الرئيسية المواضيع المقال التحليلي

فلسطين تغير خارطة الشرق الاوسط.. ظهور دول واختفاء اخرى

  • منذ 6 أشهر - Monday 09 October 2023

منى صفوان
صحافية وكاتبة- رئيسة تحرير عربية فيلكسAF

AF

نشاهد الان ومباشرة الحرب الفارقة في الشرق الاوسط، والتي اؤجلت كثيراً لتظهر وتنفجر بشكل صراعات إقليمية متفرقة بين محاور طارئة.

 

 

سقوط عروش وحكومات عربية

كما غير احتلال فلسطين الخارطة، تفعل معركة تحريرها ذات التغير الجذري والمهول والمخيف، هناك تهديد لحكومات وانظمة عربية بالسقوط،  بسبب ما يحدث في فلسطين، لخذلانها او لخيانتها او كشف دورها المشبوه.

دون مبالغة هذه هي الحرب المصيرية الاهم في الشرق الاوسط، ستغير كل الخطط المستقبلية وتنسف السابقة، وستعيد رسم الخارطة، لن تعلن فقط دولة فلسطينة، بل ستغير خارطة دول عربية كثيرة. 

حرب تحرير فلسطين " طوفان الاقصى" والتي ستكون حرباً مفتوحة ،  واهم حرب عربية ، واخطر  حروب المنطقة على الاطلاق ، لانها ليست مجرد حرب ينتصر فيها طرف على الاخر او تنتهي بتهدئة ، بل حرب مصيرية تولد بها دول ، وتموت اخرى. 

هناك دولة جديدة تُعلن وتتشكل الان، دولة لن تُخلق من رحم الإتفاقيات والمساوات والتنازلات ، بل  تولد كما تولد الدول القوية، لتُخلق فلسطين ، التي تستحق ان تكون الدولة الاهم في الشرق الاوسط بعد ستة  وسبعين عاماً من النضال. 

وبذات اللحظة هناك دولة تموت، وتعلن عن شيخوخة مبكرة، وتصدع وترهل غير مسبوق، وهي الان في اطار استعراض القوة الاخير، وفي حالة تصدع يضرب العمق والجذور، فاسرائيل التي عرفناها خلال سبعة عقود تنتهي بزلزال لم تتوقعه.

فلسطين ليس ضمن المحور الايراني

 

فلسطين بحربها الاولى والاهم اليوم، تعيد القضية لاساسها ، بكونها قضية اصيلة، ليست جزء من صراع المحاور، بل هي القضية التي تجمع المحاور

ولا هي نتيجة  لتحالفات الدول، فلسطين  ليست نتاج  ما يدور ويحدث من تغيرات ، بل سبب مباشر لكل ما حدث خلال سبعة عقود، من حروب، وثورات، وتغيرات ايديولوجية ، لقد عاصرت فلسطين أهمّ المتغيرات العربية، وكان الأحتلال الاسرائيلي، طوال هذه العقود هو المنعطف الاخطر للمنطقة وهو اليوم الدولة المهددة بالفناء .

 
فلسطين  اليوم تقسم المنطقة افقياً،  وتقلص فرصة الحياد والحلول النصفية، اما حق كامل للفلسطينيين بدولة عاصمتها القدس، او دمار مستمر ، وحرب اقليمية بجبهات متعددة ، وبكلا الحالتين فالخارطة تغيرت ، وكل الملفات جُمدت لحين حسم القضية الاهم.

فاليوم تقفل كل ملفات المنطقة مؤقتاً ، ملف سوريا ملف الفراغ السياسي في لبنان ، ملف حرب ومفاوضات اليمن ، ملف التطبيع، والملفات الداخلية في العراق، لحين حسم قضية فلسطين ، وبعدها تُفتح الملفات وفقاً للمتغيرات الجديدة التي ستحدث.

فلم يعد ممكناً إشعال حروب متفرقة ، وتهدئة فلسطين ، ولا تبريد المنطقة ، دون حسم قضية فلسطين ، وبدلاً من الحروب الاقليمية المتفرقة ، سيكون لدينا حرب اقليمية واحدة بعدة جبهات، وهذا هوّ الكابوس الذي لا تريد امريكا وإسرائيل تخيله

لانه يعني لهم حرب المحاور الايرانية ضد اسرائيل ، ولكن هذا لا يعني ان فلسطين جزء من اي محور عربي او اسلامي ، فلسطين هي القضية المركزية ، وكل المحاور تجتمع فيها

 

فرصة ايران لمواجهة امريكا مباشرة .. وفرصة السعودية للتخفف من الضغوط الامريكية 

ففي هذه القضية المركزية فرصة ايران لمواجهة امريكا وإسرائيل ، وفرصة السعودية في تهدئة الشرق الاوسط ، واحلال السلام والضغط لاعلان دولة فلسطينية ، وفرصة المطبعين الذهاب الى تطبيع علاقات مع اسرائيل اكثر منطقية وعدالة  يشترط حقوق الفلسطينيين اولاً، وليس تطبيع مجاني، وفرصة التكتل الشرقي بقيادة الصين اللعب على موازين القوى الجديدة في المنطقة ، باعتبار ان أمريكا وحليفتها الرئيسية اسرائيل لما يعودا مركز الثقل في الشرق الأوسط.

فبعض الحروب تغير وتصحح المسارات، وتختبر قدرة الانظمة على السيطرة، والإمساك بزمام القيادة الشرق اوسطية كدول فاعلة، واقطاب جديدة تحكم المنطقة بعيداً عن التدخلات الامريكية.

بهذا تمثل الحرب فرصة، وقد يتغير  شكل التطبيع حسب اتفاقية ابراهيم، فحرب غزة  بطوفانها وهجومها الاول، غير المعادلة  لذلك تحاول اسرائيل انقاذ اتفاق التطبيع مع الامارات والسعودية، قبل ان يصبح مستحيلاً

حيث يعتقد الاسرائيليون ان الهجوم الفلسطيني جاء لافشال التطبيع ، مع ان الطبيعي ان لا يكون هناك تطبيع من الاساس طالما لم يحصل الفلسطينيون على حقوقهم المشروعة.

ان الهجوم العسكري الفلسطيني لحماس، يعيد الامور الى طبيعتها ، السلام والدولة الفلسطينية عاصمتها القدس  والحقوق العادلة للشعب الفلسطيني ، ومن ثم التطبيع العربي مع اسرائيل ، لكن قلب المعادلة كان هو الخلل الذي فجر المنطقة.

فلا يمكنك تجاوز المشكلة الاساسية، بكل هذه السلاسة ، والتبسيط، وتقفز من فوقها لتذهب بكل بجاحة وتفتح سفارة عربية في اسرائيل! 

هناك التزام قانونيّ وسياسي ، قبل ان يكون من منطلق عروبي وديني، يلزم كل الدول العربية ، حل القضية الفلسطينية اولاً قبل اي خطوة باتجاه اسرائيل 

 

ترهل وشيخوخة الدولة الاسرائيلية 

اما اسرائيل فهي اليوم اضعف من اي وقت مضى، ودولة فاشلة ، ومهددة وغير مستقرة ، ومكشوفة امنياً، لذلك فهي لا تصلح لاي نوع من أنواع العلاقات والتحالفات الاستراتيجية .

فبعد ان كانت قبل اسابيع فقط تحلم بدور عالمي، وان يوضع اسمها في خارطة الملاحة الدولية ، وكانت نتياهو يستعرض الخارطة الجديدة في الامم المتحدة ، فان سقف منزله الأمني والاستخباراتي والعسكري ، سقط على راسه خلال ساعات.

اسرائيل فعلياً دولة مهددة بالزوال، انها تعيش مرحلة انحدار وترهل، وليست صالحة لعلاقات طويلة المدى، ولا هي الشريك الاقتصادي الاهم للدول الكبرى

اسرائيل اليوم عبارة عن "عبء" عبء تكلفته اكبر من الاحتفاظ به، لن يكلّف المنطقة حروباً هي في غنى عنها، بل ايضاً قد يكلفها مستقبلها، ويمكن للعالم تخيل المنطقة دون اسرائيل، او دون الدولة الصهيونية الاكثر تطرفاً وعنصرية .

فقد تخلق الى جانب دولة فلسطين ، دولة يهودية عربية اخرى ليست هي اسرائيل اليوم، دولة لها علم واسم مختلف ، والاهم سياسية عربية مختلفة، فهذه المنطقة عربية اولاً، فكيف توجد دولة غير عربية حتى وان كانت يهودية!

الشرق الاوسط يتغير حرفياً من جذوره، وهناك مفاجآت ستهدم كل الخطط التي بنيت على واقع انتهى صار من الماضي. 

 

سلام