منذ 10 أشهر - Monday 20 November 2023
AF
بالمنطق والمعلومات والمصادر، وباستخدام ١٠٪ من الذكاء الطبيعي للانسان، يمكن ان تعرف ان ما يُشاع في السوشل ميديا عن قرب التوقيع على اتفاق يمني بين حكومة صنعاء، والمجلس الرئاسي ، ليس اكثر من بوست.
كانت سلطة صنعاء قد قطعت مسافة كبيرة في المسار السياسي، والتزمت بهدنة غير معلنة، وواصلت الجلوس على طاولة التفاوض لبحث شروط الاتفاق، الى هذه اللحظة كانت شروطها تفصيلية ورتيبة، تتعلق بتسليم المرتبات، وكيفية تسليمها، وفتح المطار لرحلات اكثر ، وغيرها من الامور التفصليلة التي لم يعد جائزاً الوقوف عندها اليوم، لان الواقع تجاوزها.
مابعد غزة، فرض عنواناً، فقد كان الطرف الاخر هو من يشترط على سلطة صنعاء ان توقف التصعيد العسكري ضد اسرائيل، مقابل تتفيذ كل شروطها السابقة من رواتب ومطارات والتي كان يتم المساومة حولها.
مع ان هذه الشروط هي حقوق، لايجوز المساومة حولها، وهذا الابتزاز الامريكي المريض، يستحق الرد عليه بصلف وندية.
لذا قلبت صنعاء الطاولة على امريكا، ورفضت الشرط، وصعدت باسقاط طائرة امريكية، وهي رسالة واضحة ، ثم جاء اقتياد السفينة الاسرائيلية، وما بينهما هجوم مستمر على اسرائيل بعشرات المسيرات والصواريخ.
انهم يقتلونك في غزة، يقطعون لحم اطفالك الذي يجمع في اكياس، ثم يساومونك على قوت اطفالك في اليمن، حتى تصمت ولا تتدخل، بلطجة امريكا في المنطقة، ووضاعتها السياسية، يجب ان تقف عند حدها، وان يتصدى لها كل حر قادر، واليمن حره، لا تساوم بقوتها، ولا تُحاصر، ولاتُمنع قوتها.
هل المطلوب ان نرى فلسطين تذبح ولا نتدخل، هذه هي الرسالة لحكومة صنعاء، مقابل الاعتراف، واعطاء حقوق اصيلة لا يجوز ان تمنع، لكن من متى كانت امريكا تعرف حقوق الانسان؟
ان هذا اكبر اختبار للمنطقة، انهم يقيسون ردود الافعال، من سيكافئون ومن سيعاقبون، وكانهم نظار مدرسة ابتدائية، ان لم يثر حكام العرب لكرامتهم، فاليمن يمكنه رفع الحرج عنهم، ورفع رأسه، ورأس المنطقة برمتها.
امريكا تريد ان تذهب اليمن الان لسلام فعلي، وهي التي كانت ترفض وتصعد وتعرقل، الان تريد لقطار التسوية الذي انتظرناه طويلاً ان يتحرك، وتريد شراكة، واعتراف بالحوثيين!
لكن هؤلاء المتمردين لم يتنازلوا عن هوايتهم الاولى، وهي التمرد ، الرفض للشرط الامريكي، يعني انه لا توجد اي اتفاقيات، بل ان الاحواءاللطيفة تحولت الى متوترة ومسمومة، وتهدد بالتصعيد وعودة حرب اليمن
وبعيداً عن الشرط الامريكي، بالتزام الحياد من الصراع العربي الفلسطيني، فهل يقبل من كان موقفه واضحاً وأخلاقياً تجاه اهم قضية عالمية ، ان يضع يده بوكيل محلي لأجندة اسرائيلية!
هذا التلاقح غير المنطقي هو من سيفجر الصراع في اليمن.
فلن ينسجم مشروعان متضادان، ستخرج الامور عن صراع العروش والكراسي والسلطة، وستخرج عن السيطرة، ان هذا الحقن الاصطناعي اكبر خطر على الامن القومي، واقوى تحدي تمر به اليمن والمنطقة.
اليوم هناك اطراف يمنية ، مرتبطة مباشرة بأجندة عسكرية اماراتية اسرائيلية، وتود تحويل الجزر والسواحل، او ما تبقى منها لقواعد عسكرية، وجزء من مشروع السيادة الاسرائيلية على المنطقة .
اي اتفاق سلام يمرر هذا المشروع، سواء في اليمن او في فلسطين، يطعن الأمن القومي بالظهر، ويقضي على مستقبل امة، ستتحول لمجرد قطعة ارض وتجمعات سكانية ، دون وجود سياسي ودون قرار.
لايمكن السماح باستنساخ السلطة الفلسطينية في رام الله، لتكون في عدن وصنعاء وبيروت ودمشق والعواصم العربية تباعاً، تحت اسم السلام!
قلب الطاولة من خلال استمرار التصعيد العسكري المدروس والجريء في آن واحد ، وباسم القوات المسلحة اليمنية، يضع اليمن في مكانه ومكان اخر
مكانه اعلى قدراً من تلك التي ارادت امريكا منحها، ان الاستحقاق السياسي، مدعوماً بالشعبية الجارفة، بعد غزة، تضع حاجزاً كبيراً بين المشاريع المحلية في اليمن.
لايمكن الاتفاق بين مشروعين متناقضين، ومهما كان خيال واشنطن واسعاً، وهي تفكر بمن سيحكم غزة، فما يحدث على الأرض يقول انها سوف تتفاجأ قريباً بالواقع السياسي والعسكري في غزة فلسطين ، وصنعاء اليمن
وبقليل من الذكاء يمكنك ان تفهم الرابط بين الجغرافيتين، بازاحة السلطة الشكلية العاجزة في رام الله، امام سلطة شراكة فلسطينية لكل فصائل المقاومة، وهذا سيحدث في اليمن، بشراكة حقيقية مع اصحاب يجمعهم مشروع واحد ضد اسرائيل، واي وصاية خارجية من اي نوع.
اما ايقاظ احلام وحرب الانفصال ، فستكون الهدية اللائقة التي تقدم لصنعاء لحكم اليمن بشرعية الوحدة.
وهكذا تجبر امريكا على الاعتراف انها ضعيفة، وغير قادرة على حكم الشرق الاوسط، ولا تملك الا السلاح ، وهناك الصين وروسيا تراقب هذه الفوضى ، باتسامة صرنا نفهم مغزاها.
سلام