منذ سنتين - Saturday 03 September 2022
منى صفوان
بعد ان يتفكك المركز تتفكك الأطراف، مايحدث في العراق واليمن ، ليس مجرد شريط اخبار ، بل عبرة تاريخية
فهاهو صراع البيت الشيعي العراقي يحتدم، بعد ان أصبحت الجماعات الشيعية هي سيدة العراق دون منافس، واستتب لها الحكم،
وتخصلت من المنافسين وداعش، وبقايا البعث وانصار صدام، والسنة والاكراد، والأقليات ، فتفرغت لصراعها الداخلي!
وكأنها تقول، طالما لم اجد من اقاتله، سأقاتل نفسي، وكأن الصراع الدموي، على السلطة لن ينتهي منذ الف عام الى اليوم.
وهذا ذاته يتكرر في اليمن ، داخل جماعة الحوثي وخصومها،صراع الحلفاء هو المسيطر على المشهد
فالخطر على الحركات الشعبوية الكبرى، يأتي من داخلها، وهذا يمكن حدوثه بسهولة في اليمن للجماعة الحوثية، التي تبدو متماسكة الان.
فالجماعة الحوثية اصبح لديها فائض قوة، وان كُبحت الحرب بقرار دولي، فالصراع مرشح ان يكمل دورته داخل دوائر الحكم في صنعاء ، وهذا سيحدث بشكل طبيعي مع مرور الوقت والسنوات.
فغياب الخصم والمنافس القوي، ليس دائمًا لصالحك، فهو يعني انك ستتفرغ لصراعك الداخلي، وتبدأ التفكك من الداخل.
الصراع الشيعي في العراق ليس ضد ومع ايران، كما يصوره الاعلام العربي او السعودي على وجه الخصوص.
فمقتدى الصدر، المقاوم للامريكان وخلفه جيش المهدي، ليس ضد التدخل العسكري الإيراني ، فالصراع هو صراع مرجعيات دينية ليس الا ، وليس ثورة او غضب من النفوذ الإيراني.
فكل القصة.. هل يكون المرجع في قُم، ام في النجف الاشرف، هل تكون ايران مرجع الشيعة بحكم ولاية الفقيه، ام يبقى العراق كارث ومرجع تاريخي.
فالعالم مشغول بالنفط، وموارد الطاقم، والصراع الاقتصادي، وتعدد الاقطاب، والمسلمين في عالم اخر، ومازالوا عند علي ومعاوية ويزيد والحسين، والمرجع قم ام النجف، وصراع اصغر ، واصغر..
وهذا ليس صراعاً سياسيًا ، ولا أيديولوجياً، انه صراع سلطات دينية قديمة ومتوارثة ومتجددة، لاقيمة لها في حلقات الصراعات الاستراتجية ، وحسابات الدول الكبرى.
ان العراق بالنسبة لإيران، مسألة امن قومي، وهذا لا نقاش فيه، فلن تتنازل عنه مطلقًا ، لكن من مصلحتها ان يبقى موحداً ومتماسكًا، لذا هي الوحيدة التي لها مصلحة بتوحيد الصف العراقي، وهي الوحيدة القادرة على الضغط والتأثير.
وهنا لا تغفل عامل غياب قاسم سليماني على انفجار صراع الاخوة الأعداء، فغياب الضابط او المايسترو، يؤدي لمشاهد الاشتباكات في الشارع
وهذا يعني انه لايوجد في العراق، ضابط او كبير، وغياب قائد الحرس الثوري الإيراني، يسهم بزيادة الاضطرابات العراقية الداخلية.
وهو مالا تريده ايران، وهي المقبلة على التغيرات الواعده، وبدء مرحلة انتظرتها وناضلت من اجلها طويلًا، بعد رفع قيود العقوبات والتحرر من التفتيش والحظر، وبدء مرحلة الاستثمار والرفاة، مع الإعلان عن توقيع الاتفاق المرتقب.
فهذا العراق المضطرب المزعج ، سيشكل عامل ضغط على مستقبل ايران المستقر، فلا استقرار لإيران بجوار عراق يتعارك مع نفسه.
فعراك العراق ليس مع ايران، بل مع عدم قدرته على تكوين سلطة قوية، قادرة على إدارة بلد غني ومحوري
لذلك من السهل ان تسيطر ايران، وتطمع إسرائيل بالتطبيع، وتحتل أمريكا، وتصبح الغنيمة سهلة التقاسم.
ففي عالم متعدد الأقطاب، تعد به روسيا والصين ، يلزم على الدول القطرية ان توحد قياداتها، وتستقر على تحالفتها الداخلية ، وتلتزم الحياد من صراعات المنطقة، وتاخذ كدول عربية موقفًا حاسمًا من التطبيع.
وهذا ينطبق على بلدٍ محوري اخر، وهو اليمن، القابع في الزاوية ، والذي ينتظر إشارة البدء، ليعيد تجربة العراق، دون شطحات مقتدى الصدر.
وبرغم كل جرءة الرجل الا ان الحق يقال، ان موقفه من وقف الاشتباكات الأخيرة، كان حكيمًا ، ولكن يذهب التحليل ان الصدر ، اتخذ هذا الموقف وسحب شارعه من المواجهة بعد ان تأكد انه هُزم من خصومه.
فقد كان الصدر يهدد بالشارع، فتمت المواجهة، ويتكئ على مرجعية النجف، فتم سحب البساط في محاولة لجعل قم المرجعية، فاعلن الاعتزال، وكل هذا لانه يبحث عن ملك ضائع، ويطمح ان يكون وحده زعيم الشيعة، ولو ضمن ان تحالفه مع ايران يقضي على خصومه لتحالف معها، فلا مشكلة لديه الا " ان لا تكون المرجعية الدينية في ايران"
فتخيل امام هذه الصراعات الصغيرة، المعقدة، والتافهه، يضيع بلد بحجم العراق وثرواته ، يلزم عليه ان يشارك بقيادة العالم، وليس فقط المنطقة
مالذي ينقص العرب، ليكونوا بربع طموح الصين، او حتى نفوذ ايران، مالذي يمنعهم ان يكون لديهم بوتين، لماذا يصرون على البقاء في خانة صراع قديم وبدائي وبلا قيمة بين السنة والشيعة ، والشيعة والشيعة .. والسنة والسنة!
وكيف يقولون ان الإسلام دين ودولة ، وهم بلا دين.. وبلا دولة