منذ شهرين - Sunday 22 September 2024
AF
إن فلسطين، وهذه مسألة بالغة الأهمية، لا يمكن أن تعود إلى عروبتها بمغامرة عسكرية محدودة، يقدر أي قائد أن يخوضها ذات صباح، فلا يكون عليه غير أن يعطي الإشارة لجنوده فيكسروا خط الهدنة ويمضوا بعده إلى تل أبيب.
لن تكون هكذا أبداً معركة فلسطين.
وإنما ستكون المعركة، صراعاً عالمياً واسع المدى، لابد أن توضع فيه قوى الأمة العربية كلها وطاقاتها وإمكانياتها حتى يمكن إحراز النصر بطريقة لا شك فيها ولا ظل لشك.
وهذا التوازن يزداد دقة كل يوم ويزداد حساسية.
ولقد وصل في دقته وحساسيته إلى أنه لم يعد في مقدور أحد اليوم أن يقرر حمل السلاح لحل مشكلة تواجهه.
ولقد يكون في طاقة أي قائد اليوم أن يقرر الساعة التي يدخل فيها الحرب ضد أي عدو من أعداء وطنه، لكنه لم يعد بيده أن يقرر متى تنتهي الحرب... ولا كيف تنتهي؟
ذلك كله لا يخضع لإرادته وإنما يخضع لظروف توازن دولي أقوى من إرادة أي فرد.
إن كوبا على حد التعبير الشائع تقع على مرمى حجر من شاطئ الولايات المتحدة الأمريكية وخطرها عليها من وجهة النظر الأمريكية ليس موضع جدال، ومن ناحية أخرى فليس موضع جدال أن الولايات المتحدة الأمريكية هي من أقوى القوى العسكرية في العالم اليوم، بل لا يماثلها في القوة غير الاتحاد السوفيتي.
ومع ذلك فإن الولايات المتحدة الأمريكية لا تقدر على حل مشكلتها مع كوبا عن طريق الغزو المسلح بالطريقة السهلة التقليدية!
محمد حسنين هيكل – بصراحة - بتاريخ 16-11-1962