منذ شهرين - Thursday 03 October 2024
AF
فشلت امريكا في ضبط ايقاع المنطقة الاهم في العالم، برغم تحشيدها العسكري فيها منذ 3 عقود، وخاصة بعد سقوط النظام الايراني الموالي لامريكا قبل 4 عقود، والذي كان يقوم بدور شرطي المنطقة، ولم تستطع امريكا خلق شرطي بديل من حلفائها العرب، يقوم بذات المهمة الايرانية، ليقلل من تكلفة الخسائر الامريكية.
كانت ايران الشاه تقوم بالوكالة بقمع التمردات والثورات، التي تندلع ضد نظام الحكم في الخليج، وتسير علاقة دول الخليج ببعضها، وتقدم الدعم اللوجيستي لاسرائيل وامريكا ضد الانظمة العربية المعادية لها كالعراق ومصر وسوريا.
ومنذ تغير دفة السياسية الايرانية بعد الثورة، تغير شكل المنطقة، واصبح الاخطر على امريكا هو الانشقاق بين الحلفاء الذين كانوا اشقاء، وما ظهر من صراع خليجي – خليجي ، اضافة الى تفلت الامور امنيا داخل دول الخليج، مما لايهدد استقرارها فقط، بل ايضا مصالح امريكا.
وكان لحلفاء امريكا دور في اثارة الفوضى في منطقتهم وعقر دارهم، وكأنها لعنة النفط دارت عليهم، بتفجير حروب عبثية اهمها الحرب على اليمن، وهي التي جعلت اليمن يكسر الحاجز للمرة الاولى في تاريخه، ويعلن ضرب واستهداف العواصم الخليجية المعتدية.
فاليمن اليوم يمتلك حق المواجهة والرد، لوقف العدوان عليه والحصار الاقتصادي، بعد الحرب السعودية – الامريكية عليه، وسكوت النظام العربي الرسمي.
فلم يعد هناك خليج واحد يقف بوجه ايران، وانتهى زمن التعاون الخليجي، حيث انشيء مجلس التعاون الخليجي باقتراح امريكي لمواجهة ايران، اليوم هناك قطيعة خليجية بين مجلس التعاون، وصراع وحصار وحروب باردة.
كل هذا بالتاكيد ليس في صالح امريكا وتواجدها في الشرق الاوسط، فهي لاتعتمد اليوم على خليج قوي، خليج غير قادرة على حماية نفسه، من ضربات ايران وحلفائها، وتطالب بالحماية الامريكية، التي تكلفها الكثير من هيبتها السياسية واقتصادها
ان صعود القوة العسكرية اليمنية – الحوثية، قرب الحدود السعودية، حول السعودية الى طرف ، بعد ان كانت هي المرجع في كل القضايا اليمنية والصراع اليمني الداخلي، وفقدان السعودية لموقعها كمركز اجماع، قلل من قيمتها في الشرق الاوسط، كقطب اقليمي، فهي اليوم ليست محل اجماع خليجي ، ولا عربي، وليست سيدة المنطقة، كما كان يعد لها الامريكان لتحل محل الشرطي الايراني الغائب، لحماية مصالح امريكا واسرائيل.
الطائرات اليمنية – الحوثية اليوم تستهدف عمق المصالح الامريكية (منشات النفط السعودية) ان هذا الاستهداف هو منعطف جديد في خارطة الصراع، فلاول مرة يتم استهداف هذه المنشات الحيوية التي يقوم عليها الاقتصاد السعودي.
ان النفط هو الركيزة الاساسية للقوة السعودية اقتصاديا وسياسيا وعسكريا ، القوة التي اشترت بها القرار العربي الرسمي، واصبح هي المحرك في اي رد فعل عربي خلال العقدين الاخيرين، واستهداف هذه المنشات رسالة واضحة الى الولايات المتحدة، ان حلفائها الذين اشعلوا النيران في المنطقة لن يكونوا بعيدين عن دائرة النيران.
القوة النفطية التي اشترت اغلى الاسلحة في العالم، لقتل ملايين اليمنيين، ولتصفية القضية الفلسطينة، وكل قضايا الامة، واجهاض الثورات، ودعم الانظمة العربية التابعة لامريكا.
لقد استطاعت حركة انصار الله الحوثية ان تقلب الطاولة على الجميع خلال اعوام قليلة، وتنتقم لنصف قرن من خيانة المال العربي النفطي للقضايا العربية، وتشارك في رسم السياسات في المنطقة، ومن خلال عملياتها النوعية التي سبق وهددت بها، تعيد ترتيب اولويات الصراع في المنطقة الملتهبة.
اليمن لم يكن سهل الهضم، لقد خرج من بطن الحوت، واصبح يعقد تحالفات اقليمية ندية، واحرق العباءة السعودية، وزاد هذا من التهديد الايراني، بمعنى ان حرب اليمن كان اثرها عسكيا على التيار الامريكي، ووجدت امريكا نفسها اليوم في فوهة المدفع تتوعد بالرد على ايران، بعد استهداف الحليف الاقتصادي الذي يمول كل عملياتها العسكرية في المنطقة منذ التسعينيات.
ان تواصل عمليات يمنية من هذا النوع، لن يتحملها الاقتصاد السعودي، ولا الحليف الامريكي، وفي الضفة الاخرى تجلس ايران متاهبة لاي رد فعل بل ومتشوقه له، بعد اعلانها عن زوراقها العسكرية الانتحارية المحملة بالصورايخ والقادرة على تدمير المدمرات الامريكية في الخليج، الرد من هذا النوع اقل تكلفة واكثر تدميرا، وسبع طائرات مسيرة يمنية صغيرة، تدخل ضمن هذه المدرسة في الرد العسكري، حيث لاتحتاج اليوم الا لاقل اسلحة حجمها وتكلفة، لتحلق وتحلق تدميرا باكبر الاهداف العسكرية.
لذلك فليس من الصحيح حساب فارق القوة بفارق التسليح، بل بالقدرة على الحاق الضرر، وحرب اليمن خير نموذج لهذه المدرسة.
كاتبة يمنية