الرئيسية المواضيع المقال التحليلي

الزيارة السعودية الفارقة لمسقط ..تغير المنطقة ومستقبل المثلث السعودي العُماني اليمني..التغير قادم فما هي رؤية اليمن ..

  • AF
  • منذ 7 أشهر - Thursday 14 September 2023

الزيارة السعودية الفارقة لمسقط ..تغير المنطقة ومستقبل المثلث السعودي العُماني اليمني..التغير قادم فما هي رؤية اليمن ..
منى صفوان
صحافية وكاتبة- رئيسة تحرير عربية فيلكسAF

AF

 

شكل المنطقة في طريقة للتغير بشكل غير مسبوق، المشروع ضخم ويحتاج لتواجد دول قوية ومؤثرة فيه، ولليمن نصيب كبير من مشروع النهضة الشاملة  للمنطقة ، فلن ينمو الجوار ويزداد ثراء ، بينما يغيب اليمن عن الخارطة غارقاً بالحرب والجوع، اليمن مرشح  لتكون الدولة القوية المستقرة، وكما كان لها نصيب كبير من الحرب سيكون نصيبها من السلام.. فالقوة تريد الاستقرار . 

فهل انتهت الحرب فعلاً، وحان وقت السلام، اجابة هذا السؤال مرهون  باليمنيين وحدهم دون غيرهم ، ورؤيتهم لمستقبل بلادهم .. 

الملف اليمني محور الحدث   

منذ اطلاق مبادرته تجاه الحل في اليمن في ابريل ٢٠٢١ لم يظهر ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في الملف اليمني ، الذي تولى مهمته وزير الدفاع خالد بن سلمان.

ولكن خلال هذه المُدة تغيرت ارضية التحالفات في المنطقة، خاصة بين الامارات والسعودية، حيث كانت ابو ظبي هي الشريك الاستراتيجي للرياض، غير ان اليمن كان هو محل اختبار هذا التحالف.

ولكن اليمن الان مرشح لتحالف استراتجي مع السعودية وعمان، تفرض الجغرافيا ومتطلبات الامن القومي، فهل اليمن مستعد لانتقال من هذا النوع، وماهي المعطيات في هذا الملف والعروض التي ستقدم للاطراف في اليمن! 

 

هنا في هذه الارضية تظهر سلطنة عُمان، التي تطورت علاقتها بالمملكة السعودية بشكل لافت منذ تولي السلطان الجديد مهام الحكم، الذي كان في اخر فترة السلطان الراحل قابوس بن سعيد ، قد وصف بعلاقات متوترة مع الجيران في السعودية والامارات، لاسباب كثيرة من ضمنها مرض السلطان، وابتعاده المنقطع عن تفاصيل ادارة الدولة

رغم ذلك التزمت  عمان  بسياسة الحياد، وكانت دائماً مع الحل السياسي لكل ازمات المنطقة، ولم تصعد باتجاه اي من جيرانها الخليجيين او في اليمن ، وحافظت على سياسة السلطان قابوس التي وضعها لبده، وجاء السلطان هيثم من بعد لاعادة احيائها وانعاش علاقة بلاده بالسعودية  بعد الخمول الذي كان قد اصابها. 

 

وهنا تظهر السعودية رأس الخليج مجدداً، بعد سنوات من المنافسة القطرية، او حتى الاماراتية ، برؤية اقتصادية واضحة، وتحالفات سياسية استراتجية

 

فتستطيع بقليل من الملاحظة المحايدة، ان ترى انزواء قطر، وابتعادها عن اي تصعيد او منافسة داخل البيت الخليجي ، وتحسن علاقة السعودية وقطر، وانهاء المقاطعة ، قطع شوطاً كبيراً ، خاصة في العام الماضي بحضور ولي العهد السعودي لافتتاح كاس العالم في الدوحة وتشجيع المنتخب القطري، حيث توشح بالعلم القطري 

 

 

لقد عادت قطر لموقعها كذلك، كدولة جارة للسعودية ، وحليف سياسي، وانصرفت للاهتمام بمشاريعها الاقتصادية والاستثمارية، وتركت منازعة القرار الخليجي ، وظهر هذا جلياً باصرار الرياض على اعادة العلاقات مع النظام السوري، واعادة سوريا للجامعة العربية، وكان حضور الرئيس السوري بشار الاسد للرياض، رغم التحفظ القطري، دليلاً على قوة القرار السعودي ، والموافقة القطرية الضمنية للسعودية بقيادة المنطقة ، ورسم التحالفات

اليمن التحالف الاهم 

مشكلة اليمن الوحيدة الان، انه بلا قرار سياسي واحدة، وهذا يحتاج ترتيب القرار اليمني وتوحيده، وتنظيم الشكل السياسي لليمن ، وهنا على السعودية وعمان بذل المزيد من الجهد لتوحيد اليمن، واخراجه من ازمته الاقتصادية وتقوية دولته ووحدته. 

 

فالجوار يريد التحالف الاهم  مع اليمن، كموقع، واهمية ، وبلد بمستقبل واعد، فاليمن ضرورة لدول الجوار، وكل هذا سيكون في سياق انهاء الحرب اليمنية ، وقبول الدور السعودي الجديد، وتحديد  العلاقة المستقبلية بجماعة الحوثيين في صنعاء ، خاصة بعد التقارب السعودي الايراني، وتطبيع العلاقات الديبلوماسية بين الرياض وطهران.

فلا علاقة جيدة للرياض مع طهران ، بدون علاقة متينة مع وتصالح وتقارب مع الحوثيين، ولا استقرار للسعودية دون استقرار اليمن، ولا رفاه ونهضة، واليمن يمزقه الجوع والانهيارات الاقتصادية المتلاحقه.

اليمن هي العمق الامني للجزيرة العربية وليس فقط للسعودية وعمان، ومساعدة اليمنيين باستقرار دولتهم يسرع بانجاح المشروع السعودي.

ان معالجة اثار الحرب في اليمن التي عصفت بالمنطقة وليس فقط باليمن ، يحتاج لهذا الاهتمام الشخصي من محمد بن سلمان ، فهو المسؤول الاول عن الملف اليمني السعودي، وبدون تدخل شخصي منه ما كان سيتم حلحة الامور ، لا مع الحوثيين ولا غيرهم، لهذا كانت زيارته لمسقط هي الخطوة الأهم وقد تمت 

وان كان وزير الدفاع خالد بن سلمان قد تواصل مع رئيس المجلس الرئاسي اليمني رشاد العليمي قبل ايام من وصول محمد بن سلمان لمسقط، فان هذا يعني الاهتمام السعودي لتسهيل المهمة في مسقط وانجاحها وتأكيد دعم كل الاطراف اليمنية 

ويبدو انه تأكيد سعودي لحكومة العليمي، ان التقارب مع الحوثيين لا يعني التخلي عن التحالفات القديمة معهم، فلمصلحة السعودية تقوية تحالفها بكل الاطراف اليمنية، لتسهيل التوصل لاتفاق يمني يمني، خاصة وانها تريد اعادة دور الوسيط في اليمن، واعادة امساك الملف اليمني بالتقارب مع كل الاطراف .

فبعد انعاش ورسم افق التعاون السعودي مع مسقط والدوحة وطهران ، حان الوقت لحسم الامر مع صنعاء ، بعد هدنة طويلة اقفل فيها ملف الحرب مع السعودية ، وبقيت بعض التفاصيل العالقة التي اخرت حسم الملف. 

 

وكانت الاجراءات التكتيكية تعرقل التقارب، ورسم العلاقات الاستراتجية ، الى ان جاءت الزيارة الفارقة  والمهمة لمحمد بن سلمان لمسقط

والتي يبدو ان وقعها كان مفاجئاً، لدى البعض في المنطقة، ان لم يكن مزعجاً لهم، لان التقارب قد يسعى لافشال كثير من المشاريع في المنطقة، التي لم تعد تتحمل كثرة المشاريع 

للمنطقة مشروع واحد 

ان نجاح  زيارة ولي العهد السعودي لمسقط، يعني ان التحالف الاستراتجي بين صنعاء والرياض مساءلة وقت

وهذا الاهتمام الشخصي من القيادة السعودية بانجاح المساعي السعودية لاستقرار المنطقة ، واخراج السعودية من حرب اليمن، ودعم نهضته، يجعلنا نتفائل بمستقبل المنطقة التي سيكون اليمن جزء منها.

لذلك من الطبيعي والمتوقع ان تعمل الابواق المدفوعة من الخارج والمحسوبة على المشروع الاماراتي ، لافشال التقارب الحوثي السعودي، وتصوير انهزام الرياض امام صنعاء ، او تنازل الحوثيين امام بن سلمان ، وهي اساليب دعائية مفلسة سيتم تجاوزها، ولن تؤثر على المسار الحقيقي للاحداث، فنحن امام تغير جارف ولافت في المنطقة ، وفعليًا غير مسبوق

فعلى الارض لن تكون هناك عرقلة حقيقية ، طالما التزم الحوثيون بمصلحة اليمن، واهمية صنع مستقبلهم السياسي بعيداً عن الانجرار لحالة رد الفعل، فواضخ ان الحرب زادت من خبرة الحوثيين السياسية ، وكما ساهمت في تقوية نفوذهم العسكري، فهي كذلك ستزيد من قوتهم السياسية ومن قوة تحالفهم الاقليمي مع دول الجوار.

فالرياض تريد ان تنتقل المنطقة  لمرحلة جديدة، اقتصادياً وسياسياً، ولكن هناك من يتعمد عرقلة هذا الانتقال وان لا يكون جزء منه.

قبل اسابيع ظهرت القوات الامريكية في الخليج، وفي اليمن، وهذا التواجد العسكري الامريكي في شرق اليمن وان كان متواضعاً، الا انه في عمقه رسالة تهديد وابتزاز للسعودية، التي تمضي بتحسين العلاقات مع كل المغضوب عليهم من واشنطن ليس فقط النظام السوري وطهران، بل حتى الصين وروسيا

وان كانت الرياض لحد الان لم تنضم للبريكس كتحالف سياسي ضد واشنطن، فانها هي من تهدد عرش الدولار، ولم تعد امريكا قادرة على تهديد العرش السعودي

فما هو دور دولة الامارات بهذا الابتزاز الامريكي في اليمن، وان كانت الامارات ماضية بدعم مشروع دولة في جنوب اليمن، فهذا هو التهديد الحقيقي للامن القومي الخليجي ، وهنا تظهر اهمية تطبيع العلاقة السعودية مع صنعاء ، لوقف مشاريع من هذا النوع.

 

 

وزيارة جماعة الحوثي للرياض، وهي زيارة متوقعة تحدثنا عنها في AF  قبل اسابيع ، ليست الا جزء من اجراء كبير للتقارب بين الجارين، ورسم التحالف الجديد في المنطقة بمشروع استراتيجي  واحد، لذا يفترض ان يبارك جميع من في اليمن والمنطقة هذه الخطوة ويشجعوا اطراف الحرب محلياً وإقليميًا بالمضي قدماً نحو السلام  لليمن والمنطقة 

وهي ليست تحالفات ضد الامارات كما قد يصفها البعض، ولا ضد واشنطن، بل ضد اي مشروع لتفتيت اليمن وهز استقرار المنطقة، وضد اي عرقلة لاخراج المنطقة من ازمة الاستقطاب القطبي بين المحاور ، لرسم علاقة مختلفة مع الجميع كما يظهر في رؤوية السعودية الاقتصادية ، وطموحها لتحويل المنطقة لاوروبا الجديدة 

ان رؤية  السعودية ٢٠٣٠، ورؤية  سلطنة عُمان، ينقصها رؤية اليمن السياسية قبل الاقتصادية ، وهذا يعني اولاً ترتيب البيت اليمني، واعادة احياء المسار التفاوضي والحوار اليمني اليمني.

فلا نجاح لاي مشروع في المنطقة ونهضتها واستقرارها ،ببقاء اليمن ممزقاً متناحراً.

 

اليمن حجر الزاوية

 

لتظهر السعودية ضمن رؤيتها رسولاً للسلام ، الجار الداعم لوحدة واستقرار اليمن ، ولنهضتها الاقتصادية والعمرانية، واعادة ترميم ما دمرته الحرب على المستوى الانساني والاقتصادي والتنموي.

وهنا سيحتاج الجارين لاعادة رسم افق العلاقة والتعاون، واظهار الافق المشترك والتشابه بين حليفين وجارين جمعها التاريخ والجغرافيا ويجمعها المستقبل. 

ليتكون لدينا مثلث سعودي عُماني يمني في هذا الركن المهم من المنطقة، كحائط سد، ودرع متين ، وتحالف استراتجي، امام اي اطماع او مشاريع تفتيت، فوحدة اليمن ستضمن وحدة المنطقة واستقراراها والعكس. 

ان التحديات كثيرة، واهمها وجود مشاريع متصارعة في اليمن وفي المنطقة، وهناك جهود حثيثة لتفتيت اليمن ، وتقسمه، وهذا ما  يعرقل السلام الان وتسوية الازمة اليمنية ، فوجود مشروع اماراتي لدعم وتقوية جبهات عسكرية، واقامة دويلات متحاربة، لم يعد هو المشروع السعودي في اليمن.  

فالسعودية تريد ان يكون مشروعها هو الاعمار والسلام، وهذا جزء من التمهيد الاقليمي لتولي ولي العهد للعرش السعودي، ليتحول الخصوم الى حلفاء، فيكون هو قائد وحليف السلام معهم، ولكن هذا ضد المشاريع الاخرى ورؤيتها للبقاء في اليمن، وتهديد السعودية ، وتنازع القيادة الخليجية.