منذ 4 أسابيع - Friday 16 May 2025
AF
في أحد الأجنحة الفندقية الفاخرة، حيث لا يسمع المواطن اليمني سوى صدى أجهزة التكييف المركزية، تُدار جمهورية اليمن “المنفية” من غرف مُعطرة ومناديل مبللة، على يد حكومة تقول إنها شرعية، لكنها لا تعرف كيف تصل حتى إلى حي واحد من أحياء تعز.
شعب في النار… وحكومة في البوفيه المفتوح
بينما يموت الناس في اليمن من الجوع، والقذائف، وانقطاع الكهرباء، والانهيار الصحي، تجد وزراء “الشرعية” يتبادلون الابتسامات في مؤتمرات خارج البلاد لا تُناقش فيها اليمن إلا كفقرة قصيرة قبل العشاء. وزراء بلا وزارات، ومحافظون بلا محافظات، وقرارات لا تُطبّق إلا في التغريدات.
البيانات تُكتب من تحت بطانية من ريش الوز، ولا يُذكر فيها الشعب إلا كأداة للتبرير. أما العاصمة المؤقتة، فهي دائمًا مؤقتة جدًا، حتى أن أحد المسؤولين سأل: “وين نصلي الجمعة؟” فقيل له: “اسأل مكتب التنسيق في الفندق”.
دبلوماسية الـVIP
العالم ينظر إلى هذه الحكومة ككائن غريب: شرعية لا تحكم، لا تظهر إلا في المطارات، ولا تنجز إلا استمارات، وتبدو مشغولة جدًا بمواعيد الشاي الأخضر في اللوبي أكثر من انشغالها بمصير بلد مدمّر.
أما وزراؤها، فهم من النوع الذي يفتح اللابتوب في المطار فقط ليعمل “Check-in” على فيسبوك، قبل أن يعود إلى جدول “المهام الصعبة”: اجتماع في الصباح، صحن فواكه في الظهر، ونوم عميق في الليل.
الشرعية بنظام الغرف المزدوجة
المفارقة الساخرة أن هذه الحكومة تدّعي تمثيل شعب لم يَرَ وجهها منذ سنوات. لا زيارات ميدانية، لا خطط عملية، لا حتى اتصال بـ”الداخل”. المواطن بالنسبة لهم مجرد مفهوم نظري يُستخدم في الخطابات، مثل عبارة “النسيج الوطني” التي يرددونها وهم يختارون نوع الوسادة الأنسب لنومهم.
بين المنفى والمكياج السياسي
حكومة الفنادق تلبس كل يوم وجهًا جديدًا، وتحضر أي طاولة حوار تُدعى إليها، حتى لو كانت على شاطئ في قبرص. المهم الصورة، والمهم المكياج السياسي. أما المضمون؟ فاتركه لمجهول يقرر مصير اليمن بينما وزراؤه يتساءلون إن كان الإفطار اليوم “إنتركونتيننتال” أم “كونتيننتال فقط”.
أسئلة للضحك المُرّ:
هل هناك دولة في التاريخ حكمت شعبًا عبر الـ”room service”؟
متى كانت آخر مرة ظهر فيها مسؤول “شرعي” في شارع يمني حقيقي؟
هل يمكن للحكومات أن تُعاد شحنها مثل بطاقات الهاتف؟ لأن هذه واضح أنها “فصلت”