الرئيسية المواضيع سياسة واقتصاد

سلطنة عُمان: لا ترقص ولا تبتذل ولا يصحح لها احد كلمتها.. دولة خليجية خارج سوق ترامب

  • خاص AF
  • منذ 4 أسابيع - Friday 16 May 2025

سلطنة عُمان:  لا ترقص ولا تبتذل  ولا يصحح لها احد كلمتها.. دولة خليجية خارج سوق ترامب
منى صفوان
صحافية وكاتبة- رئيسة تحرير عربية فيلكسAF

AF

في عالم عربي مضطرب، تتصدر فيه بعض الدول العناوين بإثارة الغبار حول “التحالفات الكبرى” و”الصفقات التاريخية”، تقف سلطنة عُمان بهدوء في خلفية المشهد، لا تلهث خلف الأضواء، ولا تتراقص على أنغام الإملاءات الخارجية، خصوصًا تلك التي تأتي من واشنطن أو البيت الأبيض أيام دونالد ترامب.

 

 

 

الدبلوماسية العُمانية: الحكمة بدل الاستعراض

 

 

 

سلطنة عمان، بقيادة السلطان الراحل قابوس بن سعيد ومن بعده السلطان هيثم بن طارق، اتبعت سياسة خارجية قائمة على التوازن والحكمة والوساطة، لا على المزايدات أو الاستفزازات. لم تُعرف السلطنة يومًا بأنها دولة تلهث خلف “الرضا الأمريكي”، بل اتخذت لنفسها طريقًا مستقلاً يُراعي مصالحها ومبادئها، دون الدخول في تحالفات مُذلّة أو اصطفافات مبتذلة.

 


ففي الوقت الذي انخرطت فيه بعض الأنظمة الخليجية في سباق محموم لنيل رضى إدارة ترامب، عبر صفقات بمليارات الدولارات، واستعراضات بروتوكولية مبالغ فيها، وتطبيع مجاني مع الاحتلال الإسرائيلي، كانت عُمان تمارس صمتًا استراتيجياً. لم تتنكر لمواقفها، ولم تتورط في عروض الطاعة، بل حافظت على تقليدها العريق: دور الوسيط النزيه، لا التابع المطيع.

 

 

 

رفض الابتذال: موقف لا شعار

 

 

 

لم تنجرّ السلطنة إلى مشاهد الاحتفال الصاخبة التي رافقت زيارة ترامب إلى الرياض مثلاً، والتي تحولت إلى ما يشبه “عرض ولاء جماعي”. لم تقدم نفسها كبوق دعائي لإدارة أمريكية أرادت تحويل الخليج إلى ملعب شخصي. عُمان اختارت أن تحافظ على كرامتها الدبلوماسية، وأن تظل صوتًا يعبر عن سيادة القرار، لا صورة في خلفية مسرح السياسة الأمريكية.

 

 

 

من اليمن إلى إيران: عقلانية لا تابعة

 

 

 

في أكثر الملفات الإقليمية تعقيدًا، مثل الحرب في اليمن أو التوتر مع إيران، لعبت مسقط دورًا متميزًا. لم تدخل في محور الحرب، بل سعت إلى تقريب وجهات النظر، واحتفظت بعلاقات متوازنة مع جميع الأطراف. لم تتبع سياسة “إما معنا أو ضدنا” التي روّجت لها واشنطن، بل آمنت بأن قوة الموقف تكمن في الاستقلال لا في التبعية.

 

 

 

ماذا تعني عُمان لنا اليوم؟

 

 

 

في زمن التطبيل السياسي، تشكل سلطنة عُمان مثالًا نادرًا لدولة عربية تعرف متى تصمت، ومتى تتكلم، ومتى ترفض. لا تقدم الطاعة على السيادة، ولا تساوم على ثوابتها من أجل “صورة تذكارية مع ترامب”، أو عقد صفقات سلاح تُستخدم ضد شعوب عربية أخرى.

 


عُمان اليوم تذكّرنا بأن الكرامة السياسية ليست عملة نادرة، بل خيار متاح، متى توفرت الإرادة والاتزان. وأن الرقص على حبال الرضا الأمريكي قد يجلب التصفيق، لكنه لا يجلب الاحترام

AF