خبر كشف السيول لاثار الجوف غير صحيح ..وهذه هي الحقيقة

  • منذ سنة - Sunday 11 September 2022

خبر كشف السيول لاثار الجوف غير صحيح ..وهذه هي الحقيقة
منى صفوان
صحافية وكاتبة- رئيسة تحرير عربية فيلكسAF

ماهي قصة معبد الجوف؟

خلال الايام والساعات الماضية ، انتشر خبر مجهول المصدر ، يتحدث عن ظهور اثار في الجوف بسبب السيول، لم ينسب الخبر لاي مصدر ، مما جعلنا في AF نشكك بمصداقيته، ونتتبع خيوطه، لنكتشف حقيقة صور معبد الجوف والقصة خلفها..


وكانت الاسئلة تطرح، لماذا قد يلجاء احدهم لخبر مفبرك، يضر بقضية الاثار، التي تعاني النهب والسرقة والاهمال والان الاشاعات.

لا يوجد لدينا اعلام مختصص، ومهني  يهتم بنقل الاخبار الحقيقية عن الاثار، ويساهم في الحفاظ عليها، فالاشاعات  تبعثر الحقائق   

وهنا دورنا

الخبر الذي ظهر في مواقع السوشل ميديا ومواقع يمنية، نقلًا عن ناشطين مجهولين على فيسبوك دون اسماء، وبصور قديمة، ومن ثم بدأت حسابات معروفة باعادة نشره، ومنها حساب السفارة الصينية والدبلوماسي فيصل ابو راس، لم يكن صحيحًا.


 الشيخ فيصل  ابو راس، سياسي وديبلوماسي يمني من عائلة عريقة ،ومن اعيان محافظة الجوف. 

وهي محافظة يمنية عريقة في الشمال الشرقي لليمن، واحدى حواضر اليمن القديم ، وعواصم حضاراته التاريخية

  الخبر الذي نقل بحسن نية عن ناشطين ومدونيين الكترونيين، واخذته عنهم شخصيات عامة وسياسية ، تبين انه غير صحيح، وكانت فرصة لنعرف القصة الحقيقة ونعيد نشرها.

فهذا  الخبر يتناقل في الاعلام الموازي منذ عامين، وكل مرة يتم تداوله على انه خبر صحيح، لكن جزء منه صحيح، وهو انه لمعبد في الجوف، فما هي القصة!


ماهي الحقيقة 
الحقيقة ان الصور حقيقة، وهي لمعبد في الجوف ولكن لم تكشفه السيول لا هذا العام، ولا الاعوام السابقة.

وبرغم فبركة الخبر، فقد اثار تفاعلًا ايجابياً مع قضية الاثار، ونُشر بحسن نية،، وجاء التفاعل معه، من باب الاهتمام بالتاريخ المهمل، وهو الدافع لنا في هذا التحقيق.


معبد فيدرالي

المعبد هو فعلًا  موجود في الجوف، ولكن  الصور تعود ل  مارس ٢٠٠٤ 

هذا ما افادنا به  خبير الاثار  ومستشار الهيئة العامة للاثار والمتاحف الاستاذ  "خالد العنسي" الذي بين لنا  ان هذا الاكتشاف جاء ضمن  عمل مسح اثري  لبعثة فرنسية مع الهيئة العامة للاثار والمتاحف لمدينة السوداء، نشأن قديماً.


فقد تم اكتشاف هذا المعبد خلال عملية المسح الاثري قبل ١٨ عامًا ، وكانت نتيجة المسح ان الوضع في هذا المعبد في الجوف كارثي، فقد اكتشف انه تم نهب الكثير من مقتنياته، وتم الحفر بشكلٍ عشوائي 

وحاول الصندوق الاجتماعي للتنمية، يوليو ٢٠٠٤ بتنفيذ عملية حفر لانقاذ المعبد، الذي كان معبدًا فيدراليًا اي معبد تعبد فيه الاله من كل مناطق الجوف في القرن الثامن قبل الميلاد، ان رمزية المعبد كبيرة جدا ومهمة

كما يقول العنسي  الذي يستند على مراجع تاريخية، افاد بها فريق الانقاذ وقتها المكون من "منير عربشي، وريمي اودوان"

فالمعبد تميز بكثرة النقوش والزخرفات، ونقوش بالمسند تفسر عالم الالهة ، والتي ترجع جذورها للالفين الثالث والثاني قبل الميلاد، بعضها جديدة والبعض الاخر متأثرة بحضارة الشرق القديم

 فقد وجد الفريق نفسه امام اثر فن  ميثلوجي جذوره جاءت من حضارة وادي الرافدين ،وتقولبت لتناسب المكان والزمان.


اذن هذه هي قصة الصورة والمكان والمعبد، الذي شُيد في القرن الثامن ق-م ، واكتشف في مسح اثري في مارس ٢٠٠٤، وجرت دراسته وانقاذه في يوليو ٢٠٠٤ 

وبعد مرور ١٨ عامًا ، مازالت الناس، تجهل قصته ومكانه، وتعيد نشر صوره بحسن نية، ولكن تساهم دون قصد بردم الاثر الحقيقي وقصته.

مجلس اعلى للاثار 

د. عميدة شعلان استاذة الاثار ، في اطار الاستفسار  منها عن صحة الخبر، وقصته، القت اللوم على السلطات في عدن وصنعاء  " هذه الاخبار نشوفها بالفيس، وجزء منها صحيح ، ولكن النتيجة هي الاهمال والضياع، فالسلطة في صنعاء او في عدن لاتتطرق لذلك رسميا فصارت الاخبار بالنسبة لنا محزنة، في ظل غياب الدولة"


الآثار تهرب وتباع في المزادات العالمية ولا حد مهتم، طالبنا ولازلنا نطالب وانا واحدة ممن طرح هذه الفكرة من زمان بإنشاء المجلس الأعلى للآثار، الذي ربما يستطيع حماية ماتبقى في ظل السلطتين، صنعاء وعدن، تحت قبة المجلس الأعلى للآثار.

وكذلك المستشار  والمختص خالد العنسي اشار في حديثه  الى ان اثار اليمن في الجوف ومارب وعدد من المدن التاريخية تعرضت للنهب والاهمال مؤخراً بسبب الصراع.


اليمن متحف مهمل

فهذه هي الحقيقة التي نتفق عليها جميعًا ، فمن سوء الحظ ان المناطق الاثرية  هي  مناطق تماس ونزاع، وبالاصح اليمن كله منطقة اثرية

فكل يوم تتناقل الاخبار عن اكتشاف معبد او اثر، تحت انقاض منزل،  وهذا ما جعل  خبر السيل مصدقاً. 

والسبب انه لايوجد  اعلام مختصص يبحث في اصل الحكاية وينشر الحقيقة، لذا تحرو قبل نشر اي خبر، فالحفاظ على الاثار  يبدأ بنقل اخبارها الصحيحة.