الصحفيين في اليمن بين تضييق الدولة وإرهاب المليشيات

  • منذ 10 أشهر - Wednesday 21 June 2023

الصحفيين في اليمن بين تضييق الدولة وإرهاب المليشيات
رشا كافي
صحافية يمنية وناشطة سياسية-محررة  في AF

الصحفيين في اليمن بين تضييق الدولة وإرهاب المليشيات


AF


صُنفت اليمن كواحدة من أسوأ بيئات العمل الصحفي في العالم بحسب المنظمات الدولية، إذ تتفق جميع أطراف الصراع المسلحة من شمال اليمن إلى جنوبه بممارسة التضييق والإختطاف والإعتقال وإرتكاب كافة أشكال الإنتهاكات بحق الصحفيين.

فلقد رصدت منظمة " رايتس رادار الهولندية" 1500 حالة إنتهاك تنوعت مابين القتل والإخفاء القسري والإحتجاز التسعفي الى التعذيب والإصابة طالت صحفيين ومصوريين من قبل جماعة الحوثي وبقية أطراف الصراع خلال الفترة من سبتمبر 2014 إلى مارس 2022 .

ووفقاً لتقرير لنقابة الصحفيين اليمنيين في شهر إبريل الفائت فقد رصدت النقابة 20 حالة إنتهاك طالت الحريات الإعلامية إبتداء من يناير إلى 30 مارس من هذا العام.


وأشارت النقابة في تقريرها إلى أنه لايزال هناك 6 صحفيين معتقلين، 3 منهم في سجون جماعة الحوثي وآخر لدى المجلس الانتقالي، وصحافي لدى تنظيم القاعدة بحضرموت منذ العام 2015 وهو محمد المقري .


وفي مطلع الشهر الجاري أصدرت نيابة مأرب أمراً بالإحضار القهري لثلاث من رؤساء تحرير صحف ومواقع إخبارية لتحقيق معهم وتوقيفهم على خلفية قضايا نشر تناولت توظيف النائب العام السابق ورئيس مجلس القضاء الحالي" علي الأعوش" لأقاربهم في السلطة القضائية إذ يعتبر هذا الإجراء إنتهاك واضح لقواعد حماية الصحفيين في كل المواثيق الدولية ومنها المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية التي أكدت على أن لكل انسان الحق في حرية الرأي والتعبير دون أي مضايقة، كم أن ما نشره الصحفيون من قضايا فساد تعتبر بلاغ للنائب العام الذي كان ينبغي عليه التحرك وفتح تحقيق حول ذلك وليس أوامر القبض على الصحفيين.


جميع الأطراف تمارس الإنتهاكات بحق الصحفيين 

نبيل الأسيدي عضو مجلس نقابة الصحفيين يتحدث للعربية فليكس  معلقاً حول إستمرار الإنتهاكات التي تطال الصحفيين فيقول:

 "بالنسبة للإنتهاكات التي يتعرض لها الصحفيين في صنعاء ومأرب وعدن من الواضح  أن كل أطراف الصراع تعتبر الحريات الصحفية أمر خطير لوجودها، وتشترك جميعها في الإنتهاكات ولو بنسب مختلفة على الرغم من أن مليشيات الحوثي هي الأكثر إنتهاكاً للحريات الصحفية عبر سلسلة طويلة من الإنتهاكات بمختلف أنواعها،  لكن بقية الأطراف كانت إما جماعات مسلحة محسوبة على الحكومة الشرعية كالمجلس الإنتقالي أو جماعات مسلحة غير منضبطة كما يحدث في محافظة تعز أو سلطات إدارية وسياسة منفلتة كما يحدث في مأرب وأيضاً في شبوة وحضرموت.


 أضف إلى ذلك أن عضو مجلس القيادة الرئاسي البحسني وعبر أفراده إستخدام التهديد ضد الصحفيين وإعتقالهم حينما كان محافظ لمحافظة حضرموت، وهناك إيضاً إنتهاكات ولو بنسبة قليلة في الساحل الغربي لكن توحي هذه مؤشرات إلى أن حريات الصحافة خلال المرحلة القادمة ستكون أكثر خطورة على الصحفيين" 


ويضيف " صحيح أن الحوثيين أكثر  طرف مارس إنتهاكات بحق الإعلام والصحافة، ولكن بقية الأطراف مارست نفس الأمر وخاصة المجلس الإنتقالي الذي يسير على خطى مليشيات الحوثي في التضييق على الحريات الصحفية ابتدأ من إعتقال الصحفيين وأيضاً من الإنفلات الأمنى المؤدي إلى قتل الصحفيين بالإضافة إلى إقتحام مقر نقابة الصحفيين والسيطرة عليه وتهديد بقية الصحفيين المخالفين له في الرأي إضافة إلى القرارات الأخيرة بتسجيل كل وسائل الإعلام لدى الهيئة الخاصة بهم، ومنع دخول الصحفيين الأجانب إلا عبر الهيئة التابعة للإنتقالي وهذه الإجراءات كلها قام بها الحوثي في بداية الحرب.


إيضاً قرارات القبض القهري في مأرب والمرسلة من النيابة لمجموعة من الصحفيين على خلفية  قضايا نشر على الرغم أن قضايا النشر وفق القانون تعتبر بلاغ للنائب العام، وبدل من أن يستخدم النائب العام هذا البلاغ لتحقيق في قضايا الفساد قام بالتضييق على الصحفيين وأصدر بحقهم قرارات بالقبض القهري ويحكموا غيابياً، فأنا أتوقع ان تصدر في حقهم أحكام.


  وما نلاحظة في صنعاء وعدن من محاكمة الصحفي "أحمد ماهر" وأيضاً في مأرب أن القضاء يخضع  لسيطرة الجماعات المختلفة، وفيما يخص المجلس الإنتقالي في عدن تم إنشاء نيابة للصحافة وهذا أمر مخالف لكل الأعراف،  إجمالاً نحن في نقابة الصحفيين نستشعر الخطر الشديد على الحريات الصحفية وماتبقى من هامش ضئيل جداً من الحريات الصحفية، لا يوجد هناك صوت آخر في المناطق التي تسيطر عليها الجماعات المختلفة سوى صوتها ولا نستثني أحد، لكن  تتحمل الحكومة الجزء الأكبر بحكم أنها المعترف بها دولياً كما نأسف من الخذلان الشديد من القيادة السياسة والحكومة بل وتواطئها مع الإنتهاكات ضد الصحفيين في المناطق التي تسيطر عليها" .


وفيما يخص دور النقابة من هذه الإنتهاكات يقول الأسيدي:  "نقابة الصحفيين خلال هذه المرحلة توثق وترصد كافة الإنتهاكات وتصدر بيانات وبلاغات تضامنية، وترسل أيضاً للمنظمات الدولية والعربية المهتمة بالحقوق والحريات  والمنظمات النقابية الشبيهة، من أجل إيصال صوت الصحفيين وإظهار معاناتهم، فلابد أن يكون هناك صوت خارجي صوت مهم للصحفيين حتى يعرف الجميع معاناة الصحفيين في الداخل اليمني، وأيضا في المحافل الدولية كمجلس حقوق الإنسان كمؤتمرات السلام واللجنة الدولية لحماية الصحفيين وغيرها من الجهات ذات العلاقة وهذا شيء مهم خاصة في هذا المرحلة، أضيف إلى ذلك أن إمكانيات النقابة ربما ضعفت بشكل كبير جراء ما حدث للوضع برمته وإنعكاساته على الصحفيين وعلى النقابة بشكل خاص .

 

 نحن على تواصل مع السلطة في مأرب وأرسلنا رسائل إلى عضو مجلس القيادة الرئاسي ومحافظ محافظة مأرب سلطان العرادة، أيضاً أبلغنا المنظمات العربية والدولية بما يحدث وتضامن معنا الكثير من المنظمات في هذا السياق وهي إحدى طرق الضغط، وهناك تواصل مع مسؤولين في الحكومة لإيقاف هذا العبث غير المبرر وهذا المؤشر الخطير الذي يعطي إنطباع بأن المرحلة ستكون أكثر خطورة على الصحفيين، فلا يوجد مكان أمن لهم في كل اليمن.


اليمن بيئة صعبة للعمل الصحفي وبيئة خطرة وفق تقارير منظمات دولية بأنها من أخطر البلدان على الصحفيين خاصة وأن عدد الشهداء من الصحفيين والمصورين وصل إلى ٥١ صحفيا ومصوراً، وهناك أكثر من ثلاث مائة حالة إعتقال واختطاف واحتجاز من قبل كافة الأطراف ووفق تصنيف منظمة مراسلون بلا حدود تعتبر جماعة الحوثي هي الجماعة الثانية بعد تنظيم داعش في اختطاف الصحفيين، وبالتالي هذه الأعمال نحن نعتبرها إنتهاك للحق الإنساني والقانون الإنساني ونعتبرها جرائم حرب بحكم أن الصحفيين يعتبرون مدنيين ومن حقهم تغطية الأخبار وحقهم في الحياة وحرية الرأي والتعبير" .