منذ سنة - Tuesday 29 August 2023
AF
هل حان الوقت لكسر الحاجز، الذي بنته الحرب، ونبدأ العمل معاً، ونشهد نهاية قريبة لحلحلة الملف اليمني ، وإعلان بدء الاتفاق على خارطة طريق .
وماذا عن الأسئلة القادمة من المستقبل..وعلى رأسها مالذي ينتظرنا هناك؟
زيارة عمل قصيرة للرياض ، جاءت في توقيت دقيق، في هذه المرحلة الضبابية ، ليس فقط لمعرفة مالذي يحدث هناك، وماهي رؤية الجانب السعودي، في هذه المرحلة ، لكن ايضاً لرؤية السعودية
فهي زيارتي الأولى للجيران ، اللذين نتقاسم معهم الجوار والطباع والتراث..والمستقبل.
أسئلة كثيرة تشغل الرأي العام في اليمن، عن مستقبل البلاد، ومسار عملية التفاوض الحالية .
وما يشغلني هو العلاقة المستقبلية لليمن بالسعودية، كحليف وشريك استراتجي، وليس فقط كجار فرضته الجغرافيا.
ومن المهم الاستماع لمسؤول الملف اليمني في الجانب السعودي، والبحث في الرؤية السعودية، ومستقبل العلاقات.
فكيف نوظف جوار الجغرافيا لجوار المصلحة المثالية، والمشاركة والتحالف.
لا مرتزقة ولا أعداء ..
العلاقة مع السعودية مرت بمراحل كثيرة، تنقلات وأكثرها حدية هي هذه المرحلة، التي حان ان تنتهي بصيغتها سواء كيمنيين تابعين، او يمنيين معتدين
العلاقة هي الندية والاحترام المتبادل ، هذا الطبيعي، لكن كيف نصل اليه، بدولة هشة مازلت تمد يدها لتاخذ منحة سعودية ؟
واسئلتي الكثيرة كان عليها التوجه لمهندس الملف اليمني في الدائرة السعودية، الذي يمسك بالملف التنموي السعودي في اليمن – محمد ال جابر- وفريقه من الشباب- لان هذا الملف هو ثمرة العلاقات السياسية.
ليس فقط لروابط القربى ، بل لارتباط ذلك بقربنا من مستقبل جديد تنتظره المنطقة ولا سيما السعودية، التي بدأت خطواتها الى هناك.
التوقيت له علاقة بالمتغيرات التي تحدث في السعودية والمنطقة، من التقارب مع ايران، وهو الحدث الأبرز في المنطقة، وقبلها جاء انهاء المقاطعة الخليجية ، ثم عودة سوريا للجامعة العربية، الى الوصول لانهاء حرب اليمن، وهو الملف الذي يهمني .
ماهو مشروعهم المستقبلي في اليمن ، وكيف سيتم التعامل مع كل الأطراف اليمنية ،وكيف ترى علاقتها المستقبلية باليمن، الجار الأقرب والاهم!
واسئلة كثيرة متعلقة بمسار المفاوضات الحالي، وخطوط التقارب والحوار مع جماعة انصار الله الحوثية.
مالذي تؤسسه اللحظة الراهنة للغد .. ومالذي ينتظرنا هناك؟
أسئلة كثيرة، تفجرها أسئلة أخرى، مالذي ستقوله الرياض، العاصمة الفاعلة في القرار الإقليمي والمؤثرة في القرار الدولي وأسواق النفط العالمية ، شريك الصين الإقليمي، وحليف أمريكا الاستراتيجي!
وما يعنيني، انها الطرف الاخر في العلاقة المستقبلية ، بين اليمن والسعودية ، والتي نريد أن نعرف كيف ستكون، بعد ٩ سنوات من الحرب.
مما لا شك فيه ان مسؤول الملف اليمني في السعودية، السفير السعودي الحالي في اليمن محمد ال جابر، واحد من خطوط الحل والتواصل، وزيارته لصنعاء السرية والعلنية، والتقائه بقيادة الجماعة هناك، او في مسقط، لها علاقة برؤية السعودية لمستقبل العلاقة مع اليمن، بكل اطيافه واطرافه.
ان قدرته على التواصل مع قيادة الحوثيين، وقدرة الحوثيين على التواصل ايضاً مع الجانب السعودي، والجلوس والنقاش، مازالت من الأمور الإيجابية التي حدثت خلال الهُدنة، لكن الشارع اليمني لم يلمس حتى الان نتائج هذه اللقاءات الحارة ، والباردة ، بقسوة نقاشاتها او طرفة حديثها.
فمتى ينعكس السلام الحار بين الأطراف السياسية ، لسلام يلمسه اليمنون!
كل من زار الرياض، لن يجدها المدينة المنظمة الهادئة، فقط، بل المدينة الدؤوبة، التي الكل يعمل فيها، نساء ورجال.
انهم يسيرون في طريقهم، حرب اليمن لم تؤثر على بنية المجتمع السعودي او اقتصاده، ولم يكن لها الأثر الذي قد نتوقعه، المواطن هناك يعتقد انها حرب صغيرة لا تؤثر على مجريات حياته اليوميه، عكس اليمن التي اثرت فيها الحرب على كل تفاصيل الحياه، بسبب انهيار الدولة والاقتصاد ، واكثر ما اثر عليها، كان انهيار الاقتصاد
بلا شك الكل في السلام رابح، وكما ستربح السعودية وتستفيد من اغلاق ملف حرب اليمن، فاليمن ايضاً مستفيد ورابح.
اليمن بكل اطرافه واطيافه وبشعبه، سيكون الرابح الأكبر واكثر من السعودية، لانه الأكثر حاجة لهذا السلام.
فاليمن الان، لا يحتاج الا الاستقرار، لبدء البناء والاعمار والنهضة، والاستفادة من الرغبة السعودية بالسلام والاستقرار.
لقد تضمنت زيارتي الجلوس مع الفريق الفني، والإعلامي للبرنامج السعودي لاعمار اليمن، مجموعة من الشباب السعودين من الجنسين، متحمسين للعمل، يعملون بطريقة علمية، ويعتمدون الأساليب الحديثة في التفكير والتخطيط والعرض والتنفيذ، منظمين، ولديهم خطة، وفق احداث الطرق .
فالنهضة السعودية، سمحت لكثير من الشباب من الجنسين بإيجاد فرص عمل وتطوير مهارتهم، ليشكلوا فريقاً ناجحاً لأي مشروع، ان الاهتمام بالشباب في أي بلد واستغلال طاقتهم في العمل والإنتاج ، يعني انه بلد بمستقبل كبير، وواضح جداً، وهذا ما يحدث في السعودية الجارة الأقرب، فمالذي يمنع حدوثه في اليمن؟
باستعراض سريع لمشاريعهم في اليمن، وطريقة عملهم هناك، كانت خطتهم واهدافهم واضحة، فالهدف التنموي، هدفه مساعدة اليمن على الاستقرار ، وهذه احد اهم أدوات السلام.
فلا سلام بدون تنمية واستقرار ، وهذه المساعدة الخارجية لاتفي بالغرض وحدها، مهما بدت كبيرة وضخمة.
ولسنا بحاجة لتقييم عمل الاخرين ، لكن البرنامج الذي بدأ نشاطه في ٢٠١٨ ولديه خطة طموحة لمواصلة العمل في كل اليمن، لا يمكنه ان يعمل وحيداً دون حكومة رشيدة، ودون مكافحة الفساد، ودون حوكمة، وخطط تنمية حكومية ، ورؤوية استراتيجية، ودون استغلال طاقات وقدرات الشباب اليمني، الذي لا يقل مهارة وقدرة عن غيره، وهذا ما سيحدث.
فالبرنامج يكثف جهوده لاظهار الدعم السعودي التنموي للجار الفقير، الذي افقره قادته، وهو يقوم بدور مهم بلا شك، فما يقارب من ٣٠٠ مشروع في اليمن كمنحة سعودية تحديداً ٢٢٩ مشروع في مختلف المحافظات، راينا الكثير منها في الإعلام، كان عليها أن تكون جزء من خطة حكومية، وبميزانية يمنية، لكن يشكر الاشقاء على المساعدة ، وهذا لا يعفينا من تحمل مسؤولية الاعمار والتنمية في اليمن، فهي مسؤولية السلطات اليمنية، ومساعدة الجيران لن تسقط مطالبنا لهم بتحمل مسؤوليتهم تجاه وطنهم وشعبهم
قد تبدو بعض التفاصيل مُربكة، ومُعقدة، ولكن مثل هذه التفاصيل أو العقبات، سيكون من الطبيعي جداً ، تواجدها في مفاوضات من هذا النوع
انها خطوات إجرائية، وهي خاضعة للمعالجة ، وهنا لدينا ما يدعو للتفاؤل ان خطوط الحوار والتواصل مفتوحة، بين الأطراف، وهذا مُبشر، حتى باستمرار الصراع المُبطن، او التهديد العلني.
لكن ماذا بعد انهاء هذه المرحلة، هذه المرحلة ستنتهي، وواضح ان الجانب السعودي لديه خطة او على الأقل أفكار لما بعدها، وهي مرحلة ما بعد الاتفاق ، بالبدء بالتنمية والاعمار في المناطق الشمالية وعلى الحدود، وإيجاد صيغ تعاون ، لكن ماهي خطة وأفكار الجانب اليمني!
سلام