عام 1905م و التي كشفت لهم حجم الفساد المالي و الإداري الهائل الذي اعترى مؤسستهم العسكرية العريقة لتحظى بتأييد شعبي مطلق قبل أن ينجح القيصر نيكولا الثاني (1856-1917م) في إخمادها بوحشية في نفس العام دون أن تنطفئ جذوتها الثورية لدى الروس و تمهد الطريق أمام الثورة البلشفية التي أطاحت بالنظام إلى الأبد عام 1917م .

ثورة 1948م (اليمن) :
ضاق قادة الجيش النظامي و على رأسهم عبدالله الوزير ذرعا من الإمام يحيى حميد الدين (1918-1948م) و نظامه الرجعي المتخلف المستبد الذي تسبب لهم بهزائم مخجلة يندى لها الجبين أمام الجيش البريطاني في حرب النواحي التسع عام 1924م و الجيش السعودي في حرب المخلاف السليماني عام 1935م حيث كشفت حجم الفساد المالي و الإداري الذي نخر في أجهزة الدولة المدنية و العسكرية و أدت إلى المجاعة التي ضربت البلاد (1936-1942م) ما دفعهم إلى الإطاحة به و إغتياله و رئيس وزرائه عبدالله العمري في حزيز بمحافظة صنعاء عام 1948م و تحظى ثورتهم المسلحة بتأييد شعبي منقطع النظير أنذاك ، و على الرغم من فشلها الذريع و إخمادها الوحشي الدموي من قبل الإمام أحمد حميد الدين (1948-1962م) من نفس العام إلا أنها رسخت الروح الثورية في نفوس اليمنيين ضد حكامهم الطغاة و مهدت الطريق لقيام ثورة 26 سبتمبر التي أزالت النظام الإمامي إلى أبد الأبدين عام 1962م 
2021م/2136ح