الرئيسية المواضيع المقال التحليلي

مشروع ما بعد الحرب.. الانتقال للمرحلة الاخطر في العملية السياسية والاكثر جرءة وشجاعة

  • AF
  • منذ 10 أشهر - Wednesday 14 June 2023

مشروع ما بعد الحرب.. الانتقال للمرحلة الاخطر في العملية السياسية والاكثر جرءة وشجاعة
منى صفوان
صحافية وكاتبة- رئيسة تحرير عربية فيلكسAF

AF

القصة ليست ايقاف الحرب.. بل كيفية ايقافها، وماهو مشروع اليمن بعد ايقاف الحرب

ان المرحلة الادق والاخطر، تأتي بعد صمت اصوات المدافع، هنا ترتفع اصوات العقلاء ، الذين لم يكن صوتهم مسموعاً، اثناء اطلاق المدافع واشتعال المعارك، انها معركة جديدة تتطلب شجاعة من نوع خاص، لها فرسانها الذين لاينتمون الا لليمن، ويستطيعون اقناع الاقوياء بانهم ليسوا اقوياء الا بالشراكة، ويؤكدون للمنتصرين، انهم منهزمين ان لم يؤمنوا بالتعاون.

فالمرحلة القادمة ليست مرحلة فردية تنافسية مثلما هي الحرب، بل مرحلة جماعية تكاملية، فثقافة الحرب ثقافة " انا ضدك " ،لكن ثقافة ما بعد الحرب هي ثقافة  " انا معك"، ومدى فهم الاطراف الاساسية في اليمن  لهذه الفكرة، يحدد مدى فهمهم للعملية السياسية وتعقيداتها، ودقة مراحلها.

مشروع ما بعد الحرب

فهذا ليس مجرد " تجمل واخلاق حميدة" بل ضرورة سياسية، لنجاح المشروع السياسي، وهذا الادراك العميق، لفكرة " القبول بالاخر" يحدد كيف سيكون مستقبل اليمن، وكذلك مستقبل الاطراف السياسية اليمنية. 

لقد حان الوقت ان نفكر كيمنيين، بعيداً عن اي انتماء فرعي  ، فكل انتماء سياسي ماهو الا انتماء فرعي عن الانتماء الاساسي والاكبر لليمن، وهذا يدعو للتفكير بمصلحتنا الجماعية ومصلحة الوطن، التي تكمن في المشاركة، والتعاون، والتكامل، فاليمن المتعدد الاطياف، والانتماءات يمكنه ان يكون اقوى بالجميع وبالعمل الجماعي وليس بالاقصاء.

 

فاصعب مرحلة يمر بها بلد ، بعد انهاء اي صراع مسلح ، هي مرحلة ما بعد الحرب، فبقاء العنصرية، والتحريض ، وثقافة الاقصاء والكراهية، تجعل الانتقال للمراحل اللاحقة امراً صعباً.

اننا بحاجة لاعادة تأهيل ، وتغيير لطريقة التفكير، للبدء بقبول الاخر، بانه شريك في الوطن والعمل والنجاح، والانتماء، بدون هذه العقيدة "عقيدة ما بعد الحرب" لن يحل السلام، ولن تنهض البلد، ولن تنتهي الحرب، ولن يتحسن الاقتصاد.

اهم مراحل السلام 

ان مشروع ما بعد الحرب مشروع مجهد ومكلف، ومتعب، ويحتاج لتجيش، وتأهيل، وتحشيد، وتمويل ، تماماً ككل مشاريع الحرب، فكما يتم انفاق المليارات على الحرب، كذلك يحتاج السلام، فهو مشروع استراتيجي، وخطط مكتملة، لانه لايأتي بشكل عفوي، ولا يرتبط بقرار فردي، بل يحتاج فرق عمل، وجيوش سلام، سلاحها التفكير العقلاني المنطقي، وادواتها الاقناع والتاثير.

 

انها واحدة من اهم مراحل السلام، لاننا مجتمع يقع تحت تاثير الاعلام الحربي التحريضي من كل الاطراف، التي عليها اثباب رغبتها في المشاركة في المستقبل، من خلال تسخير ادواتها للدخول في المرحلة الجديدة، والتفكير بشكل عملي، وواقعي

البعد عن التحريض، وثقافة الكراهية، وكيل التهم، ليست مهمة سهلة، فالوطنية ليست وصفة جاهزة، انها عمل مضني وشاق، ومحاولات حقيقة لقبول الاخر، والعمل معه، والدفاع عن حقه، لان الوطن هو الجميع، والوطنية تبقى منقوصة دون اشراك الاخر، وبتفشي ثقافة الاقصاء.

 

 

انت لست حوثياً او اصلاحياً.. لست مؤتمرياً.. هذه تصنيفات فرعية.. مؤقتة..  ولست جنوبياً او شمالياً.. هذه اتجاهات جغرافية..ولست عدنياً او صنعانياً هذه مدن ولدت فيها تنتمي لليمن الكبير..

 

 ان بدء الاطراف السياسية اعتناق ونشر هذه الثقافة يحتاج لشجاعة الانتقال للمرحلة الاخطر، وهي مرحلة التسليم بحق القبول بالاخر وبحقوقه، وهذه شجاعة نادر لايملكها الا الاوفياء لوطنهم فقط، الجسور هو من يأخذ هذه المبادرة ويشجع عليها الاخرين. 

 

التنمية هي التنوع

التنمية تعني التعاون، تعني المشاركة، تعني العمل الجماعي، لذلك تحتاج الى تنحي الانتماءات الفرعية، لتكون في المرتبة الثانية، بعد الانتماء الاساسي للوطن المتعدد والمتنوع، فاليمن ليس لوناً واحداً

اليمن هو التعدد، فان كنت قادماً من سيئون باتجاه عدن، وزرت تعز، والمخاء، واكملت الى صعده، لتعود الى صنعاء ومنها الى مارب، سترى حجم التنوع المذهل لليمن، في يمن واحد، وانت لم تزر الا سبع مناطق فقط، من اجمالي عشرات ومئات المدن والقرى.

 

التأكل داخل المجتمع اليمني ، اصبح اكبر مما نراه ونعتقده، وحجم الكراهية المتفشية، تجعل مهمة البناء صعبة، لذا فمرحلة اعادة تاهيل المجتمع، تبدأ بان تقبل الاطراف السياسية ببعضها وتدخل في تحالفات طويلة المدى، تحالفات سياسية استراتيجية، فنحن في عصر التكتلات والتحالفات، وهذا التأكل يؤثر على القوي قبل الضعيف

اما الدخول في مرحلة ما بعد الحرب، بثقافة الانتقام وتصفية الحسابات، فهو بلا شك يعني انهيار العملية السياسية، لان بذور الحرب لم تدفن بعد، بل بقيت تسقى لتنبت من جديد. 

 

سلام