لم جيل التسعينات تائه يعاني من مشاكل نفسية ومادية عكس الأجيال التي سبقتهٌ والتي لحقتهٌ سواء في الشرق أو في الغرب؟-مجيد بن منحم

  • منذ سنة - Monday 05 September 2022

لم جيل التسعينات  تائه يعاني من مشاكل نفسية ومادية عكس الأجيال التي سبقتهٌ والتي لحقتهٌ سواء في الشرق أو في الغرب؟-مجيد بن منحم

جيل التسعينات:مأساة الحضارة المعاصرة


مجيد بن منحم


لم جيل التسعينات تائه.. يعاني من مشاكل نفسية ومادية .. عكس الأجيال التي سبقتهٌ والتي لحقتهٌ ،.. سواء في الشرق أو في الغرب؟

لأنه عاش العقدين الأولين من عمره حياة واقعية طبيعية لا يوجد فيها تمايز بين الواقع والإفتراض. 

لم يكن العالم الإفتراضي دائم الحضور في يومه؛ فعناصره كانت لاتزال محدودة؛ تلفون يجري فيه إتصالاته لأغراض محدودة وضرورية، وشاشة تلفاز لا يقضي أمامها إلا لحظات قليلة من يومه؛ أوقات نشرات الأخبار أو برامج أو أفلام تأتي في أوقات معينة ولا يمكن إسترجاعها إذا فاتت مواعيدها.

هذا الجيل حين بلغ العشرينيات من عمره، وهي مرحلة" "التكوين الذاتي" و"البحث عن الهوية" أو"القلق على المستقبل"، حسب مصنفات علم نفس النمو، وجد نفسه أمام ثورة وخضة عنيفة تمثلت في إنفجار تقني في وسائل التواصل والأنترنت، فوجد نفسه أمام عالمين ومجتمعين؛ عالم ضيق، حقيقي وواقعي، وعالم إفتراضي شاسع، مجتمع صغير مٌتعيّن على أرض الواقع، ومجتمع واسع من خلف الشاشات، هو في أبعد مداه يشمل العالم كله.

الفترة الإنتقالية التي عاشها هذا الجيل، جيل التسعينات، والتي تزامنت مع فترات تكوينه الذاتي كما أسلفنا، هي فترة حسب رأينا تمتد من 2008 وحتى 2015، والأغرب أنها هي الفترة التي حدثت فيها الأزمة الاقتصادية العالمية وثورات الربيع العربي وانهيار بعض الشعوب العربية من الداخل.

هذه الفترة الإنتقالية بين عالمين، عالم الواقع وعالم الإفتراض أحدثت هزات وإضطرابات نفسية عنيفة في جيل التسعينات، بينما قصمت ظهره الأزمات الإقتصادية والهزات الاجتماعية والسياسية عٌقب أحداث الربيع العربي على المستوى المادي والمعيشي .

لا يٌفهم من هذا الكلام أن جيل الألفية الثانية والأجيال التي سبقت جيل التسعينات نجت من هذه التحولات ولم تتأثر. فالمقصود هو أن الأجيال السابقة على التسعينات لم تأتي هذه التحولات إلا بعد أن كونت نفسها وحددت معالم مستقبلها وبالتالي نجت من فخ المرحلة العمرية المذكورة: "مرحلة التكوين والبحث عن الهوية".

أما جيل الألفية فلم تصل إلى مرحلة النضج والبلوغ الا بعد أن تلاشت معالم الفترة الإنتقالية واندمج العالمين في عالم واحد ولم يعودوا بحاجة إلى التكيف الذي أحتاجتهٌ الأجيال السابقة.

إذن جيل التسعينات هو الجيل المعجون في التحولات، والمصنوع من الفوضى والهزائم. هو هذا العالم الذي أندمج من عالمين بعد ولادة عسيرة، بعد أن تركهم قتلى في الحروب، ولاجئين في أراضي بعيدة، ومشردين بلا زواج أو تعليم، ومرضى في مستشفيات الطب النفسي، هذا العالم هو عالمهم، وهذه الحروب التي دفعوا ثمنها بهظًا هي حروبهم، هم المهزومون اليوم والأنبياء المنتصرون غدًا.