منذ شهر - Thursday 17 April 2025
AF
لطالما كان الردع العسكري حكرًا على الدول الكبرى، عبر امتلاك قدرات تكنولوجية متفوقة أو تحالفات عابرة للحدود. لكن أنصار الله، بمحدودية إمكاناتها الظاهرة، استطاعت فرض معادلة جديدة: “ردع غير متماثل، مرن، ورمزي.”
هجمات بطائرات مسيّرة بدائية لكنها دقيقة.
صواريخ بحرية محلية الصنع تُصيب أهدافًا مدنية وتجارية بدقة مزعزعة.
حرب أعصاب ضد الشحن العالمي، دون الحاجة لخوض معركة بحرية تقليدية.
الجماعة قلبت المفهوم الكلاسيكي للردع: فبدلًا من “الردع عبر التفوق”، مارست الردع عبر الفوضى المحسوبة، وأجبرت خصومها على الدخول في دائرة دفاعية.
“باب المندب”… نقطة التقاء الرمز والجغرافيا
التحرك الحوثي في البحر الأحمر ليس عشوائيًا. فباب المندب ليس مجرد ممر مائي استراتيجي، بل يمثل رمزًا للسيطرة الرمزية على مفاصل الاقتصاد العالمي، ما يمنح الجماعة أوراق ضغط تفوق حجمها العسكري.
وبينما تحاول الولايات المتحدة تأمين الممر الملاحي عبر عمليات “حارس الازدهار”، نجحت أنصار الله في إعادة صياغة طبيعة التهديد: من خطر عسكري مباشر إلى ضغط نفسي–اقتصادي مستمر
جزء من نجاح الردع الحوثي يعود إلى بنية الجماعة نفسها:
فهي لا تمتلك قواعد عسكرية ضخمة يسهل استهدافها.
وتنتشر ضمن تضاريس جغرافية وعرة ومعقدة، تتميز بها اليمن .
اضافة انها تعتمد على منظومة قيادة ميدانية مرنة يصعب شلها.
هذه الخصائص جعلت أي رد عسكري أمريكي أو إسرائيلي عالي الكلفة وقليل التأثير، خصوصًا في ظل الفشل الاستخباراتي المستمر في اختراق البنية الحوثية.
أنصار الله لا يحاربون فقط بالصواريخ، بل أيضًا بالصمت، بالتوقيت، وبالرسائل الرمزية من خلال، هجمات متقطعة ومفاجئة تُبقي العدو في حالة ترقب دائم.
وتصريحات مشحونة بالعقيدة والرمزية تعطي طابعًا وجوديًا للمعركة، ورفض الرد المباشر أحيانًا لخلق حالة من الحيرة لدى الخصم.
هذه الحرب النفسية المنظّمة أعادت تعريف مفهوم الردع، ليس فقط عبر التهديد، بل عبر القدرة على إبقاء المعركة مستمرة دون الوصول إلى نقطة الحسم.
في البحر الأحمر، لم تعد القوة تحسمها حاملات الطائرات أو أنظمة الدفاع الجوي، بل القدرة على إدارة الخوف، التأثير على الاقتصاد، وتوجيه الضربة الرمزية في الوقت المناسب.
أنصار الله أعادوا تعريف الردع في سياق غير متماثل، وفرضوا على القوى الكبرى التعامل معهم ليس كميليشيا، بل كلاعب يُجيد التفاوض بلغة النار والرموز معًا
سلام على