اكتب لكم من هاتفي

  • منذ شهرين - Monday 29 January 2024

منى صفوان
صحافية وكاتبة- رئيسة تحرير عربية فيلكسAF

AF

 

اكتب لكم من تلفوني 

منى صفوان 

عشنا طفولتنا في زمن التلفون ابو قرص، كان التلفون الذي نستلمه من وزارة الاتصالات اليمنية "مجانا" بعد تركيب وتوصيل  الخط للبيت ، لونه احمر فاقع  او اخضر باهت،  وعليه شعار نسر الجمهورية، واسم وزارة الاتصالات

كان التلفون الحكومي ثقيل جدا، كان مربوطا  بأسلاك يصعب من انتقاله من مكان لآخر بسهولة، خاصة لو الخيط قصير
 اماكنة محددة ومعرفة، كغرفة المعيشة، وتستخدمه كل الاسرة، كان رقم التلفون هو نفس الرقم لكل العائلة، انه رقم البيت. 

مع الايام دخلت للاسواق انواع مختلفة من اجهزة التلفون، ألوان واشكال مختلفة، كان سعرها غالي في البداية واقتصرت على الميسورين ورجال الدولة، اعتقد ان اول من غير تلفون الحكومة بشعار النسر ، بالتلفون التجاري الصيني كان المسؤولين والتجار. 

بينما عموم الموظفين والمواطنين فضلوا الاحتفاظ بالتلفون الحكومي الجيد الصنع، وتوفير النفقات الاضافية. 
وزاد التنوع التجاري، وبدا عصر استخدام التلفون ابو ارقام، وأصبح تلفون ابو قرص موضة قديمة، وزاد سعره رخصا، خاصة انه معظمه تجميع الصين. 

وزاد انتشاره، وبدا التلفون ابو قرص بشعار النسر الجمهوري ، الثقيل، يفك ويركب بدلا منه جهاز خفيف ابو ارقام، ألوانه حلوة، وخفيف، وقد يكون بسماعة مفصولة تسهل الحركة والاستخدام الفردي

وهنا حدثت ثورة في عالم الاتصالات، بدخول الاتصالات اللاسلكية، وكانت شركة الاتصالات الحكومية هي الوحيدة التي تعرض الخدمة، وبدا استخدام التلفون اللاسلكي الحكومي الثقيل جدا، والكبير. 

وبدات فكرة وثقافة الاتصالات الفردية " لكل شخص رقم منفصل" وتلفون خاص به، وقت استخدام رقم البيت وتلفون البيت الأرضي 

وهنا وصل   "نوكيا" و "موتوريلا"  الى الاسواق، بمواصفات منافسة للتلفون الحكومي  اللاسلكي  "تلفون شركة الاتصالات الثقيل" 
بعدها دخلت شركات الاتصالات الخاصة، اليمنية والأجنبية ونافست، ولم يعد احد يستخدم الشركة الحكومية
واجهزة تزاد خفة وجمال وتقنية، حطمت تواجد نوكيا، التي أشهرت افلاسها، وتسيدت شركات عالمية للمحمول، غطت الاسواق اليمنية كما العالمية، فأصبح سوق التلفون اليمني جزء من السوق العالمية بالاسعار والمواصفات  .
 
وفي زحمة الاتصالات ، أشهرت شركة يمن موبايل نفسها، كشركة حكومية للاتصالات وفتحت بعدها باب الأسهم، ولم يعني هذا عودة الناس لها

لان الشركة الحكومية تعمل على نظام اتصالات مختلف عن نظام الشركات الخاصة، نظام يعني ببساطة للناس  ان تكون شريحتك مستخدمه فقط في اليمن، ولها تلفون خاص، وبرغم انه اقل تكلفه

الا ان الناس فضلت النظام التجاري، وتنوعت شركاتها وموبيلاتها، وأصبح التلفون جزء مهم في الحياة العصرية، فهو لا يحمل  الرقم فقط، بل الإيميل، والفيسبوك، وقنوات التواصل الاجتماعي المختلفة، وشبكة الانترنت ، ومفكرة الأرقام، والاصدقاء وصور العائلة
اصبح التلفون العالمي هو ذاكرة اليمني، ومفكرته، وقرصه الدوار في هذه الحياة.  

الحياة العصرية التي يعيشها اليمني، بلا حكومة تقريبا، بلا خدمات، تحت انين الحرب والحصار ، يصور ويوثق تفاصيل حياته الماساوية اليومية 
يعيش بشكل منفرد، منفصل عن العالم، ويستخدم نفس الجهاز الذي يستخدم في اي مكان، ويدفع تكاليف هذه الحياة ، ويغطي نفقاتها بنفسه ، كما تغطي شركات المحمول الخاصة سماء اليمن