منذ 6 أشهر - Friday 20 September 2024
AF
الاختراق غير المسبوق من اسرائيل لجسد حزب الله التنظيمي ، ليس دليلاً على فارق ذكاء وتفوق تقني، بل هو دليل فارق "امتلاك " للتقنية واستحواذ عليها، وامتلاك لطرق الاستخبارات القديمة، وأساليبها التقليدية في الخداع والشركات الوهمية، وهذا ليس ذكاءاً ، بل نصب واحتيال.
فمن يمتلك الشيء قادر على ادارته، والتفكير باستخدامه كسلاح، بعقلية المجرم، القاتل، اما عقلية المقاتل فهو لا يقاتل الا بالسلاح العسكري ، وليس عن بُعد، بل بمواجهة معلنة ، وبصاروخ موجه، وامام وجهك، ووجهاً لوجه من المسافة صفر.
وان كنت تسمي هذه الطريقة "حروباً كلاسيكية" فان الطريقة الإسرائيلية ليست حروباً على الاطلاق، بل أعمال اجرامية.
صحيح لا نملك التفوق التقني، والقدرة على الاختراق، والحرب عن بُعد، لكن هذا لايعني انه ليس لدينا عقول تفكر، ورجال شجعان تواجه الوحش نداً لند، في عقر داره عن قُرب، لتوقض مضجعك، وتواصل بحثك وهي تفاجئك.
بلحمك الحي تفتدي القضية، وبنور عينك، تضيء الطريق، لقد سجل التاريخ ابطالاً كثر ، صنعوا ملاحم عظيمة ، لكن مثل بطولتك واسطورتك لم تر عيني، وهذا ليس كلام الاساطير، اننا نراه امامنا في نشرات الأخبار.
بعدما رأينا حقيقة البطولة، فهمنا " لماذا يخفونكم عنا" هذا ما قاله كثير من الاطباء في المستشفيات البيروتية ، خارج بيئة المقاومة، حيث احتكوا لاول مرة مع مقالتين من الطراز النادر.
لقد اعيد خلق جسد المقاومة الممتد من لبنان وفلسطين الى اليمن، لذلك توقع عمليات حربية مشتركة. بعد ضربة الغدر الاسرائيلية.
فضربة اسرائيل ، لم توجه لجسد حزب الله في لبنان فقط ، بل لكل جسد المقاومة الضخم الذي يبدأ في فلسطين ، ويمتد حتى يصل لليمن.
هذا الضربة على قوتها، لم تؤثر على حركة هذا الجسد ، لقد نهض امامنا واستعاد لياقته وطاقته العسكرية.
وسيبقى حياً، وقادراً على اعادة رسم الخارطة الحربية كما يريد ويقرر هو كفعل وليس كرد فعل.
ما حدث يصور بأنه فارق معلوماتي واستخباراتي ضخم، قدرة على ابتكار طرق قذرة ، غير مسبوقة في القتل، سيطرة شبه مطلقة على كل منافذ العالم الصناعية والتجارية والمعلوماتية، الامساك بالفضاء، والارض، وبالاثير، والتحكم عن بُعد، بكل كلمة منطوقة او مسموعة عبر كوكب الارض، وخارجه، قوة وهيلمان طاغي بلاشك، مسخر بالكامل للاجرام والقتل والظلم، فمن المجنون الذي سيواجه ذلك، ليدافع عن قيم الحق والحرية؟
وامام هذا الطيغان يواصل البطل القتال، وتنهض المقاومة مجدداً من تحت الركام والأنقاض، والنار، لتصوب مجدداً للهدف! ولم يعد في هذه الامة الميتة أي علامة للحياة، الا جسد المقاومة الذي ينبض.
ضربة اسرائيل لحزب الله، بكل مافيها من لؤم وقوة، وبقدر ما اشاعت الخوف، واظهرت فارق التطور، والقدرة على الاختراق المعلوماتي، الا انها برغم كل هذا، جددت شباب المقاومة ، بزيادة حجم التحدي، تشعر ان المقاومة استعادت شبابها، حتى وهي مضمدة بجراحها، على سرير المستشفى.
بين كل هذه الجروح والشظايا، مازال التفكير الاستراتيجي حاضراً، لا انجرار لغضب ورد فعل غير مدروس، ولا احساس بعجز وضعف، بسبب فارق التفوق!
المقاومة فكرة، يجسدها رجال يعيشون حياتهم في الظل، يؤمنون بعقيدة تظهر في تحليل دمهم، انهم موعودن بالنصر، وان القلة الشجاعة تهزم الكثرة الجبانة.
وبلغة التاريخ نعم، حدث هذا لكل الامبراطوريات الزائلة، التي صارعتها قوى جديدة شابة وفتية.
فاسرائيل جزء من امبراطورية كبيرة، دخلت مرحلة الزوال، الامبراطورية والحضارة الغربية، امامها مقاومة اصغر سناً وحضوراً، وفي علم السياسة والاجتماع، القوى الجديدة تهزم القوى القديمة رغم فارق القوة، وهذا الكلام العلمي قبل ان يكتبه ابن خلدون، كتب في القران، لذلك تشكل العقيدة وقوداً لدى جسم المقاومة الاسلامية، الممتد من فلسطين ولبنان الى ابعد نقطة يمنية، فكلها جماعات دينية ، وهي التي تشكل جسم المقاومة الاسلامية.. في اكثر من بلد معلن وغير معلن.
نحن حالياً، لا نملك التفوق التقني، والقدرة على الاختراق، والحرب عن بُعد، لكن هذا لايعني انه ليس لدينا عقول تفكر، ورجال شجعان تواجه الوحش نداً لند، في عقر داره عن قُرب، لتوقض مضجعك، وتواصل بحثك وهي تفاجئك
في زمن البطش، والمجازر والإبادة الجماعية، زمن البطولة مازل موجوداً، وحي يرزق، ومازال هناك قيمة للحق ، والصدق مع الله ومع الذات.
الدفاع عن قيم العدالة والحق، في وجه اكبر واقوى قوى الشر في التاريخ، ليست امراً بسيطاً، اننا نجاور في لبنان وفلسطين، رجال يصارعون اقوى قوّة كونية، سخرت للشر المطلق، للجريمة، لتحويل الحقيقة لاشلاء.
ظهر حجم الوحش الاسرائيلي اكبر بكثير ، مما نعتقد ، وهذا اكبر تحفيز لمواصلة مواجهته ومقاومته، بأكثر مما يتوقع.
ان مواجهة رجال المقاومة، لاسرائيل وامريكا، بندية، مهما كانت الضربات موجعة، قاتلة، يجسد امامنا ملحمة اسطورية، ان جسدت سينمائياً سنراها ، ابداع من خيال الكاتب والمخرج!
السلاح الاقوى في عالمنا هو الايمان ، وليست التقنية، فحتى اينشتاين توقع، ان ينتهي عصر السلاح ،بسبب هذه الطريقة الاجرامية باستخدامه، وان يعود الناس للحروب بالعصي!
سلام