منذ أسبوعين - Saturday 04 January 2025
AF
في تطور قضائي غير مسبوق في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية، كشفت صحيفة "الجارديان" البريطانية عن قرار القاضي، خوان ميرشان، تحديد العاشر من يناير المقبل موعدًا للنطق بالحكم على الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب في قضية الأموال الصامتة، وذلك قبل أيام معدودة من تنصيبه رئيسًا للولايات المتحدة، في حين يضع هذا الحدث التاريخي النظام القضائي الأمريكي أمام اختبار غير مسبوق، حيث سيكون ترامب أول رئيس في تاريخ البلاد يتولى منصبه، وهو يحمل سجلًا جنائيًا.
في تفاصيل مثيرة كشفت عنها الجارديان، تعود خيوط القضية إلى الأسابيع الأخيرة من الحملة الانتخابية الأولى لترامب عام 2016، إذ وجهت إليه 34 تهمة تتعلق بتزوير سجلات تجارية.
وترتبط هذه التهم بمخطط معقد لإخفاء شراء صمت ممثلة إباحية، التي هددت بكشف تفاصيل علاقة مزعومة جمعتها بترامب قبل سنوات من ترشحه للرئاسة.
وحاول فريق ترامب القانوني منع نشر هذه المعلومات التي كان من شأنها التأثير على فرصه في الانتخابات الرئاسية آنذاك.
وفي قرار قضائي مفصل امتد على 18 صفحة، رفض القاضي ميرشان، طلب ترامب بإسقاط القضية، مؤكدًا أنه لا يوجد "عائق قانوني" يمنع من إصدار الحكم.
وأشار القاضي إلى أن إتمام هذه القضية قبل تنصيب ترامب في العشرين من يناير يخدم مصلحة العدالة ويؤكد مبدأ سيادة القانون.
ومع ذلك، أشار القاضي إلى أنه لن يصدر حكمًا بالسجن، مقترحًا بدلًا من ذلك ما وصفه بـ"التسريح غير المشروط"، أي عدم فرض عقوبة السجن أو غرامة مالية أو فترة مراقبة.
أثار القرار القضائي جدلًا واسعًا حول العلاقة بين السلطة التنفيذية والقضائية في الولايات المتحدة، إذ دفع فريق ترامب القانوني بأن المضي قدمًا في القضية، من شأنه خلق "اضطرابات" غير دستورية تعيق قدرة الرئيس المنتخب على إدارة البلاد.
ونقلت الجارديان عن المتحدث باسم ترامب، ستيفن تشيونج، تصريحات حادة وصف فيها القضية بأنها "غير قانونية"، وطالب برفضها فورًا، مؤكدًا ضرورة السماح لترامب بمواصلة عملية الانتقال الرئاسي دون عوائق.
في المقابل، قدم مكتب المدعي العام في مانهاتن، ألفين براج، عدة مقترحات للتعامل مع هذا الوضع غير المسبوق، بما في ذلك إمكانية تأجيل إصدار الحكم حتى نهاية فترة رئاسة ترامب المتوقعة في 2029، أو ضمان عدم إصدار حكم بالسجن.
وخلص القاضي ميرشان في قراره إلى أن الحصانة الرئاسية التي تحمي الرؤساء من المحاكمة عن "الأعمال الرسمية" لا تنطبق على الرئيس المنتخب، موضحًا أن "الرئيس المنتخب لا يُسمح له بالاستفادة من الحماية الممنوحة لشاغل المنصب الرئاسي".
تأتي هذه التطورات في سياق أوسع من التحديات القانونية التي يواجهها ترامب، إذ كشفت الجارديان أن الرئيس المنتخب واجه ثلاث قضايا جنائية أخرى في عام 2023، تتعلق إحداها باحتفاظه بوثائق سرية، بعد مغادرته البيت الأبيض، بينما ترتبط القضيتان الأخريان بمحاولاته المزعومة لقلب نتائج انتخابات 2020.
وعلى الرغم من أن وزارة العدل قررت إسقاط القضيتين الفيدراليتين بعد فوزه في الانتخابات الأخيرة، إلّا أن قضيته الجنائية في ولاية جورجيا لا تزال معلقة، مما يضيف المزيد من التعقيد إلى وضعه القانوني.
يُشكل هذا التطور القضائي سابقة تاريخية في النظام السياسي الأمريكي، إذ سيشهد تنصيب أول رئيس في تاريخ البلاد يحمل سجلًا جنائيًا.
وتثير هذه الحالة غير المسبوقة تساؤلات عميقة حول العلاقة بين السُلطات الثلاث في النظام الأمريكي، وكيفية الموازنة بين متطلبات العدالة والاعتبارات السياسية، كما تطرح تحديات دستورية وقانونية جديدة قد تؤثر على مستقبل المؤسسة الرئاسية والنظام القضائي في الولايات المتحدة.