الرئيسية المواضيع المقال التحليلي

كيف سيكون شكل العالم.. الصين القوة الاولى وليست الثانية

  • منذ 8 أشهر - Friday 11 August 2023

كيف سيكون شكل العالم.. الصين القوة الاولى وليست الثانية
منى صفوان
صحافية وكاتبة- رئيسة تحرير عربية فيلكسAF

AF

خلال اربعة عقود فقط.. اصبحت الصين  تنافس القوة العالمية الاولى أقتصادياً وعسكرياً وسياسياً، وفعلياً هددت امريكا وازاحتها من موقعها. 

‏ 45 سنه كانت كافية لوصول دولة نامية، لقمة الهرم العالمي، انها تجربة مدهشة ، بتحويل البشر الى الآت والبلد الى مصنع كبير، فبعد ثورتها الثقافية والزراعية جاءت نهضتها الاقتصادية والتنموية.

لقد وصلت الصين لما هي عليه الان، من خلال تجربتها الخاصة، دون تقليد او استنساخ لتجارب اخرى، لذا تبقى تجربة خاصة لايمكن تقليدها،، فلكل بلد خصوصيته

 

العالم الذي تقوده قوة تؤمن بتعدد القطبيه، ولم تدخل اي حرب من الحرب العالمية الثانية ،ولم تحتل او تشارك بالفتن والصراعات والانقلابات ،بدعوى نشر الديمقراطية، بالتأكيد سيكون مختلفاً

ومنذ بدء نهضتها الاقتصادية والتنموية..في عهد بينج في الثمانينات..قبل هذا كانت البلد الفقير المكتض السكان، ولم يكن العالم المتقدم يتوقع هذه المنافسه من هذه الدولة الاسيوية المثقلة بالفقر والديون والسكان والحروب.

قادة الصين منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية ورثوا دولة فقيرة، تنمويًا واقتصاديًا ، والعبء التنموي كان يزداد مع زيادة السكان المضطرد، هذا التحدي تحول الى فرصة، وخرجت الصين من مستنقعها ، عبر عدة تجارب منها " تحرير الاقتصاد " في بلد  شيوعي، وهي مغامرة كبرى، وجريئة.

كل من يقترب ويتعرف على التجربة الصينية ، بكل تعقيداتها وتفاصيلها ، سيجد الكثير من " التجربة والخطأ " والمحاولة، والطموح الكبير، بان تغير الصين من هويتها الاقتصادية، دون ان تمس عقيدتها السياسية وايديلوجيتها.

فلن تجد في المصطلحات الصينية كلمة " ديمقراطية " بعكس شيوع تنمية، تعاون، شراكة ، استثمار، وهذا ما تقدمه للعالم 

فلن تنشر الصين تجربتها ونفوذها ، ومصالحها وتجارتها، من خلال " نشر الديمقراطية " كما حدث على الطريقة الامريكية ، بل من خلال الاستثمار والتعاون الاقتصادي ، والتنمية ، والشراكة والتجارة.

الطريق الصيني حول العالم ، او طريق الحرير الجديد، هو عبارة عن مدن صناعية، وموانئ ، ومصانع، وطُرق وسكك حديد، وقواعد عسكرية للحماية.

فهي لن تتدخل بعقيدة الدول، وشؤونها الداخلية، لن تفرض سياستها وطريقتها واسلوبها على الدول التي تتعاون معها، ولن تستخدم ملفات حقوق الانسان والحريات والديمقراطية للابتزاز السياسي لتمرير مصالحها.

فالصين لم تقل انها دولة ديمقراطية ، وهي ترفض التدخل في شؤونها، انها دولة الحزب الواحد والزعيم الواحد، دون اعلام متعدد او احزاب، اوحريات وحديث عن حقوق الانسان.

لذا فشكل الدولة السياسي لا يعنيها في نسج وعقد الاتفاقيات الاقتصادية مع الدول النامية والمتقدمة، الديمقراطية والشمولية، ما يهم الصين وجود بيئة استثمارية جيدة، وهذا يعني الاستقرار

 

الاستقرار أم نشر الديمقراطية 

الاستثمار ، والنمو الاقتصادي ، التجارة، والتنمية والصناعة، والتطور، وللازدهار المالي، كلها مصطلحات مرادفة لكلمة واحدة في عالم السياسة وهي " الاستقرار" 

ولهذا بدأ تبريد المنطقة العربية الملتهبة، حيث الحروب والصراعات، والنزاعات التي كثير منها عملت الولايات المتحدة الامريكية على تغذيتها.

لهذا السبب توقفت حرب اليمن، وجاء الاتفاق الايراني- السعودي في الصين ، وهدأت الجبهات، في سوريا والعراق، وانتهت المقاطعة الخليجية ، وكذلك عادت سوريا للجامعة العربية.

الصين لن تفجر الحروب، لتبيع السلاح، وتستثمر من خلال بقاء الاضطرابات ، فهذه الطريقة الامريكية ، ليست مناسبة لمصنع العالم ، حيث تستثمر الصين في بيئة هادئة نسبياً ومستقرة.

نعم ستصنع الصين السلاح، وستاعد الدول على تطوير ترسانتها العسكرية ، وتبني لها المصانع العسكرية والصواريخ ، وكذلك المفاعلات النووية، كما هو حاصل في السعودية بعد الاتفاق مع الصين على المساعدة في التقدم العسكري من خلال الصناعات العسكرية 

لكن الصين لا تحتاج ان تدخل السعودية في حرب، لتمرر لها صفقات عسكرية، بعكس امريكا، التي دمرت المنطقة واشعلت الحروب وادعت انها تفعل ذلك " لنشر الديمقراطية " بينما كانت في الحقيقة تسرق النفط وتبيع السلاح

الصين ضد الحروب 

الطريقة الصينية، نابعة من تجربة معاناة ، من دولة فقيرة بنت نفسها بنفسها، وليس لديها طموح لتدمير العالم ، ولا ان تستخدم فائض القوة لقهر الدول الفقيرة 

الصبن لن تزرع الارهاب وتحاربه، ولن تغير الحكام وتدعم الانقلابات ، وهذا الفرق مهم جداً لاستقرار العالم وليس المنطقة فقط، فهي لم تدخل في اي حروب منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية. 

واستطاعت احتواء الكثير من ازماتها الخارجية بعيداً عن لغة المدافع والرصاص، برغم تطورها العسكري وبرغم الاستفزازات الامريكية في بحر الصين وتايوان.

فهي لم تقم بضم تايوان على الطريقة الامريكية بالقوة، ولم تحتل اي دول فقيرة او مناطق غنية لتسرق ثروتها، بل ذهبت للعالم التامي والمتأخر اقتصادياً لعقد اتفاقيات اقتصادية ، وبدء شراكة وتعاون.

انها طريقة مختلفة للسيطرة على العالم، وهذا يجعل المراقب متفائل جداً بمستقبل العالم في وجود القوة الصينية، القادمة.. القوة الاولى وليست الثانية على مستوى العالم، فازاحة امريكا ، سيعني الهدوء والاستقرار والاستثمار ، لكن هل تسمح امريكا للعالم بأن يلتفت للتنمية، ام ستعمل على محاولة افساد الامر واشعال الحروب ، وتخريب طريق وطريقة الصين 

لحد الآن تعزيزاتها العسكرية في الخليج تقول انها ستحاول افساد الامر، واستفزاز الجميع ، والبدء بافساد الاتفاق الايراني- السعودي، لكن سيبقى السؤال .. هل ستنجح؟

 

سلام