الرئيسية المواضيع المقال التحليلي

اليمن وخليجه.. الجزء الاول : الجوار المضطرب ..ومستقبل المنطقة

  • مقال خاص AF
  • منذ 9 أشهر - Saturday 15 July 2023

اليمن وخليجه.. الجزء الاول : الجوار المضطرب ..ومستقبل المنطقة
منى صفوان
صحافية وكاتبة- رئيسة تحرير عربية فيلكسAF

AF

 

موقع اليمن وتفاعلاته مع محيطه، يتيح لك التنبؤ بمستقبل المنطقة، انه البوصلة التي تشير لبؤر الصراع، ومستقبله.

 

انها المنطقة الأهم في العالم، بؤرة الصراع، وابار النفط، وممرات الملاحه، وفي هذا النقطة الملتهبة والمهمة لا يمكن ان يكون هناك راسآن يتحكمان بتوجيه المنطقة وتحديد مسارها، فهي تصارع لبقاء رأس واحد فقط اما رأس خليجي بزعامة السعودية التي ستقمع أي محاولة خليجية لمنافسها، او رأس يمني لم يعد يمتلك ذات المقومات السابقة  لقيادة المنطقة .

 

اتخذ اليمن موقعه في الزاوية القصوى في جنوب الجزيرة ، ليبدو انه منزويًا عن دول الخليج، واقل تفاعلاً معها، وبرغم بقائه خارج الدائرة السياسة لدول الخليج العربي، الا ان موقعه السياسي كمؤثر ومتأثر، يبدو بارزًا منذ الخمسينيات.

 

انه اليمن الجمهوري وسط ممالك الخليج، الذي احتفظ لنفسه بموقع المختلف منذ البداية، ليس فقط بكونه ليس خليجياً في وسط خليجي، بل بكونه الجمهوري الديمقراطي وسط الأنظمة الملكية، والحزبي اليساري او القومي وسط تحريم الأحزاب والانتماء السياسي!

 

 ان الحرب الخليجية التي تتفاعل في اليمن منذ  سنوات، ماهي الا نتاج هذا التفاعل غير المتجانس بين اليمن والخليج، أصحاب المصير المشترك.

 

تفاعل فرضه الواقع، واقع الجغرافيا وواقع التاريخ، فجغرافية اليمن وموقعه، وطبيعته السياسة، تفرض عليه هذا النوع من التفاعل مع محيطه، الذي ظهر خلال عقود بشكل تنافس وصراع

 

 ان الجغرافيا السياسية “جيوبوليتيك” هي من فرضت قواعد اللعبة خلال اكثر من نصف قرن.

 

نظام مضطرب:

 

وعاصفة الحزم مارس 2015   ليس الا شكلاً جديدًا لصراع قديم بين اليمن ومحيطه.. يضاف للصراع اليمني الداخلي

 

بمعنى ما ، وبدون مبالغة، يظهر اليمن مع كل حقبة زمنية بلداً متمرداً على قواعد اللعب الخليجي، ومضطربًا، ويمثل تحدياً لدوائر النفط المستقرة، بل ويهدد بنقل هذا النظام المضطرب لها.

 

ولعل تجربة ” ثورة ظفار” في سلطنة عُمان خلال حقبة  الستينيات ، نموذج بسيط عن عدم قدرة نظامين مختلفين على التجانس والجوار والحوار. ففي ذلك الوقت كان اليمن الجنوبي القوي الماركسي المرتبط بالاتحاد السوفيتي يمثل تهديداً لسلطنة عمان الضعيفة والمفككة وقتها .

 

وهو ذات التهديد  الذي يمثله اليمن الشمالي الحالي للسعودية، حاليا “يمن الحوثيين المرتبطين بايران” مع فارق انه اليمن الضعيف المفكك والسعودية القوية المتماسكة !

 

ليست مجرد مفارقة زمنية، بل هي طبيعية تاريخية اوجدتها الجغرافيا وفشلت السياسية بحلها.

 

فمهما كانت حالة اليمن فقر او غنى،  ضعف او قوة ، متحالف مع السوفييت او الإيرانيين، فانه دائمًا  سيمثل تهديداً لمحيطه، لانه مختلف، ومستقل، ويرفض التطويع، بل ويريد تصدير نموذجه الخاص مستندًا على ارثه القديم بامتداد ممالكه في حقبة ما قبل الميلاد.

 

فهو في كل حالاته يتصرف بمنطق القوي، والمسيطر، والمؤثر، وينطلق من ارث حضاري، بات مع الزمن يشكل عقدة تاريخية.

 

فاليمن دولة عريقة، اتخذت حكما قبلياً واسست دولاً قديمة وحضارات مزدهرة ومشهورة، كان لها الفضل بإيجاد شكل اليمن الحديث اليوم.

 

الذي لا يختلف كثيرًا بنمط صراعه، عن يمن الدويلات القديمة، في حقبة ما قبل الميلاد. فقد كانت مساحة سياسية منفصلة عن محيطها في اقصى جنوب الجزيرة، اوجدت لها علاقات مع الحضارات والدول القديمة . غير ان الشكل الحديث للمنطقة بعد استقلال وإعلان دول الخليج ومن بعدها اكتشاف النفط، سحب الدور الريادي التاريخي للمنطقة من اليمن، في مرحلة ضعفه وتفككه، دون ان يعفيه ذلك  من التاثير والتأثر. يصنف اليمن كدولة فقيرة، بل هو الافقر عربيًا في الظرف الحالي ، بحسب الأرقام والاحصائيات ومؤشرات الاقتصاد، ولكنها معلومة رقمية صحيحة ليست حقيقة .

 

يتبع الاسبوع المقبل