الرئيسية المواضيع المقال التحليلي

تقدير موقف: صنعاء بوابة السلام اليمنية - السعودية ..هل تتغيرموازين القوى لينتقل الحوثيون لحليف للسعودية..بعلاقة دون وسيط ..ويمهد لنشوء تحالف سعودي - ايراني

  • منى صفوان AF
  • منذ سنة - Thursday 13 April 2023

منى صفوان
صحافية وكاتبة- رئيسة تحرير عربية فيلكسAF

AF

 

تتجه الانظار للعاصمة  اليمنية  صنعاء ، حيث ينتظر ان يتم الاعلان عن تمديد الهدنة  لستة اشهر قادمة، لتمهد هذه الخطوة، لعملية سلام شاملة تنهي الحرب في اليمن، وتؤسس لعلاقة جديدة بين المملكة العربية السعودية، واليمن الجديد، لكن ماهو شكل اليمن المنتظر؟

 

تظهر جماعة انصار الله الحوثية في صنعاء طرف رئيسي في نسج العلاقة المستقبلية بين اليمن ودول المنطقة وعلى رأسها السعودية ، ويمكن النظر من زاوية رغبة السعودية بانهاء حرب اليمن، على انها بدء سياسية جديدة  للقيادة  السعودية في اليمن والمنطقة في اطار تصفير المشاكل، وانهاء الصراعات ، وتبريد الازمات، كاجراء يستبق تمهيد الانتقال السلس للسلطة في السعودية، وجلوس ولي العهد على عرش الملك

 

وهنا يبدو هذا متوافقاً ورؤية السعودية 2030 التي تستند على العمق الاقليمي للسعودية، واولها عمقها في اليمن، وامنها القومي، ومن هنا قد يلعب الحوثيون دوراً محورياً في هذا المضمار، كون التهديد الامني كان قادماً من اليمن، بسبب الحرب العسكرية التي شنها التحالف على جماعة الحوثي بعد استيلائهم على صنعاء، حيث استهدفت الصواريخ الحوثية والمسيرات المدعومة من ايران ، اهدافاً سعودية حساسة، مرتبطة بالاقتصاد والنمو، وجعلت الخطة الاقتصادية مهددة، لاسيما فيما يتعلق بالرؤية لمستقبل ارمكو التي ستتحول الى قطاع صناعي عالمي .

 

رؤية 2030 ورؤية الحوثيين 

لكن ماهي رؤية جماعة انصار الله الحوثية وكيف تنظر لعلاقتها المستقبلية ، مع السعودية، من التحول من خصم الى شريك، مرشح ان يكون الحليف الاقوى للسعودية في المنطقة، فهل تتناغم مصالح الجماعة المسلحة والتي تسيطر على الشمال اليمني، وتتموضع على الحدود اليمنية - السعودية، حيث شكل الشريط الحدودي مصدر تهديد امني للسعودية.

وهذا ساهم باخذ قرار ايقاق الحرب من قبل السعودية، وبدء المفاوضات السرية مع جماعة الحوثي، والتي تكللت باول زيارة معلنة للوفد السعودي برئاسة السفير السعودي الى صنعاء، للاعلان عن بدء مرحلة جدية وجديدة  في العلاقة بين الطرفين.

طموح الحوثيين مرتكز اولاً على الحفاظ على مكتسبات الحرب، من سيطرة عسكرية على مناطق النفوذ، حتى بعد الوصول الى تسوية مع بقية الاطراف والفرق السياسية اليمنية، فما كسبته الجماعة بالحرب لن تتنازل عنه بالسلام، كما يرد على لسان وتصريحات قادة الجماعة

واضافة للمكاسب العسكرية ، هناك استحقاقات سياسية واقتصادية، تنتظر الجماعة ان تضمنها لهم السعودية، تبدأ بالالتزام الحكومي اليمني ، بتسليم رواتب الموظفين المدنيين والعسكريين،  في مناطق سيطرة الحوثي من ايرادات النفط، وبعدها ضمان بدء اعادة الاعمار كتعويض مالي واقتصادي بادرت به المملكة على لسان ولي العهد السعودي في 2021 ، مقابل وقف اطلاق النار.

علاقة بلا وسيط 

هذا يمهد في حال تجاوز عتبة  تأمين الثقة الانتقال لمربع الشراكة بين الخصمين، فجماعة صنعاء واضحة في مطالبها، انها تريد السعودية طرفاً ندياً لها في الاتفاق، حتى وان لعبت شكلياً دور الوسيط او الراعي للتسوية اليمنية، الا انها ستكون طرفاً مواجهاً للحوثيين في تحديد المسار السياسي والاقتصادي، مما يعني ان العلاقة المباشرة بين الحوثيين والسعوديين لن تحتاج بعد اليوم لوسيط عماني .

احدى مرتكزات العلاقة القادمة او الصياغة الجديدة  لعلاقة اليمن بالسعودية، يحددها موقع وموقف الحوثيين في اليمن، سياسياً واقتصادياً وعسكرياً

بالنسبة للموقع العسكري فهو الاقوى في اليمن حالياً، وهو ما يمكن للسعودية الاستفادة منه ليكون معها بدلاً من ان كان ضدها،  لكن على المستوى السياسي والاقتصادي ، مازالت الحاجة الحوثية  للسعودية لتقويته.

 

مرتكزات التحالف السعودي- الحوثي

الجماعة الحوثية تسيطر على افقر المناطق اليمنية،  من حيث الايردات النفطية، والبوابة لهذا يكون غبر مسارين الاول : دفع الرواتب من ايردات النفط ، والثاني من خلال التسوية  للاطراف اليمنية مع الحوثيين التي ستراعها السعودية.

اما المرتكز الثاني فهو علاقة السعودية بايران، والتي تتسارع خطواتها بشكل ايجابي ، وهذا سينعكس ايجابياً على علاقة الحوثيين بالسعودية مستقبلاً، فان كانت العلاقة السعودية مع ايران تتجه حاليا لشبه تحالف اقتصادي من خلال تاسيس غرفة تجارة مشتركة، وعودة التمثيل الديلوماسي، فهذا يمهد الطريق لتحالف سياسي - عسكري بين السعودية وايران.

فاحدى مرتكزات الامن القومي لدول المنطقة تقوم على العلاقات والتحالفات الجيدة، وهذا ما تسعى له الرؤية  السعودية ، وستتوجه له ايران ان كان يلبي طموحها السياسي والعسكري، بالتركيز على اسرائيل ونفوذ المحور الغربي في المنطقة وعلى راسها الولايات المتحدة الامريكية.

 وهنا قد يكون  الحوثيون جزء من المعادلة الاستراتييجة ، للامن القومي للمنطقة، ومنها طريق الملاحة ، وتأمين باب المندب، ان احسنوا توظيف قوتهم العسكرية، وعلاقتهم المتينة بايران، وكذلك علاقتهم القادمة بالسعودية، لتصل الى مرحلة الثقة، والاطمئنان.

وهذا الرسوخ في العلاقة ستحدده الفترة الحالية، التي توصف بأنها الاصعب والاكثر حساسية، فالثقة  شبه مفقودة بين الحوثيين والسعودية، بسبب انهيار جدار المحادثات بواسطة عمانية اكثر من مرة خلال الاعوام السابقة ، وعودة التصعيد العسكري او التلويح به كلما تازمت الامور.

 

التلويح العسكري للحوثيين

 

كلما تأزمت المباحثات لجاء الحوثيون للتلويح بضرب ارمكو، وهذا حدث ويحدث دائماً ، واخرها بشكل اثناء تواجد الوفد السعودي في صنعاء، لبحث ترتيبات اعلان الهدنة وبدء التسوية السياسية.

هذه الطريقة تنزع الثقة مستقبلاً من اي تقارب على مستوى الشراكة، بان تجعل اليد دائماً على الزناد ، للعودة  للخانة صفر، فهي علامة علاقات متوترة غير راسخة، تفضل الحل العسكري، وهذا لا يحدث  بين الشركاء الذين يطمحون لتنمية وتطوير علاقتهم لتصل لعلاقة تحالف، ومصالح استراتيجية مشتركة. 

فالثقة لها مفاتيح واساليب ضعط سياسية اخرى، اول شروطها ان تتم بعيداً عن الاعلام ، والتصعيد شديد اللهجة في وسائل الاعلام. 

ولهذا  سيبقى افق العلاقة مرهوناً بقدرة الحوثيين على اجادة هذه اللعبة، "لعبة الثقة"  لكسب ود وثقة الجار السعودي اولاً ، وبعدها بقية الشركاء في المنطقة واولهم ايران

حتى  لايظهر الحوثيون العنصر المنفلت في المنطقة التي تسعى للهدوء والاستقرار، وبدء النمو الاقتصادي والصناعي والعسكري.

اوليات الامن القومي اليمني - السعودي 

اهم الدوافع التي يجب اخذها بالحسبان هي اوليات الامن القومي لدي الجانبين اليمني والسعودي، واهم مرتكزات تأمين  الامن القومي ، هي العلاقة الجيدة جداً مع الجوار الحدودي.

انها طريقة التفكير البرجماتية بالمصالح اولاً، فمصلحة اليمن بتأمين السعودية، ومصلحة السعودية ضمان امان واستقرار ووحدة اليمن، فالعمق الاستراتيجي والجيوسياسي ، يستلزم للاطراف اليمنية والسعودية التفكير بطريقة استراتيجية وليست تكتيكية.

النظر للمستقبل ، هو النظر لطريقة جعل المنطقة اكثر اماناً واستقراراً ونمواً، وان لا يوظف السلاح لتهديد الحلفاء ، فلا تعود السعودية لضرب اليمن، ولايقصف الحوثي الاهداف السعودية.

بذلك يسعى الحلفاء لتقوية بضعهم، وهنا يمكن للقوة الحوثية البشرية قبل العسكرية ، ان تكون ضمن استراتيجة السعودية العسكرية، خاصة ان السعودية استفادت من علاقتها بالصين،  للبدء  بالتصنيع العسكري داخل السعودية،  من خلال مصانع الصواريخ الباليستية، وعدد من المفاجأت التي تكشفها التسريبات الامريكية ، عن تحول السعودية للاكتفاء الذاتي من خلال التصنيع العسكري، بعد الابتعاد عن طريقة الحماية الامريكية للعرش السعودي. 

فالعهد السعودي القادم لن يعتمد لاول مرة على امريكا في حمايته،  بعد الخذلان الامريكي للسعودية تركها عرضة للاستهداف الايراني والحوثي، لذلك ينتقل لمرحلة  العلاقات الجيدة مع الخصوم الاقوياء، وان سارت العلاقات بشكل جيد فهذا يمهد لتحالف عسكري في المنطقة تقوده السعودية  بمشاركة الخصوم السابقين - الحلفاء الحالين 

 

اليمن في مجلس التعاون 

واحدة من خطط السعودية المستقبلية اشراك اليمن القادم في المجلس الخليجي، وهذا سيأتي بعد نجاح التقارب مع الحوثيين وتقوية علاقة الثقة، كاقوى فريق يمني في التسوية، فوجود اليمن في المجلس الخليجي ضرورة امنية سعودية، ورؤية استراتيجة لدور اليمن المحوري والهام في تبريد الازمات، وتفكيك الصراعات، وتقوية العلاقات، وصنع التحالفات الاستراتيجية.

 

AF